
السر في مرونة سعر الصرف..
تراجع سعر صرف الدولار إلى أدنى مستوى له مقابل الجنيه خلال آخر 5 أشهر بفضل تلقى مصر تدفقات من الاستثمار الأجنبي غير المباشر “الأموال الساخنة” في أذون وسندات الخزانة بعد هدنة ترامب وتعليق الرسوم الجمركية مع الصين لتلتقط الأسواق أنفاسها.
وانخفض سعر صرف الدولار تحت مستوى 50 جنيها للشراء والبيع بين بنوك مصر لأول مرة منذ بداية العام الحالي بفضل زيادة تدفق النقد الأجنبي.
وكان الجنيه قد تلقى ضغوطا خلال النصف الأول من شهر أبريل الماضي بفعل موجة بيعيه من المستثمرين الأجانب لأذون وسندات الخزانة المحلية، وهو ما رفع الطلب على الدولار ليتراجع الجنيه إلى أدنى مستوى تاريخي له عند 51.73 جنيه قبل أن يبدأ في التعافي مجددا وسط المخاوف من حرب الرسوم الجمركية الأمريكية.
وبعد امتصاص الأسواق لصدمة الرسوم وهدنة حرب الرسوم الجمركية بين أميركا والصين عاد المستثمرين مجددا للسوق المصري للاستثمار في أذون وسندات الخزانة المحلية وهو ما أنعش الدولار مجددا.
الأموال الساخنة تعد أحد العوامل المؤثرة في قوة العملة المحلية، حيث إن تدفق الاستثمار للداخل يعزز من قوة الجنيه أما في حال التحول لصافي خروج يؤدي إلى زيادة الضغوط على الجنيه وتراجعه مقابل الدولار.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن التوصل لاتفاق مع الصين بتعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما.
وخفضت أمريكا الرسوم على الصين من 145% إلى 30% أما الصين خفضت الرسوم على أمريكا من 125% إلى 10%.
العائد المرتفع وتراجع التضخم
وقال رئيس أحد البنوك الخاصة، إن ارتفاع قيمة الجنيه مقابل الدولار يرجع لتدفق الأموال الساخنة مجددا للسوق المصري لشراء أذون وسندات الخزانة التي تعد أحد العوامل الرئيسية في تراجع ضغوط الطلب على الدولار.
وأوضح رئيس البنك أن انخفاض الجنيه وارتفاعه مجددا يرجع إلى سياسة مرونة سعر الصرف التي يتبعها البنك المركزي وأكبر دليلا على التزامه بسياسة سعر صرف حر وفق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
كان البنك المركزي أعلن في مارس 2024 العودة مجددا إلى تحرير سعر الصرف بعد تعليقه بشكل مؤقت بهدف القضاء على السوق السوداء لتجارة العملة، وسد فجوة التمويل الأجنبي.
وساهم القضاء على السوق السوداء في عودة تحويلات المصريين العاملين بالخارج ووصوله لمستوى قياسي خلال عام إلى 32 مليار دولار من مارس 2024 إلى فبراير 2025 بزيادة 72% على أساس سنوي.
ووصلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى أكثر من 38 مليار دولار في أول 8 أشهر من تحرير سعر الصرف قبل أن تتراجع إلى نحو 33 مليار دولار بنهاية يناير الماضي وفق بيانات المركزي.
وأشار رئيس المعاملات الدولية في أحد البنوك الخاصة، إلى أن سعر العائد على الجنيه لا يزال جاذب للأجانب مقارنة بسعر العائد على الدولار وهو ما يحفزهم على الاستثمار في الجنيه المصري.
وأوضح أن تحسن مؤشرات الاقتصاد وتراجع الضغوط التضخمية ساعد في تراجع المخاطر وزيادة ثقة الأجانب في الاقتصاد المصري خاصة مع استمرار صندوق النقد الدولي دعم مصر بقرض بقيمة 8 مليارات دولار.
سجل سعر العائد على أذون الخزانة بين 25% و28% وفق آخر عطاء للمركزي وهو ما يعد مكسب مرتفع مقارنة بسعر العائد على الدولار عند 4.5%.
كان معدل التضخم السنوي على مستوى مدن مصر تراجع من 24% في يناير إلى 12.6% في فبراير قبل أن يتسارع ويصل إلى 13.9% في مارس الماضي، وفق بيانات البنك المركزي.