تمهيدا للاجتياح البري اليهودي لرفح، أعلنت إسرائيل على طريقة الذئب الذي يرتدي ثياب الواعظين الأبرار أنها ستشتري خياما لإيواء 500 ألف من سكان غزة، وطرحت مناقصة لشراء 40 ألف خيمة تتسع كل منها لـ12 شخصا، وفقا لبيان أعلنه الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع الإسرائيلية الثلاثاء الماضي.
سامي أبو العز يكتب: رفح بين العيد والاجتياح البري
إسرائيل في حملتها المرتقبة على رفح التي تأوي أكثر من 1.4 مليون نازح فلسطيني خلاف سكانها الأصليين تستعد لإيواء ما يقرب من ربع السكان والنازحين قبل تسويتها بالأرض، على اعتبار أن باقي السكان في تعداد الشهداء، وتمضي في غيها غير عابئة ولا تقيم وزنا للمجتمع الدولي ولا لحملة لواءات الشجب والاستنكار وضبط النفس.
جيش الاحتلال الذي سحب بعض قواته من مدينة خان يونس جنوب القطاع مؤخرا قبل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي الاثنين الماضي عن تحديد الموعد النهائي لاجتياح رفح، أعلن أن الهجوم البري الشامل مخطط له على نطاق واسع.
وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية خطة إسرائيل السرية وراء سحب قواتها من جنوب غزة الأحد، مع الاحتفاظ بقوة أصغر لمواصلة العمليات، أنها محاولة لخروج المسلحين من مخابئهم، وأرجع ضباط يهود السبب إلى حالة الإرهاق القتالي التي أصابت جنود الجيش، وأن الأمر لا علاقة له بحسن النية تجاه مفاوضات صفقة تبادل الأسرى ولكنه تجنب لتعرض حياة الجنود للخطر.
وقدرت الأمم المتحدة، والبنك الدولي تكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة بحوالي 18.5 مليار دولار، وأسفرت عما يقدر بـ26 مليون طن من الحطام والركام حتى الآن، والتي تستغرق إزالتها سنوات، وعلى الرغم من أنها تقديرات مؤقتة بسبب عوائق اللجان المكلفة من القيام بعملها إلا أن الحقيقة تؤكد أن الأرقام الفعلية ستكون أكبر من ذلك بكثير، فقد تحول القطاع بأكمله إلى مكان غير مؤهل للحياة الآدمية، وهذا هدف رئيسي من أهداف جيش الاحتلال بالإضافة إلى ما خلفته الحرب من آلاف القتلى والجرحى والمفقودين.
نتنياهو الذي يخشى توقف الحرب تجنبا لمساءلته ومحاكمته وإنهاء مستقبله السياسي يسعى بكل قوة لتوسيع بؤرة الصراع والزج بالمجتمع الدولي طرفا فيه آملا أن تكون منطقة الشرق الأوسط مسرحا لإنطلاق حرب عالمية ثالثة.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عن هدف رابع وجديد وراء حرب بلاده في قطاع غزة غير الأهداف الثلاثة المعلنة سابقا، وهو وفقا لقوله «حماس جزء من محور الشر الإيراني الذي يهدف إلى تدميرنا، وعندما نهزم حماس فإننا نهزم المحور».
جاء إعلان نتنياهو بعد استهداف الطيران الإسرائيلي لمبنى القنصلية الإيرانية في دمشق ما أسفر عن تدميرها وقتل كل من كان بداخلها ومن بينهم عميدان بالحرس الثوري الإيراني وخمسة ضباط، وعلق الرئيس الإيراني أن هذه الجريمة الجبانة لن تمر دون رد قاطع قريبا.
باختصار.. إسرائيل عازمة وماضية في غيها تجاه الاجتياح البري لرفح كمرحلة أولى لن تكتفي بها، وسوف تواصل توغلها الدموي بعد وضعها إيران في قلب العاصفة واغتيالها قادة من فيلق القدس في مقر دبلوماسي.
إسرائيل ترغب في الانتقال من الحرب المحلية إلى الحرب الأوسع بمشاركة الغرب لجر العالم إلى صراع لا يحمد عقباه، وفي حال رد إيران على إسرائيل فإن الردود الإسرائيلية ستشمل ضرب أهداف لحزب الله اللبناني وأخرى في سوريا تحت حجة أنها أهداف لتمركزات إيرانية تهدد أمن إسرائيل مما يفجر المنطقة بأكملها ويشعل حربا يصعب السيطرة عليها.
تبقى كلمة.. إسرائيل التي جلبت لنفسها الخزي والعار لم تحقق على أرض الواقع أيا من أهدافها للحرب في غزة، ولم تسجل سوى قتل الآلاف من المدنيين الأبرياء العزل، وإصابة آلاف أخرين، وتدمير كافة مقومات الحياة في القطاع واستخدام سلاح التجويع وتقييد وصول شحنات المساعدات الإنسانية في واحدة من أكبر جرائم الحرب والإبادة الجماعية في العصر الحديث.
إقحام إيران في المعركة يزيد من انشقاقات الصف الإسلامي والعربي والعالمي ويرسم مسارات جديدة الجميع فيها خاسر.. اليوم غزة وغدا من سيكون؟!