ملفات وحوارات

خطوة للخلف.. ما أسباب تراجع الحكومة عن اشتراطات البناء المفروضة في 2021؟

شهد قطاع العقارات المصري تحولًا هامًا خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد قرار الحكومة بالعودة إلى قانون البناء لسنة 2008 وإلغاء الاشتراطات البنائية الإضافية التي فرضت في عام 2021.

هذا القرار الذي اتخذ في إطار سعي الحكومة لتنشيط الاقتصاد وزيادة معدلات النمو، أثار جدلاً واسعًا حول آثاره المتوقعة على مختلف القطاعات الاقتصادية.

ملامح القانون

ومن أبرز ملامح قانون البناء لعام 2008 تسهيل الإجراءات؛ إذ يهدف إلى تبسيط إجراءات الحصول على تراخيص البناء وتقليل البيروقراطية، فضلا عن خفض التكاليف، لكونه يلغي الرسوم الإضافية التي كانت مفروضة بموجب الاشتراطات الجديدة، بجانب أنه يمنح المواطنين مرونة أكبر في تصميم وتنفيذ مشاريعهم.

وقد لجأت الحكومة إلى إعادة العمل بقانون 2008 بعدما تبين لها أن معدل استخراج تراخيص البناء تراجع إثر صدور الاشتراطات البنائية في مارس 2021، وهو ما انعكس سلبا على الاقتصاد، لكون قطاع البناء أحد القطاعات المهمة المؤثرة على الاقتصاد، وفقا للمهندسة نفيسة هاشم مستشارة وزير الإسكان.

وقالت المسؤولة في تصريحات تلفزيونية إن الحكومة تستهدف من العودة إلى قانون 2008 “عودة حركة البناء لسابق عهدها قبل مارس 2021 مع إقبال المواطنين على استخراج تراخيص البناء وفقا للإجراءات الميسرة التي صدرت مؤخرا”، مؤكدة أن “حركة البناء تسهم في انتعاش الاقتصاد المحلي، وتفتح فرص عمل للصنايعية وأصحاب الحرف وعمال البناء وغيرهم”.

وخلال أقل من عام من بدء تنفيذ الاشتراطات البنائية في يوليو 2021، انخفض أعداد المباني الجديدة بنسبة 22.1% بعدما انخفض عدد المباني الجديدة من 315.9 ألف وحدة في 2020/ 2021 إلى 246.1 ألف وحدة في 2021/ 2022، وفقًا للكتاب الإحصائي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

أسباب ونتائج

أدت الاشتراطات البنائية المشددة التي فرضت في عام 2021 إلى تباطؤ ملحوظ في قطاع البناء، مما أثر سلبًا على النشاط الاقتصادي بشكل عام.

وكانت الإجراءات المتعلقة بالحصول على تراخيص البناء معقدة وطويلة، مما زاد من تكاليف البناء وعرقل العديد من المشاريع.

وفرضت الاشتراطات البنائية الجديدة رسومًا إضافية على المواطنين، مما زاد من تكاليف البناء وقلل من القدرة الشرائية.

ومن الآثار المتوقعة  إنعاش قطاع العقارات، فمن المتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى انتعاش كبير في قطاع العقارات، حيث سيشجع المستثمرين والمواطنين على بدء مشاريع جديدة.

كما يُتوقع خلق فرص عمل، إذ سيساهم تنشيط قطاع البناء في خلق فرص عمل جديدة في مختلف المجالات المرتبطة بالبناء والتشييد، مما يساهم في خفض معدلات البطالة.

وسيؤدي تطبيق القانون السابق إلى زيادة الإيرادات الحكومية، وذلك لأن زيادة النشاط في قطاع العقارات تنعكس على زيادة  الإيرادات الحكومية من الضرائب والرسوم.

ويسهم أيضا في تطوير البنية التحتية، وزيادة الطلب على المواد الخام، حيث سيؤدي زيادة النشاط في قطاع البناء إلى زيادة الطلب على المواد الخام المستخدمة في البناء والتشييد، مما يدعم القطاعات الصناعية الأخرى.

من جهته، أرجع وزير الإسكان شريف الشربيني، أسباب الإلغاء إلى اختصار إجراءات إصدار تراخيص البناء في المدن ووحدات الإدارة المحلية على أن يتم الالتزام بالارتفاعات المحددة بالاشتراطات الواردة بالمخططات الاستراتيجية والتفصيلية وضوابط اشتراطات التقاسيم المعتمدة وخطوات التنظيم المعتمدة وفقًا لأكواد البناء المصري.

