مصر

سامي أبو العز يكتب: التجويع أسلوب جديد للحرب في غزة

 

هل تكفي المواد الإغاثية احتياجات أهل غزة؟ والأهم هل يسمح الاحتلال الذي يقوم بعمليات إبادة جماعية بمرورها إلى القطاع حتى ولو كانت على طريقة «كل واشرب وتمنى قبل الإعدام»؟.. الحقيقة أن ما يدخل غزة من المواد الإغاثية يعادل 10% فقط من احتياجات الأهالي، وأن المحتل الغاصب وجنوده لا تشبع رغباتهم إلا بحور الدماء في أرض الأنبياء.

الوضع في غزة يكشفه تقرير حديث صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة يبين أثر المجاعة التي يعيشها 2.3 مليون فلسطيني في القطاع انقطعت بهم السبل والرجاء جراء حصار تام تحت الثالوث القاتل «جوع – عطش – مرض»، ولا مفر أمامهم من الموت جوعا إلا الموت شهادة والارتقاء إلى السماء.

التقرير أوضح ان أهالي غزة وصلوا إلى مستوى أشد تدهورا من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، وأنهم يواجهون جوعا كارثيا في حال استمرار الصراع العنيف وتقييد وصول المساعدات الإنسانية.

وفي سياق متصل حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من انتشار الجوع والأمراض في غزة في ظل عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر لأكثر من 75 يوما داعيا إلى وقف فوري لإطلاق النار.

الجوع وفقا غيبريسوس، يضعف دفاعات الجسد ويفتح الباب أمام العديد من الأمراض القاتلة، كاشفا أن غزة تشهد معدلات مرتفعة لتفشي الأمراض وحالات الإسهال بين الأطفال التي تضاعفت 25 مرة خلال المعارك مما ينذر بانتشار حالات الموت بين الأطفال بسبب سوء التغذية.

وقالت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة، أن نسبة الأسر المتأثرة التي تواجه مستويات أزمة الجوع في غزة هي الأعلى على الإطلاق على مستوى العالم.

تجويع الفلسطينيين وسيلة إسرائيلية دنيئة لقتل المدنيين في غزة أو إجبارهم على التهجير والنزوح بهدف تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، وتلجأ إسرائيل إلى سلاح تجويع المدنيين في غزة كأسلوب جديد للحرب، حيث يمنعون وصول الماء والغذاء والوقود ويعرقلون المساعدات عمدا.

باختصار.. اللجوء إلى التجويع في حالات الاحتلال العسكري يصنف على أنه جريمة حرب بحسب اتفاقية جنيف الرابعة التي تفرض على سلطة الاحتلال استخدام كل ما لديها من وسائل لتأمين الغذاء والإمدادات الطبية للسكان وفقا لموقع منظمة هيومان رايتس ووتش.

تبقى كلمة.. إسرائيل تعمل وفق مخطط تدميري بعناية وكل شيء محسوب له تماما ولا تترك أمرا للصدفة.. جيش الاحتلال دمر وخرب وهدم المدارس والجامعات والمساجد والكنائس والمنازل والمستشفيات والمصالح الحكومية وحول المدينة إلى مدينة أطلال فوق بحور من دماء الشهداء مرتكبا كل جرائم الحرب ليصل إلى ما يصبوا إليه.

الآن بعد الهجوم والقتل والتدمير جاء دور تجويع الغزيين في أزمة غير مسبوقة، وبات الحصول على قطرة مياه تروي الشفاه اليابسة أو كسرة خبز تسد جوع طفل يصرخ ويتألم بات أشبه بالمهمة المستحيلة.

أهالي غزة ودعوا حياة الحضر مجبرين بالرجوع عشرات السنوات إلى الوراء ليعيشوا تحت الأنقاض وفي الخلاء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويعالجون مرضاهم بالوصفات البدائية ويربطون الحجر على بطونهم هربا من الجوع، ويعشمون أطفالهم بالطعام عبر أوانيهم الفارغة، كل ذلك يحدث تحت لهيب السماء الحارقة والأرض المرتجفة وأصوات المدافع التي لا تتوقف.. ولا يدري أحدهم أيموت شهيدا أم يقضي حتفه جوعا.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *