تتسارع الأحداث الدرامية في كوريا الجنوبية لليوم الثالث تواليًا، الخميس، منذ أن أعلن الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية قبل أن يتراجع عنها بعد ساعات، مما أثار أكبر أزمة سياسية منذ عقود في رابع أكبر اقتصاد في آسيا.
واتهمت المعارضة الكورية الجنوبية الرئيس باستغلال الأحكام العرفية لتقويض الديمقراطية، مشيرة إلى اتهاماته الموجهة لها بأنها تتعاطف مع كوريا الشمالية.
ومع تصاعد الضغوط السياسية والاجتماعية، ومعارضة برلمانية قوية، يبدو أن استقالة الرئيس الكوري الجنوبي أصبحت وشيكة.
ورغم أن الأزمة أثارت مخاوف بشأن الاستقرار السياسي، فإنها تُظهر أيضًا مدى قوة الديمقراطية في كوريا الجنوبية، حيث استطاع الشارع والبرلمان الحد من تجاوزات السلطة.
الرئيس يون متمسك بالسلطة
في الأثناء يظل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول على موقفه متمسكًا بالسلطة مع معارضة حزبه مذكرة بعزله تطرح للتصويت السبت في البرلمان، بعد محاولته إعلان الأحكام العرفية في البلاد.
وفاجأ يون الجميع إذ أعلن مساء الثلاثاء الأحكام العرفية وحاول السيطرة على البرلمان بإرسال الجيش إليه، قبل أن يبدل موقفه بعد ست ساعات تحت ضغط النواب والمتظاهرين.
المعارضة تسعى لعزله
وقدمت ستة أحزاب من المعارضة الأربعاء مذكرة بعزل الرئيس تطرح للتصويت السبت الساعة 19,00 (10,00 ت ج) بحسب وكالة يونهاب، لاتهامه بارتكاب “انتهاكات خطيرة للدستور والقانون”.
كما يواجه الرئيس الذي تدهورت شعبيته، تحقيقا أعلنت الشرطة الخميس فتحه بحقه بتهمة “التمرد”.
الكوريون يؤيدون مذكرة عزل الرئيس
وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه وكالة “ريل ميتر” الأربعاء أن 73,6% من الكوريين الجنوبيين يؤيدون مذكرة العزل، مقابل 24% يعارضونها و2,4% لا رأي لديهم في المسألة.
وتسيطر المعارضة على 192 مقعدا من أصل 300 في الجمعية الوطنية، فيما المقاعد الـ108 المتبقية لنواب من “حزب قوة الشعب” المحافظ بزعامة يون.
وتحتاج المذكرة إلى تصويت غالبية الثلثين عليها ليتم إقرارها، ما يعني أنه ينبغي أن ينضم إليها ما لا يقل عن ثمانية نواب من الحزب الرئاسي ليتم إسقاط يون.
اتحاد “المعارضة” لعزل يون
وأكد رئيس كتلة حزب قوة الشعب في البرلمان شو كيون هو، اليوم الخميس، أن الحزب سيصوت ضد المذكرة وقال للصحافة إن “جميع نواب حزب قوة الشعب الــ108 سيبقون متحدين لرفض إقالة الرئيس”.
لكنه كشف أنه طلب من يون أن يغادر الحزب، مؤكدا أن حزب قوة الشعب “ليس بصدد محاولة الدفاع عن الأحكام العرفية غير الدستورية التي أعلنها الرئيس”.
وفي حال أقرت المذكرة، ستعلق مهام يون بانتظار أن تؤكد المحكمة الدستورية عزله.
وإذا ما أعطى القضاة الضوء الأخضر لذلك، فسيغادر السلطة وستنظم انتخابات رئاسية جديدة في مهلة ستين يوما.
وأعلن الحزب الديموقراطي، قوة المعارضة الرئيسية، تقديم شكوى ضد الرئيس بتهمة “التمرد”، وهي جريمة يمكن أن تصل عقوبتها بحسب القانون إلى الإعدام، وهو حكم لم يطبق في كوريا الجنوبية منذ 1997.
الشرطة تفتح تحقيقًا بحق “يون”
وأكد مسؤول كبير في الشرطة الخميس أمام النواب فتح تحقيق بحق يون بهذه التهمة.
ولم يظهر يون في العلن منذ أن ألقى كلمة تلفزيونية فجر الأربعاء ليعلن رفع الأحكام العرفية التي فرضها في مساء اليوم السابق. وأفاد مكتبه أنه لن يدلي بأي تصريح الخميس.
استقالة وزير الدفاع
وأعلنت الخميس استقالة وزير الدفاع كيم يونج هيون الذي حظرت عليه النيابة العامة في سول الخروج من البلاد. أما باقي المقربين من الرئيس ولا سيما وزير الداخلية لي سانج مين، فما زالوا في مناصبهم.
وتظاهر آلاف الكوريين الجنوبيين الأربعاء في سول للمطالبة برحيل الرئيس، ومن المقرر تنظيم تجمعات أخرى الخميس.
وقال أحد المتظاهرين بارك سو هيونج (39 عامًا) “ستقوض ديموقراطيتنا إن تركنا يون في السلطة للحظة إضافية”.
واعتبرت الناشطة النسائية شوي مون تونج (55 عاما) “كان ينبغي بي أن أكون هنا هذا المساء، الرئيس مجنون”.
مظاهرات تطالب الرئيس بالتنحي
تظاهرت جماعات مدنية في مختلف أنحاء كوريا الجنوبية لليوم الثاني على التوالي اليوم الخميس لمطالبة الرئيس يون سيوك-يول بالتنحي بسبب محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية.
ونظم أعضاء الاتحاد الكوري لنقابات العمال، أحد أكبر اتحادات النقابات العمالية، وجماعات مدنية أخرى مسيرات احتجاجية في أنحاء البلاد للمطالبة باستقالة يون.
حمل المشاركون لافتات كتب عليها “إلغاء الأحكام العرفية الطارئة غير القانونية انتصار للديمقراطية” و”القبض على المجرم الخائن يون سيوك-يول وشركائه على الفور”، بينما دعوا الناس إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجية.
وقالوا “يجب علينا الإطاحة بالرئيس يون، الذي أعاد عقارب ساعة جمهورية كوريا 44 عامًا إلى الوراء، وجعله يدفع ثمن الدقائق الـ 155 المرعبة”، في إشارة إلى المدة التي مرت بعد أن فرض يون الأحكام العرفية حتى صوتت الجمعية الوطنية على رفعها.