واعتبر رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب محمد الفيومي أن تراجع الحكومة “يمثل عودة للمسار الصحيح”، واصفاً القانون الصادر عام 2021 بـ”المعيب”.

أبواب الفساد

وقال الفيومي، في تصريحات تلفزيونية،  إن الاشتراطات البنائية الجديدة التي وُضعت في مارس 2021 أدت إلى آثار خطيرة، أبرزها عدم إصدار تراخيص بناء خلال هذه الفترة منذ مارس وحتى الآن، إضافة إلى أنها ساهمت في زيادة البناء العشوائي، وفتحت أبواباً للفساد، وقلّصت من الشقق المعروضة للبيع بالعديد من المناطق، وفق قوله.

من جانبه، قال مستشار وزير التنمية المحلية الأسبق، الدكتور صبري الجندي، في تصريحات صحفية، إن اشتراطات البناء الحديثة تسببت في توقف حركة البناء في جميع المحافظات، كما خلقت حالة من الركود في سوق مواد البناء، متوقعا أن تساعد العودة للقانون القديم في تنشيط السوق العقاري مرة آخرى.

وكانت الاشتراطات التي صدرت في مارس 2021 تحدد نسبة كتل البناء حسب مساحة الأرض، بمعنى أنه لو كان عرض الشارع أقل من 8 أمتار، يُسمح بارتفاع العقار 10 أمتار، وإذا كان عرض الشارع من 8 إلى 12 مترا، فلا يتجاوز الارتفاع 13 مترا وهو ما يعادل 3 طوابق بالإضافة إلى طابق أرضي بحد أقصى، وإذا كان عرض الشارع أكثر من 12 مترا، يكون أقصى ارتفاع للعقار 4 طوابق ودور أرضي.

كما كان هذا القانون يربط إصدار التراخيص بعدم مخالفته قيود الارتفاع الصادرة عن وزارة الدفاع واشتراطات الطيران المدني.

وبموجب قانون 2021 زادت الرسوم إلى 3 آلاف جنيه لكل 100 متر في المدن، و1700 جنيه لكل 100 متر في القرى، مع ضرورة توكيل رسمى من مكتب هندسي، يؤكد أن صاحب قطعة الأرض ومقدم طلب الرخصة متعاقد مع مكتب استشاري هندسي.

وكان المكتب يقدم تقريرا عن وضع التربة و صلاحيتها للبناء، مع نسخ من رسومات هندسية معتمدة من المهندس أو المكتب الاستشارى لشكل العقار، وجميع الموافقات المطلوبة من  الوزارات المختلفة سواء الآثار مثلا للتأكد أن الأرض ليست ضمن حيازة أثرية أو وزارة الرى، بجانب المستندات الدالة بملكية الأرض.

بعد ذلك كان المواطن يقدم كل الأوراق للحي التابع له الأرض محل البناء وينتظر شهرًا حتى ينتهي الحي من مطالعة كل الأوراق والمستندات، وكان عدد الطوابق المسموح به في المدن 4 طوابق غير الأرضي، ثم يعقب ذلك صدور تقرير من كليات الهندسة بالجامعات بالمحافظات حول صلاحية مواقع البناء من الناحية التخطيطية والبنائية.

خطوات مختصرة

أما الإجراءات التي جرى العودة لتطبيقها ودخلت حيز التنفيذ على الفور، فتختصر خطوات الحصول على ترخيص البناء إلى 8 إجراءات فقط، وتقديم الطلبات في المراكز التكنولوجية للحصول على رخصة البناء.

واعتبرت وزيرة التنمية المحلية منال عوض أن القرار يسهم في تخفيف العبء على المواطنين والإجراءات الخاصة باستخراج تراخيص البناء وتشجيع منظومة العمران التي ترتبط بالعديد من المهن الخاصة بصناعة البناء، بالإضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل للعاملين في هذا المجال وإتاحة المزيد من فرص العمل التجارية وتنمية الاقتصاد المحلي.

وأفادت مصادر بوزارة التنمية المحلية، بأنّ القرار الجديد يخص المدن فقط، وأنه لا يوجد أي تغيير في وضع القرى على مستوى المحافظات، لأن الاشتراطات التي تقرر إلغاؤها كانت سارية على المدن فقط، أما القرى فلم تكن خاضعة لها، بل كانت خاضعة لقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، وبذلك فإن إلغاء اشتراطات البناء لا يؤثر عليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *