
في صيف هو الأشد حرارة منذ سنوات، تسجل درجات الحرارة في مصر هذا العام مستويات قياسية وصلت إلى 45 درجة مئوية في بعض المحافظات، وسط تحذيرات متكررة من خبراء المناخ بأن ما يحدث ليس مجرد موجة حر موسمية، بل علامة واضحة على اختلال مناخي يتسارع عامًا بعد عام.
هذه التغيرات، التي تشمل ارتفاع الحرارة، وتكرار العواصف، وتراجع معدلات الأمطار، وضربات شمسية أشد قسوة، لم تعد تهدد البيئة فقط، بل أصبحت تمثل تهديدًا مباشرًا للصحة العامة، والزراعة، والمياه، والأمن الغذائي في مصر.
وفي هذا السياق، قال الدكتور علاء سرحان، أستاذ اقتصاديات البيئة والمناخ، إن دلتا النيل تُعد من أكثر المناطق هشاشة عالميًا أمام آثار تغير المناخ، خاصة في ظل ارتفاع منسوب سطح البحر، وهو ما قد يؤدي إلى غرق مناطق من الدلتا، و مناطق منخفضة مثل اخري رشيد وبورسعيد.
وأضاف سرحان، في تصريح خاص لـ«البورصجية»، أن الدولة بدأت بالفعل في تنفيذ مشروعات للحماية مثل إنشاء حواجز صناعية على السواحل، إلى جانب دعم حلول طبيعية ومستدامة، كزيادة المساحات الخضراء لامتصاص الكربون، لكنها تظل جهودًا غير كافية أمام الوتيرة المتسارعة للتغير المناخي العالمي.
وأشار إلى أن مدينة الإسكندرية تواجه تحديًا متفاقمًا أيضًا، إذ تتعرض بشكل متزايد لـعواصف شتوية عنيفة تضرب الكورنيش وتؤثر سلبًا على البنية التحتية، وهو ما يفاقم من مشكلة تآكل الشريط الساحلي ويزيد من مخاطر الغرق.
وأوضح أن ارتفاع درجات حرارة البحر الأبيض المتوسط بدوره يسهم في تغذية هذه العواصف وزيادة شدتها، كما يعزز من ظاهرة تملّح التربة في المناطق الساحلية، ما يهدد إنتاجية الأراضي الزراعية في شمال البلاد.
وفي ظل هذا المشهد المقلق، دعا سرحان إلى رفع مستوى التأهب والاستجابة، من خلال تخطيط طويل الأجل يعتمد على العلم والبيانات، وتكثيف الاستثمار في البنية التحتية المقاومة للمناخ، إلى جانب نشر الوعي المجتمعي حول خطورة ما يحدث.
تغير المناخ لم يعد خطر المستقبل.. بل أزمة الحاضر
ما تشهده مصر والمنطقة العربية من موجات حر خانقة، وتطرف مناخي، لا يترك مجالًا للشك بأن العالم يمر بـنقطة تحول مناخية خطيرة. وبات من الضروري أن تتحرك الحكومات بسرعة، ليس فقط للتخفيف من آثار التغير المناخي، بل لتطوير خطط للتكيف والبقاء في مواجهة واقع مناخي جديد يفرض نفسه بقوة