
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، أكدت إيران أن الهجوم الاستباقي الذي شنته إسرائيل، يوم الجمعة، قد عطل مسار الدبلوماسية والمفاوضات النووية، هذه التطورات المشتعلة دفعت عدداً من الدول والمنظمات الدولية إلى إصدار بيانات تدعو للتهدئة وتدين الاعتداءات، في محاولة لاحتواء صراع يهدد استقرار الشرق الأوسط.
تعطيل الدبلوماسية ورفض ضبط النفس الأحادي:
صرح وزير الخارجية الإيراني، “عباس عراقجي”، اليوم السبت، بأن الهجوم الإسرائيلي الأخير أوقف الجهود الدبلوماسية والمفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، وذكر “عراقجي” في تغريدة على منصة “أكس” أن إيران كانت تجري مشاورات مع سلطة عُمان للتحضير لجولة جديدة من المحادثات مع ممثلي الحكومة الأمريكية، لكن “أعمال العدوان التي قام بها النظام الإسرائيلي، بما في ذلك الهجمات على إيران واغتيال القادة العسكريين وقتل المدنيين والنخب الأكاديمية، أدت إلى تعطيل المسار الدبلوماسي”.
وأجرى “عراقجي” محادثة هاتفية مع وزير الخارجية البريطاني “ديفيد لامي” لمناقشة الهجمات الإسرائيلية، وخلال الاتصال، رفض الوزير الإيراني الدعوات إلى ضبط النفس الأحادي من جانب إيران، مؤكدًا أن بلاده سترد بحزم وحسم، كما انتقد “عراقجي” الدول الأوروبية لدعمها العدوان الإسرائيلي، محذرًا من عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي والعالمي، وشدد على ضرورة عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، وحث المملكة المتحدة على إدانة الهجمات ووقفها، من جانبه، أعرب “لامي” عن أسفه لتصاعد التوترات وأكد على ضرورة ضبط النفس والسعي لحلول دبلوماسية.
إدانات إقليمية ودولية ودعوات لتهدئة الأوضاع
أجرى وزير الخارجية الإيراني “عباس عراقجي” اتصالات من عدة دول ومنظمات دولية، عبّرت عن قلقها الشديد وأدانت الهجمات الإسرائيلية، مطالبة بتهدئة فورية للأوضاع، حيث قد أجرى “عراقجي” اتصالاً منفصلاً مع وزير الخارجية المصري “بدر عبد العاطي” لمناقشة العمليات العسكرية الإسرائيلية، وصرح “عراقجي” بأن القوات المسلحة الإيرانية سترد بحزم على الهجمات، متمسكة بحق البلاد في الدفاع عن النفس، ووفقًا لوزارة الخارجية الإيرانية، شدد الوزير “عبد العاطي” على رفض مصر وإدانتها التعدي على سيادة الدول وانتهاك وحدة وسلامة أراضيها، مؤكدًا على أهمية العمل على خفض التصعيد وعدم انزلاق المنطقة بأكملها إلى فوضى شاملة وتوسيع رقعة الصراع.
وفي اتصال هاتفي مع “عراقجي”، أدانت دولة الإمارات الهجمات الإسرائيلية بشدة، واعتبرتها انتهاكاً لسيادة إيران والقانون الدولي، وحذرت أبوظبي من أن هذه الهجمات تهدد الاستقرار الإقليمي، وقد أكد “عراقجي” على التزام إيران بالدفاع عن سيادتها والرد بحزم على الهجوم الاستباقي.
وخلال اتصال هاتفي مع “عراقجي”، أشار وزير الخارجية الهندي “سوبرامانيام جايشانكار” إلى مناقشاته الأخيرة مع نظيره الفرنسي، مؤكداً على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لخفض حدة التوترات في المنطقة.
وأدان “الأزهر الشريف” بشدة الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي الإيرانية يوم الجمعة، ووصف الأزهر الهجوم بأنه انتهاك صارخ لسيادة الدول والقانون الدولي، وتهديد مباشر للأمن الإقليمي والدولي، وحذر الأزهر، في بيان، من أن “همجية الاحتلال الإسرائيلي” تنذر بمزيد من الأزمات في المنطقة، وتهدد بدفعها نحو فوضى إقليمية تقوّض استقرارها وتعرّض شعوبها للخطر، وأكد البيان أن سياسة “الغطرسة” التي يتبعها الكيان الإسرائيلي تعكس سلوكه العدواني وسعيه لنشر الفوضى وتقويض الأمن والسلم الدوليين، وتحويل المنطقة بأكملها إلى ساحة للحروب والصراعات، وجدد الأزهر دعوته للمجتمع الدولي، والمنظمات الأممية، و”الضمائر الحية في العالم” إلى تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية. وطالب بضرورة وقف الانتهاكات المتكررة لهذا الاحتلال، وضمان احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، والعمل بجد لتجنب التصعيد حفاظًا على أرواح الأبرياء.
وناشد بابا الفاتيكان “ليون الرابع عشر” إسرائيل وإيران “التحلي بالمسؤولية والتصرف بعقلانية”، واصفاً الوضع بأنه “تدهور خطير”، وشدد على ضرورة “لقاءات محترمة وحوار صادق لبناء سلام دائم”، مؤكداً أنه “لا ينبغي لأحد أن يهدد وجود الآخر”.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش” إسرائيل وإيران على وقف هجماتهما، داعياً في الوقت نفسه إلى اللجوء إلى الدبلوماسية، ومؤكداً أن “السلام والدبلوماسية يجب أن ينتصرا.
المشهد الدبلوماسي:
إن تصريحات “عراقجي” تؤكد أن الهجوم الإسرائيلي لم يكن مجرد عمل عسكري، بل كان له هدف استراتيجي يتمثل في تعطيل أي تقدم محتمل في المفاوضات النووية، وهذا يشير إلى أن إسرائيل قد ترى أن التصعيد العسكري هو السبيل الأنجح لعرقلة البرنامج النووي الإيراني، حتى لو كان ذلك على حساب فرص التسوية الدبلوماسية.
ويأتي رفض إيران لدعوات ضبط النفس يعكس موقفها بأنها ترد على عدوان، وأن الدعوات يجب أن توجه إلى الطرف البادئ بالهجوم، وهذا يضع الكرة في ملعب المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل بدلاً من إيران.
وتشير الإدانات من دول عربية وإسلامية ومؤسسات عالمية بارزة كـ”مصر، والإمارات، والأزهر الشريف”، بالإضافة إلى مواقف الهند، والفاتيكان، والأمم المتحدة، إلى قلق عالمي واسع النطاق من اتساع الصراع، هذه المواقف تعزز الضغط الدبلوماسي على إسرائيل وتدعو إلى حل سلمي للأزمة.
وفي المقابل تظهر محادثة “عراقجي” مع وزير الخارجية البريطاني “ديفيد لامي”، محاولة إيران حشد الدعم لإدانة الهجمات الإسرائيلية، في حين أن موقف “لامي” الذي يدعو إلى “ضبط النفس من جميع الأطراف” قد يُنظر إليه على أنه غير كافٍ من وجهة النظر الإيرانية، وربما يعكس موقفًا بريطانياً يحاول التوفيق بين حلفائها في المنطقة ومصالحها الدبلوماسية.
يبدو أن الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق خطير، فبينما يصر كل طرف على حقه في الدفاع عن النفس والرد بحزم، تتزايد الدعوات الدولية لوقف التصعيد والعودة إلى طاولة المفاوضات، فهل ستنجح هذه النداءا