سلايدرمصر

سامي أبو العز يكتب: ثورة الأطفال في مواجهة الاحتلال

 

سألتني صغيرتي وهي تبكي أمام عروستها المحطمة لماذا يا أبي؟ قلت والفزع في قلبي وعيناي تبحثان في أركان المنزل عن باقي أفراد الأسرة خوفا وهلعا ماذا حدث يا ابنتي؟ أمسكتني بأناملها الصغيرة وهي تنتفض خوفا ورعبا وجذبتني بخطوات ثقال إلى شاشة التلفاز لتشير بأصابعها: انظر يا أبي إلى شهداء الأطفال في غزة! فزادت قلبي لوعة وحسرة واغرورقت عيناي بالدموع لمشاهد ليست بجديدة عليّ، فبحكم مهنتي طوال اليوم أبحث وأتابع.

سامي أبو العز يكتب: لاءات مصر خارطة طريق لإنقاذ العالم
وتاهت الحروف على لساني وتسمرت قدماي وتلعثمت ووقفت عاجزا ماذا أقول لها؟ وكيف أشبع فضولها وأقنعها بما لست به مقتنعا؟ والأهم أن أزيل الخوف من قلبها وأرمم لها عروستها لتذهب إلى فراشها في أمن وأمان.
ولا أخفيكم سرًا أنني ولأول مرة أقف أمامها عاجزا وكل ما استطعت القيام به أن أضغط بأصبعي بشدة على الريموت لأدير القناة، فكان رد فعلها أشد قسوة رمقتني بنظرة بريئة حزينة كلها اتهام، وتفرستني في غيظ وغل من قدمي إلى رأسي وكأني غريب عليها، وتركتني مهرولة إلى أحضان أمها تبحث عن الأمان.
الحقيقة أن طفلتي البريئة ذات الأعوام التي تعد على أصابع اليد أطلقت قذيفة صاروخية ليس في صدري وحدي، ولكن في صدور العرب والمسلمين حول العالم باتهام لن تمحوه الأيام ولن يغفره التاريخ، أو يتجاوزه الزمن، أو تنساه لنا الأجيال القادمة.
ذهبت إليها وانتزعتها من أحضان أمها وضممتها إلى صدري بشدة وقلت لها في صمت القبور: اهدئي يا صغيرتي لا تخافي، فقضيتنا ممتدة والقدس لنا وفلسطين عربية، وما ضاقت واستحكمت حلقاتها إلا وفرجت، وأن وعد الله حق فلا تبالي، فإن عصف بأمتنا الزمان وظهر بها أشباه الرجال فلنا مع الله وعد محتوم ولابد أن يأتي يوم ترد فيه المظالم وتعود الأرض وترجع لأمتنا الإسلامية التي قاربت على 2 مليار مسلم حول العالم هيبتها وكرامتها وعزتها.
واستجمعت قواي لأطيب بخاطرها بكلمات تفهمها حتى لو كانت كذبة بيضاء، وقبل أن أحدثها سمعت صوت أنفاسها مرتفعة وجسدها النحيل يرتعد ووجدتها راحت في سبات عميق، لكنها بلا شك سوف تقضي ليلا طويلا وربما هاجمها كابوس بلون الدم وصوت الصواريخ والقنابل وصور الشهداء، فقرأت لها ما تيسر من كتاب الله ليحميها ويحفظها.
ونظرت إليها بعمق وتفكير عميق وقلت لها: يا ابنتي أنتِ أكثر مني ومن جيلي براءة وشجاعة وثورة حتى ولو كانت ثورة أطفال، فما أجمل ابتسامتك وما أقوى ثورتك التي أوجدت بداخلي تساؤلات كثيرة عجزت عن إجابتها.. فما أقسى العجز والعار في عالم البقاء فيه للأقوياء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *