سلايدر

في دائرة الخطر.. دول عربية ترزح تحت وطأة انهيار “اتفاقية الحبوب”

عندما قررت روسيا إنهاء اتفاقية الحبوب، دقّت أجراس الخطر في عدد من دول الشرق الأوسط، ذلك أنّها من أكثر الدول اعتمادا على السلع الغذائية الزراعية من أوكرانيا وروسيا.

مصر.. أنباء غير سارة

الأرقام المنشورة على موقع الأمم المتحدة، تظهر أن مصر تتصدر الدول التي تعتمد على استيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا، بما يساوي 23 مليار دولار في الفترة بين عامي 2016 و2020.

وتصدرت مصر القائمة العربية المستوردة للحبوب، بحوالي 998 ألف طن من الذرة و418 ألف طن من القمح و131 ألف طن من حبوب الصويا و4.6 ألف طن من حبوب وزيت عباد الشمس. وكان البلدان المتنازعان يوفران 80% من واردات مصر من القمح بواقع 50% من روسيا و30% من أوكرانيا.

وقال وزير التموين المصري علي المصيلحي إن إنهاء اتفاقية تصدير الحبوب والأسمدة عن طريق البحر الأسود من أوكرانيا “لم يكن انسحاب روسيا نبأ سعيدا”.

وتستورد مصر نحو 12 مليون طن قمح سنويا، وفق تقرير لوزارة الزراعة الأمريكية، ما يجعلها أكبر دولة في العالم مستوردة للقمح، وتستخدم الحكومة نحو 9 ملايين طن لإنتاج الخبز المدعم على بطاقات التموين لنحو 71 مليون مواطن، وقد ارتفعت فاتورة الواردات إلى 4.2 مليارات دولار العام الماضي، وفقا لبيانات صادرة من الجهاز المركزي للإحصاء.

المغرب.. ارتفاع مهم في الأسعار

وعن تأثير إنهاء الاتفاقية على المغرب الذي يستورد سنوياً نسبة مهمة من الحبوب من الخارج، قال عمر يعقوبي، رئيس الفدرالية الوطنية لتجار الحبوب والقطاني، في تصريح لموقع “هسبريس” المحلي إن “عملية الاستيراد مستمرة من بلدان أخرى غير منطقة البحر الأسود، لكن سجلنا ارتفاعا مهما في الأسعار”.

وبحسب معطيات منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) يُناهز متوسط الاستهلاك السنوي للمغرب من القمح 10.5 مليون طن، فيما يقدر الإنتاج المحلي بـ5.7 مليون طن في الفترة 2017-2021؛ ويلجأ إلى الأسواق الدولية لسد الخصاص الناتج عن ضعف الإنتاج المتأثر بموجات الجفاف المتوالية.

وأوضح رئيس الفدرالية الوطنية لتجار الحبوب والقطاني أن “كلفة استيراد القمح بعد نهاية مبادرة البحر الأسود ارتفعت بحوالي 30 درهما للقنطار الواحد، إذ كان في السابق يكلف 265 درهما، والآن أصبح سعره حوالي 295 درهما”.

ويحتاج المغرب شهريا إلى نحو 450 ألف طن من القمح. وقد أطلق المكتب الوطني المهني للحبوب والقطاني طلب عروض لاستيراد 2.5 مليون طن لمدة ثلاثة أشهر، بما يكفي لسد الحاجيات حتى نهاية العام الجاري.

تونس.. موسم حصاد كارثي

في تونس، أعلنت وزارة الزراعة عن تراجع محصول القمح في البلاد هذاالعام بنسبة 60% إلى 250 ألف طن بسبب الجفاف.

وبحسب الوزارة، فمن شأن تراجع محصول القمح أن يعمق الصعوبات المالية التي تواجهها تونس في الوقت الذي تحاول فيه الحصول على حزمة إنقاذ دولية.

وتحتاج السوق الاستهلاكية التونسية إلى 30 مليون قنطار من القمح والشعير سنويا وتستورد في غالب الأحيان 60 إلى 70% من حاجياتها من الأسواق الخارجية خصوصا أوكرانيا وروسيا.

الجزائر.. لا بد من بدائل

تحتل الجزائر المرتبة الثانية عربيا والرابعة عالميا في ترتيب أكبر 10 مستوردين للقمح في العالم، ويُتوقع أن ترتفع وارداتها بنسبة 8 %، إلى نحو 9 ملايين طن خلال موسم 2023-2024، بحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).

وتعد الجزائر ثاني أكبر مستورد للقمح عربيا، بعد مصر، بـ12 مليون طن، وتظهر الأرقام الرسمية أنها تدفع ما يقدر بنحو 2.8 مليار دولار سنويا لجلب نحو تسعة ملايين طن من القمح.

