
بعد أن ارتفع إلى أعلى مستوى على الإطلاق ووصل إلى 38% في سبتمبر 2023 شهد معدل التضخم السنوي في مصر تراجعًا للشهر الرابع على التوالي ليسجل 12.8% في فبراير الماضي مقابل 24% في يناير الذي سبقه وهي نسبة أكبر من التي كان يتوقعها الخبراء والمحللون وهي 14.5%.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هبط التضخم بالمدن المصرية على أساس شهري إلى 1.4% في فبراير من 1.5% في يناير وهو ما عزاه بيان الجهاز إلى انخفاض مجموعة الخضراوات 8.2% واستقرار مجموعة المياه والكهرباء والغاز وتسجيل زيادات طفيفة في مجموعات الحبوب والخبز واللحوم والدواجن والفاكهة عند 0.8% و3.2% و3% على الترتيب.
وشهد الاقتصاد المصري تغيرات هامة في معدلات التضخم خلال الفترة الماضية حيث تراجعت الأسعار في بعض القطاعات الأساسية التي أثرت بشكل إيجابي على مستوى التضخم وفي الوقت نفسه تظل بعض القطاعات الأخرى تشهد ارتفاعات ملحوظة في الأسعار.
ويعكس هذا التغير في التضخم حالة الاقتصاد التي تتأثر بالعديد من العوامل المتداخلة مثل السياسات الاقتصادية المحلية والعوامل العالمية مثل تغيرات الأسعار العالمية وتكاليف الإنتاج.
وفي ظل تراجع معدلات التضخم يتوقع الخبراء أن يقدم البنك المركزي المصري على خفض سعر الفائدة بنسبة تتراوح من 2 إلى 3% في اجتماعه خلال شهر أبريل المقبل ما يدعم زيادة السيولة في البورصة المصرية وللاقتصاد بشكل عام.
وأرجع الخبراء والمحليين الاقتصاديين أسباب انخفاض معدلات التخضم خلال شهر فبراير الماضي إلى تأثير سنة الأساس المقارن بها من العام الماضي والتي شهدت ارتفاعًا كبيرًا بالإضافة إلى استقرار أسعار السلع الأساسية وعرض بعضها بأسعار منخفضة في المجمعات الاستهلاكية.
وقال الدكتور هاني توفيق الخبير الاقتصادي في منشور له على صفحته على “فيسبوك” كما توقعنا معدل التضخم فى مصر انخفض جذريًا من 23.2% إلى 12.5% فقط فى فبراير نتيجة تغيير سنة الأساس وهذا خبر سعيد للاقتصاد لخفض الفائدة وزيادة الاستثمار والإنتاج والتشغيل وسيء للمعتمدين في حياتهم على فوائد البنوك وما أكثرهم للأسف.
وأشار توفيق إلى أن البنك المركزي لجأ إلى رفع أسعار الفائدة على مدار آخر 3 سنوات تحت ضغط ارتفاع معدل التضخم لمستوى قياسي الذي وصل إلى 38% في سبتمبر 2023 بفعل تحرير سعر الصرف بجانب سعيه لتقليل فجوة العائد الحقيقي بالسالب على مدخرات العملاء مؤكدًا أن تراجع التضخم يعزز من وجود عائد حقيقي موجبًا على مدخرات العملاء بالبنوك بشرط يكون تراجع مستدام بين 3 و6 أشهر.
وأكد الدكتور أشرف غراب الخبير الاقتصادي أن التضخم تراجع بشكل يفوق التوقعات وأن الأسباب تعود إلى الاستقرار في أسعار السلع الاساسبة وعرض بعض العديد من السلع بسعر منخفض في المجمعات الاستهلاكية والمعارض والشوادر التي تقيمها الدولة على مستوي كافة المحافظات والمراكز والمدن .
وأشار غراب إلى أن تراجع معدل التضخم للشهر الرابع على التوالي وانخفاضه بنسبة كبيرة يؤكد استدامة تراجع التضخم لافتًا إلى أن من أسباب تراجع معدل التضخم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الشهور الماضية نتيجة توافر النقد الأجنبي بكميات كافية للمستوردين والمصنعين والمنتجين وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي ما ساهم في استقرار أسعار السلع وتراجع العديد منها إضافة إلى وجود مخزون استراتيجي من السلع الأساسية يكفي لشهور طويلة فقد ساهمت في زيادة المعروض ليتناسب مع الطلب في الأسواق ما قضى علي جشع التجار واستغلالهم.
وأضاف غراب أن تراجع التضخم بشكل كبير يعود إلى تأثير سنة الأساس متوقعًا أن يستمر تراجع معدل التضخم خلال الأشهر المقبلة ما قد يدفع البنك المركزي لخفض سعر الفائدة في اجتماعه المقبل مضيفًا أن توافر الشوادر والمعارض التي طرحتها الحكومة بالتعاون مع الغرف التجارية إضافة إلى الشوادر السلعبة الني قامت بإنشائها بعض الأحزاب لتوفير السلع واللحوم بأسعار مخفضة ساهمت بشكل كبير في تراجع معدل التضخم وقضت على جشع التجار ما جعلهم يخفضون من بعض السلع أو تثبيت سعرها مجبرين حتى يستطيعوا بيع منتجاتهم.
ويرى محمد العطيفي الخبير الاقتصادي أن تراجع معدل التضخم خطوة إيجابية تعطي نظرة تفاؤلية للقادم مشيرًا إلى أن التراجع له عدة أسباب قد يكون منها زيادة السلع المعروضة وقلة الأموال المتدفقة في السوق أو ضعف الإقبال على الدولارات باعتبارها عملة حاكمة فالتضخم مرتبط بسعر الدولار ففي حالة قلة قيمته ينخفض التضخم كرد فعل طبيعي أو أن تكون السيولة انخفضت في السوق مع زيادة السلع بسبب موسم المحاصيل الزراعية بالإضافة لتأثره بـسنة الأساس.
وأضاف العطيفي أنه من الممكن أن يكون الاستهلاك والطلب في رمضان قل عن السنوات الماضية لافتًا إلى أن الاقبال خلال الفترة الحالية يكون على السلع اليومية التي يتم استهلاكها بشكل أساسي فمثلًا في شهر رمضان الأشخاص تتجه لشراء الحلويات واللحوم والمنتجات الغذائية وتقلل شراء الفاكهة مما يخفض سعرها وبالتالي ينخفض التضخم بانخفاض الطلب على السلع مشيرًا إلى أن تراجع التضخم يقلل من سعر السلع والمنتجات المختلفة والخضروات والفاكهة وغيرهم مما يشير إلى الاتجاه الإيجابي الذي نسير فيه.