تعتقد حكومة الدكتور مصطفى مدبولي أنه يمكن لمصر أن تكون لاعبا رئيسيا في سوق الهواتف المحمولة، ولذلك تكثف جهودها من أجل توطين هذه الصناعة في مصر، ليس من أجل تحقيق الاكتفاء للسوق المحلية، بل للتصدير.
وفقا لوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عمرو طلعت، يبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية الحالية لشركات المحمول العاملة في مصر، نحو 11.5 مليون وحدة، باستثمارات تصل إلى 87.5 مليون دولار، في حين يمثل إجمالي فرص العمل الراهنة 2050 فرصة عمل، وهي أرقام قابلة للزيادة في ظل التوسعات الجديدة.
أرقام مبشرة
وزير الاتصالات، قال إن الأهداف المنشودة من توطين صناعة الهواتف المحمولة، تتمثل في: استيعاب الاحتياجات بالسوق المحلية، وزيادة الصادرات، وتعميق الصناعة المحلية.
واستعرض طلعت حجم السوق المصرية وإجمالي الحصة السوقية لمصنعي المحمول في مصر، مشيرًا على سبيل المثال إلى شركة “سامسونج” التي أنشأت مصنعًا لها في عام 2022 في “بني سويف” وتصل طاقته الإنتاجية إلى 2 مليون وحدة، باستثمارات 20 مليون دولار، ويوفر نحو 400 فرصة عمل.
هذا بالإضافة إلى مصنع “فيفو” الذي أنشأته شركة فيفو في العام ذاته بمدينة “العاشر من رمضان” وباستثمارات 20 مليون دولار، وتبلغ الطاقة الإنتاجية له 2 مليون وحدة ويوفر أيضًا 400 فرصة عمل.
ونوه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى عدد من الشركات الأخرى التي تقوم بالتصنيع المحلي لدى الغير؛ مثل “شاومي” و”نوكيا” و”إنيفينكس” و”مايكروماكس”.
ويبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأربع نحو 7٫5 مليون وحدة، وساق مثالًا بشركة “نوكيا” التي أنشأت في عام 2023 خط إنتاج بالتعاون مع شركة “سيكو” في أسيوط، بطاقة إنتاجية 2.5 مليون وحدة وباستثمارات 20 مليون دولار، وتتيح 400 فرصة عمل.
خطة متكاملة
تسعى الحكومة إلى زيادة الإنتاج السنوي من الهواتف المحمولة، لإحراز الهدف الأول وهو تحقيق الاكتفاء للسوق المحلية، إذ تحتاج هذه السوق إلى نحو 20 مليون جهاز هاتف محمول، في حين أن المصانع الموجودة حاليا تنتج أكثر من 11 مليون جهاز.
ويقول رئيس الوزراء، إن هناك العديد من المشروعات الجاري تنفيذها، والتي من المقرر أن تسهم في زيادة حجم الإنتاج ليصل إلى 17 مليون جهاز سنويًا.
وطالب في هذا الصدد بضرورة وضع خطة متكاملة تستهدف الوصول بحجم الإنتاج من هذه الصناعة إلى أكثر من 100 مليون جهاز سنوياً، وذلك من خلال التوسع في إقامة الشراكات مع العديد من المصنعين الدوليين.
“لدينا في مصر الآن مصانع لأربعة من أكبر خمسة مصنعين للهواتف المحمولة على مستوى العالم”، وفقا لمدبولي الذي أكد أن الحكومة تبذل جهودا حثيثة لتشجيع هؤلاء المصنعين لمضاعفة حجم إنتاجهم في مصر، وتوجيه جزء من هذه الإنتاج للتصدير.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة تستهدف مع هؤلاء المصنعين الوصول إلى 100 مليون جهاز سنوياً، بحيث يكون 25% من الإنتاج لتغطية الاحتياج المحلي، والباقي للتصدير، مع وضع حوافز لهذه الصناعة الواعدة لتشجيعها.