وتستهلك الجزائر بين 9 إلى 12 مليون طن سنويا من القمح بنوعيه اللين والصلب.

اليمن.. جريح الحرب لا تحتمل

في اليمن، لا تتجاوز السعة التخزينية للحبوب في صوامع الغلال بمحافظتي عدن، الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، والحديدة الخاضعة لسيطرة “أنصار الله”، 20% من استهلاك البلد السنوي، وفق تصريح سابق لنائب وزير الصناعة والتجارة لدى الحكومة المعترف بها دوليًا، سالم الوالي.

ويقول مدير عام تشجيع المنافسة وحماية المستهلك، في وزارة الصناعة والتجارة، فضل صويلح، إن مخزون البلد الاستراتيجي من القمح والأرز يكفي لتغطية احتياجات السوق المحلية لأكثر من 3 أشهر قادمة، فضلا عن وصول كميات أخرى من هذه السلع خلال الشهرين المقبلين إلى موانئه، وفق تعاقدات سابقة.

أرقام عن الواردات

وتأتي المملكة العربية السعودية بعد مصر بمبلغ 17 مليار دولار في الفترة بين عامي 2016 و2020، ثم تركيا بـ12.5 مليار دولار، فالمغرب بـ8.7 مليار دولار، والإمارات بـ6.1 مليار دولار، والجزائر بـ5.5 مليار دولار، ثم تونس والسودان والأردن واليمن وليبيا وفلسطين والكويت وقطر وعمان.

واستورد لبنان 54 ألف طن من الذرة و34 ألف طن من القمح، وليبيا 111 ألف طن من الشعير و391 ألف طن ذرة و53 ألف طن قمح.

وتلقى المغرب 100 ألف طن وجبة عباد الشمس، و11 ألف طن بذور عباد الشمس. وحصلت تونس على 384 ألف طن ذرة و222 ألف طن قمح و99 ألف طن شعير، واليمن 259 ألف طن قمح.

واستملت السعودية 180 ألف طن من القمح و62 ألف طن من الذرة، والجزائر 212 ألف طن من القمح، ووصل العراق 38 ألف طن من الذرة، والأردن 5 آلاف طن من الشعير.

وتشير تقارير أخرى إلى أن دولا مثل لبنان واليمن والأردن معرضة للخطر بشكل خاص، كما تسلط التقارير الضوء على أن الخطر يصل في بعض الحالات إلى مرحلة التهديدات الوجودية بالنسبة لبعض الدول، وعلى رأسها مصر، وفق تقرير لمعهد الشرق الأوسط للدراسات، صدر في يونيو 2022.

ما هي اتفاقية الحبوب؟

عندما بدأت روسيا ما تسميه العملية العسكرية الخاصة في الأراضي الأوكرانية في فبراير 2022، أغلق الأسطول الروسي موانئ على البحر الأسود، ما حال دون تصدير 20 مليون طن من القمح، ما أدى إلى ارتفاع ملموس في أسعار الغذاء على نحو هدّد بحدوث نقص في المواد الغذائية بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والتي تستورد بلدانها كميات كبيرة من الحبوب الأوكرانية.

وفي يوليو 2022، أُبرمت اتفاقية بين روسيا وأوكرانيا بوساطة من تركيا والأمم المتحدة، تبحر بموجبها السفن المحملة بملايين أطنان القمح إلى باقي دول العالم عبر ممر في البحر الأسود بطول 310 أميال بحرية وعرض ثلاثة أميال.

وتمنح الاتفاقية أسطول روسيا البحري الحقّ في تفتيش السفن العابرة لمضيق البوسفور عند مدخل البحر الأسود، للبحث عن أسلحة.

وبموجب هذه الاتفاقية، جرى شحن نحو 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية، كما تراجعت أسعار الغذاء العالمية بنحو 20 في المئة نتيجة لذلك، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

وتنبع أهمية اتفاق الحبوب من أن أوكرانيا واحدة من أكبر مصدري عباد الشمس والذرة والقمح والشعير في العالم، لكن روسيا انسحبت روسيا منها، بحجة فشل أوكرانيا في تصدير نسبة أكبر من الحبوب إلى دولٍ أكثر فقرا، واشترطت تلبية كل شروطها لتجديد الاتفاقية.

بدوره، حذر المنسق الأممي للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، من حدوث مجاعة، مشيرا إلى أن 362 مليون شخص في 69 دولة يحتاجون حاليا إلى مساعدات إنسانية.

وتشير تقديرات إلى أن أكثر من 50 مليون شخص في كل من الصومال وكينيا وإثيوبيا وجنوب السودان هم الآن في حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية بعد سنوات من الجفاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *