منذ أن صرّح وزير الطيران المدني محمد عباس حلمي، بأن الحكومة ستعلن “قريبا” عن مزايدة عالمية لإدارة وتشغيل المطارات المصرية، لم تهدأ موجة الجدل وسط مخاوف من أن يكون الهدف هو طرح هذه المطارات للبيع.
إلا أن المتحدث باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، حسم هذا الجدل، بالقول إن “الأمر ليس عشوائيا بل سيتم وفقا للضوابط التي تتفق مع المصلحة الوطنية”، مؤكدًا أن “الأمر مرتبط بالإدارة وتشغيل المطارات وليس البيع”.
ولم يكشف المتحدث الرسمي عن المطارات المستهدفة، لكنّ وزير الطيران المدني، أكد في تصريحاته لتي أدلى بها أواخر الشهر الماضي، أن الطرح “سيتضمن كل المطارات بما في ذلك مطار القاهرة الدولي”.
وأضاف الحمصاني، أن العديد من الدول الكبرى تتبع نفس النمط من إدارة وتشغيل القطاع الخاص للمطارات وفقا لضوابط تضعها الدولة بهدف تحسين الخدمة، وهناك دول عربية أيضا تطبق هذا الأمر منذ سنوات، مؤكدا أنه “لا يوجد بيع للمطارات وإنما هو مجرد تشغيل وإدارة المطارات من قبل شركات القطاع الخاص التي لديها الخبرة والكفاءة في مثل هذه الأمور”.
وعقد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي اجتماعا لمتابعة الإجراءات التنفيذية المقترحة من وزارة الطيران المدني في هذا الشأن، حيث نوقشت النقاط المتعلقة بالإجراءات التي تم اتخاذها في سبيل تنفيذ استراتيجية تطوير المطارات المصرية.
وأوضح المتحدث أنّ الاجتماع تناول موقف اختيار استشاري دولي ذي خبرة كبيرة لوضع خطة برؤية متكاملة لعملية الطرح بأفضل عروض ممكنة، حيث ستتم دعوة كبرى الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال، وبتوقيتات محددة للطرح، كما تمت مناقشة معايير التقييم الفني والمالي للشركات الاستشارية، بجانب مناقشة تصور مبدئي مقترح للإطار الزمني للطرح، وبعد اختيار أفضل العروض ستعلن الحكومة كل المعلومات في الوقت المناسب مثلما حدث في صفقة “رأس الحكمة”.
وأوضح المتحدث أن الدولة قررت اختيار استشاري عالمي بالفترة المقبلة لوضع رؤية وخطة لطرح المطارات للقطاع الخاص لإدارتها وتشغيلها، في ضوء حرص مصر على حُسن إدارة أصولها وزيادة كفاءتها وتحسين الخدمة المقدمة للمستفيدين والسائحين.
وأشار إلى أن هذا القرار يأتي في ضوء الجهود المبذولة لاستيعاب الزيادة التي تسعى الدولة المصرية لاستقبالها مستقبلا، سواء من المسافرين والسائحين، لا سيما أن زيادة استقبال القادمين إلى مصر يتطلب تحسين مستوى الخدمة في المطارات التي تمثل وجهة لمصر.
وأوضح أن الحكومة ستمنح المكتب الاستشاري الفرصة الكاملة لدراسة الأمر، مضيفا: “مثل هذه العروض والصفقات الكبرى تتطلب دراسة متأنية من جانب الاستشاري ومن جانب الحكومة، إلا أن الأمر لن يستغرق فترة طويلة وربما تكون المدة عدة أسابيع حتى يتم الانتهاء من الدراسة والاستقرار على بدء عملية الطرح”.
وعمّا إذا كان إسناد الإدارة والتشغيل سيكون إلى شركات دولية أو محلية، قال الحمصاني إن الاستثمارات والطروحات من هذا النوع تتم وفق ضوابط وشروط خاصة، ومن الوارد أن تكون الشركات المقدمة للعروض؛ دولية أو محلية، وفي تلك المشروعات الكبرى يتم دراسة كافة المتطلبات والعروض من حيث الكفاءة والقدرة المالية والتشغيلية.
وحول مصير العاملين بتلك المطارات عقب انتقال عمليات الإدارة والتشغيل إلى طرف جديد، قال المتحدث إن جميع العاملين في المطارات حقوقهم محفوظة، ولن يتم المساس بهم ولا بحقوقهم، مؤكدا أن الهدف هو رفع كفاءة الخدمات والشراكة مع القطاع الخاص لتشغيل المطارات.
كما أكد الحمصاني أن الشراكة مع القطاع الخاص تأتي في إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة التي أعلنتها الحكومة لزيادة دور القطاع الخاص في إدارة أصول الدولة وزيادة استثمارات القطاع إلى نسبة 65 بالمئة من إجمالي الاستثمارات.
وأفادت مصادر بأن هناك قطاعات ستبقى إدارتها بأيدي الأجهزة الأمنية، ولن تكون ضمن الصفقة، وهي القطاعات الخاصة بالأمن القومي، كالجوازات والجمارك والقطاعات الخاصة بحماية البلاد من أعمال التهريب.
من جهته، قال مستشار وزير الطيران لشؤون المطارات السابق، اللواء طيار جاد الكريم نصر، إن إسناد إدارة المطارات وتشغيلها إلى شركات خاصة، أمر طبيعي وليس جديدا سواءٌ على المستوى المحلي أو الدولي، فقد تمت إدارة مطار القاهرة الدولي من قبل شركة ألمانية عام 2006، وكذلك 5 مطارات هي الغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان وأبوسنبل، على حد قوله.
وتابع، في تصريحات متلفزة، أن هناك شركات عالمية شهيرة تدير مطارات مثل شركة “adb”، التي تدير مطاري عمان في الأردن وأنطاليا في تركيا، وكذلك مطارات كثيرة في أمريكا تديرها شركات خاصة، مؤكدا أن وجود إدارة متخصصة لديها خبرة له غرض أساسي وهو تعظيم العائد وتحسين خدمة الراكب فضلا عن تأهيل واعداد كوادر جديدة من العاملين المصريين على جميع المستويات من المديرين التنفيذيين إلى أصغر الموظفين والعمال.