من جهته، يعتقد محمد طلعت، رئيس شعبة المحمول بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن هذا الملف في غاية الأهمية للسوق المحلي المصري.
ويكشف في تصريحات تلفزيونية أن تصنيع الهواتف محليًا قلل كثيرًا من حجم الاستيراد، بنحو ما لا يقل عن 85%، مؤكدًا أن مصر قادرة على إنتاج قطع غيار الهاتف المحمول.
وحول تصنيع قطع غيار الهاتف المحمول بدلا من استيرادها، قال “قادرون في المستقبل على تصنيع قطع الغيار لعدم استيرادها من الخارج، وتحقيق الاكتفاء في السوق المحلي”.
دور إقليمي
لن تقتصر فوائد توطين صناعة الهواتف المحمولة في مصر على زيادة عائدات العملات الأجنبية من خلال التصدير إلى منطقة الشرق الأوسط فحسب، بل سيكون لها دور في تعزيز الدور الإقليمي للدولة، بحسب أشرف أبو النصر، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب “حماة وطن” بمجلس الشيوخ.
وأشار النائب إلى أن الاستثمارات في هذا القطاع تتيح لمصر تحقيق تقدم ملموس في مجال التكنولوجيا، وهو ما ينعكس على قوة الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال جذب الشركات العالمية والمحلية، كما تعزز الدولة من قدراتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية.
كما شدد على إيمانه بأن “تصدر مصر في هذا الملف سيؤدي إلى تعزيز مكانتها كمركز صناعي وتجاري في منطقة الشرق الأوسط، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية لتوطين صناعة الهواتف المحمولة، كما أن النجاح في هذا المجال لا يمثل فقط زيادة في الإيرادات، بل نقلة نوعية في قدرة مصر على الاستفادة من التقدم التكنولوجي لتحقيق التنمية المستدامة”.
عوامل النجاح
وقالت نيفين الكاتب، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن الاستراتيجية الوطنية الطموحة لتوطين صناعة الهواتف المحمولة، تسهم في تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي رئيسي في صناعة التكنولوجيا، وتعكس التزام الحكومة بدفع عجلة الاقتصاد الوطني.
وشددت في بيان لها على أن “نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على التنسيق الفعال بين الجهات الحكومية المختلفة مثل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة المالية، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، لضمان تحقيق الأهداف المنشودة، كما أن هذه الجهود تمثل حجر الزاوية في تعزيز القدرة التنافسية لمصر في الأسواق العالمية”.
كما أكدت أن تحقيق النجاح في هذا المجال سيضع مصر في مصاف الدول الرائدة في تصنيع الهواتف المحمولة على مستوى المنطقة، مشيرة إلى أن هذا التطور يعكس قدرة مصر على تحقيق الاستقلالية التكنولوجية وتقديم نموذج إيجابي للتنمية الاقتصادية المستدامة.
من جهته، شدد عزيز سابق عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، في تصريحات صحفية، على ضرورة تقديم تسهيلات وتذليل العقبات أمام الشركات التي تتوسع في مصر بإنشاء مصانع جديدة، وما ستوفره من منتجات وفرص عمل جادة للشباب فضلا عن زيادة التصدير للخارج، مؤكدا أن هذا الملف “يساهم بشكل كبير في توفير العملة الصعبة للدولة”.
واتفق معه، نائب رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، عبدالوهاب غنيم، فيما يتعلق بأن فكرة توطين “صناعة المحمول” لها العديد من المزايا التي أهمها تقليل معدل استيرادها، بما يسهم في توفير عملة صعبة ويخفض فاتورة الاستيراد، لكونها من أكثر السلع استهلاكًا على المستوى المحلى والعالمي.
كما طالب غنيم بضرورة تقديم تسهيلات وتذليل العقبات أمام الشركات التي تبني مصانع جديدة في الدولة.