سلايدرمصر

سامي أبو العز يكتب: المقاطعة سلاح شعبي مؤثر وفعال

تواصل صغيرتي إبهاري بجيل رغم سنواته العمرية القليلة إلا أن انتمائه العروبي يستحق التقدير، حيث منعتني أناملها الصغيرة من تناول قطعة الشكولاتة، مؤكدة أنها تدخل في قائمة السلع التي يجب علينا مقاطعتها دعما لأشقائنا في الأراضي المحتلة، وطالبتني بضرورة تغيير نوع عبوة المياه المعدنية لنفس السبب.

سامي أبو العز: لا تظلموا النعام

وقذفت في وجهي العديد من أسماء السلع الغذائية التي اعتدنا عليها لسنوات، موضحة أن هذه الشركات تدعم الاحتلال في حربه على غزة، ولما قلت لها أن البعض يشير إلى أن المقاطعة تؤثر سلبا على المستثمر المصري الذي دفع الملايين لشراء العلامة التجارية، وعلى مئات العمال والموظفين في تلك المحلات، وجدت نفسي في مرمى أسرتي جميعا في إجماع على أن التوكيل الرئيسي يحصل على نسبة مبيعات وبالتالي تشارك أموالنا في إبادة أشقائنا، فهزموني بالحجة القاضية، والتزمت الصمت، بل وأعدت أولويات شراء مستلزمات المنزل بعد مراجعة دقيقة لقوائم المقاطعة حتى لا أقع في المحظور.

بداية فإن تزايد حملات المقاطعة التي يتسع نطاقها في الوطن العربي أصاب العديد من المحلات الشهيرة في مقتل، وشهدت الأسابيع الأخيرة دعوات متنامية لمقاطعة منتجات الشركات الداعمة لإسرائيل والعلامات التجارية للدول المساندة للاحتلال، خاصة بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى.

وبات العديد من فروع هذه المحلات خاليا من العملاء في عدد من الدول العربية وخاصة مصر، ولم تفلح حملات بعض هذه الفروع بالإعلان عن تبرعات موجهة إلى فلسطين لتضارب موقف الفروع مع الشركات الأم، بل امتد سلاح المقاطعة لشعوب بعض الدول الأجنبية الرافضة لسلوك الاحتلال الدموي في الأرض المحتلة، لتدعم الشعوب العربية في حربها الاقتصادية ضد إسرائيل.

عام 1952 بدأت العديد من الدول العربية في مقاطعة المنتجات الأمريكية، بسبب دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، الأمر الذي أجبر الشركات الأمريكية على مقاطعة العمل في إسرائيل.

وفي 2 يناير عام 1977، وصل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر إلى البيت الأبيض وكان السبب الرئيسي لفوزه على فورد هي وعوده لجماعة الضغط اليهودية بأن يكافح المقاطعة العربية للشركات الأمريكية التي تعمل مع الإسرائيليين، وقبل نهاية العام أقر قانون بمنع الشركات الأمريكية من الاستجابة للضغوط العربية لعدم التعامل مع الإسرائيليين.

المقاطعة العربية للإسرائيليين كانت رسمية وترعاها جامعة الدول العربية وتتمثل في ثلاث أشكال:

أولا: مقاطعة أساسية وتعد مقاطعة مباشرة للاحتلال الإسرائيلي وبدأت عام 1945.

ثانيا: المقاطعة الثانوية، وكانت تستهدف الشركات الأجنبية التي تعمل مع الاحتلال وتلعب دورا في تعزيز قدرته السياسية أو العسكرية، وكانت توضع هذه الشركات في قائمة سوداء لحظر التعامل معها، وهذا النوع من المقاطعة بدأ العرب تنفيذه في عام 1950.

ثالثا: المقاطعة الثالثية ظهرت في عام 1954، وقاطع خلالها العرب الشركات الأجنبية التي تعتمد على خدمات أو معدات لشركات مدرجة في القائمة السوداء.

الإجراءات التي اتخذها كارتر وكل الرؤساء اللاحقين للولايات المتحدة استهدفت القضاء على المقاطعتين الثانوية والثالثية، وظل الوضع على هذا الحال حتى أوقفت الدول العربية المقاطعة لإسرائيل في منتصف التسعينات.

بعد ذلك ظهرت المقاطعة الشعبية يقودها المستهلكين العرب أنفسهم بعيدا عن الحكومات مستهدفين الشركات الأجنبية التي تتعاون مع الاحتلال بصورة أو بأخرى، وينطبق هذا على ما يحدث الآن لشركات الدول الحليفة للاحتلال الذي يقود الحرب على غزة وعلى رأسها أمريكا.

باختصار.. المقاطعة سلاح شعبي مؤثر وفعال تستخدمه الشعوب لدعم حكوماتها أو التمرد عليها، تتخلى خلالها عن حاجاتها الأساسية ومصلحتها بهدف الدفاع عن أهالي فلسطين في مواجهة هجمات بربرية شرسة، وذلك من خلال مقاطعة الشركات لوقف تعاونها مع اليهود.

تبقى كلمة.. المقاطعة سلاح شعبي رادع يؤثر بديمومته بصورة كبيرة على الشركات الداعمة للاحتلال ويلحق بها خسائر كبرى، ورب ضارة نافعة، فهذه فرصة للشركات المحلية لتظهر إنتاجها كبديل قوي للأجنبي، وتستوعب العمالة المصرية المتضررة، ونأمل ألا نكون المستجير من الرمضاء بالنار فنقع في شباك المستغلين وأباطرة الأزمات.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *