عقارات

جدل يتجدد حول قانون الإيجار القديم.. ما مصيره بعد حكم المحكمة الدستورية؟

Last Updated on 15 أبريل، 2025 by عبد الفتاح فتحي

أعاد حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر مؤخرًا بشأن الطعن بعدم دستورية بعض مواد قوانين الإيجارات القديمة، الجدل مرة أخرى إلى الساحة التشريعية والمجتمعية في مصر، خاصةً فيما يتعلق بتشكيل اللجان المختصة بتحديد الأجرة، ومدى توافق بعض مواد القوانين الحالية مع الدستور.

حكم الدستورية… والنصوص محل الطعن

الدعوى التي نظرتها المحكمة حملت رقم 273 لسنة 24 دستورية، وطالبت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 12، والمادة 13 – باستثناء فقرتها الأخيرة – والفقرتين الأولى والثانية من المادة 20 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وهو القانون الذي ينظم تأجير وبيع الأماكن والعلاقة بين المالك والمستأجر. كما شمل الطعن الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 136 لسنة 1981، التي تتناول بعض الأحكام الخاصة بتنظيم العلاقة الإيجارية.

تنص المادة 12 من القانون على أن تتولى لجان يصدر بتشكيلها قرار من المحافظ المختص تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكام القانون وتوزيعها، على أن تتكون من مهندسين، وممثل للضرائب العقارية، وعضوين من غير أعضاء المجلس المحلي، أحدهما من الملاك والآخر من المستأجرين. ويشترط لصحة انعقاد اللجنة توافر حضور ممثل عن كل فئة، وتصدر قراراتها بالأغلبية.

أما المادة 13، فتلزم المالك بإخطار اللجنة بتفاصيل أول عقد إيجار أو إشغال فعلي لأي وحدة خلال 30 يومًا من تاريخ شغلها، حتى تقوم اللجنة بتحديد الأجرة المقررة لها.

من جهتها، تنص المادة الأولى من القانون رقم 136 لسنة 1981، على ألا تزيد الأجرة السنوية لأماكن السكن المرخص بها بعد سريان القانون عن 7% من قيمة الأرض والمباني، مع استثناء الإسكان الفاخر، وألا تقل المساحة المؤجرة لأغراض السكن عن ثلثي مباني العقار.

رئيس لجنة الإسكان: البرلمان ملتزم بالدستور وينتظر الحكومة

في أول تعليق برلماني، أكد الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن البرلمان يحترم أحكام المحكمة الدستورية العليا، مؤكدًا أن الحكم ليس محل نقاش، وأن المجلس ينتظر حاليًا تقدم الحكومة بمقترحاتها بشأن مشروع القانون الجديد.

وقال الفيومي في تصريحات صحفية، إن الحكومة طلبت مهلة لتقديم رؤيتها التشريعية المتكاملة حول القضية، مشيرًا إلى أن المهلة قاربت على الانتهاء، ومن المتوقع أن تقدم الحكومة مقترحاتها بعد عطلة عيد الفطر مباشرة.

وأضاف: “اللجنة لديها ملف شامل حول الإيجار القديم، ونعمل على تشريع يحقق التوازن، ويحمي مصالح جميع الأطراف من ملاك ومستأجرين، مع احترام أحكام الدستور ومبدأ العدالة الاجتماعية”.

كما أشار إلى أن البرلمان، وبناء على تكليف من مكتب المجلس، سيجري حوارًا مجتمعيًا واسعًا يشمل المختصين، وممثلي الأطراف المتأثرة بالقانون، فضلًا عن الاستعانة بالدراسات والأبحاث التي أعدتها مراكز بحثية ومعاهد متخصصة خلال السنوات الأخيرة.

رحلة قوانين الإيجار… من التنظيم إلى التحرير

استعرض الفيومي الخلفية التشريعية للقضية، مشيرًا إلى أن منظومة الإيجار القديم مرت بعدة مراحل قانونية، بدأت بالقانون رقم 49 لسنة 1977، والذي يُعتبر المرجع الأهم في تنظيم العلاقة الإيجارية، حيث وضع أسس تحديد القيمة الإيجارية ومنع الزيادات العشوائية، إضافة إلى تنظيم عملية توريث عقود الإيجار.

وفي عام 1981، صدر القانون رقم 136، كأداة لإعادة ضبط المنظومة، مع إدخال بعض التعديلات على تحديد الأجرة في الوحدات الجديدة. أما التحول الأبرز، فكان مع صدور القانون رقم 4 لسنة 1996، الذي أنهى العمل بأحكام الإيجار القديم بالنسبة للعقود الجديدة، حيث أصبحت العلاقة الإيجارية منذ ذلك التاريخ قائمة على التعاقد الحر بين الطرفين، سواء بعقود محددة المدة أو قابلة للتجديد.

ورغم ذلك، استمر العمل بالقوانين القديمة على الوحدات المؤجرة قبل 1996، وهو ما أدى إلى تشوهات واضحة في السوق العقارية، وظهور مطالبات متزايدة بإعادة النظر في المنظومة لتحقيق عدالة أكبر.

السجيني: حكم الدستورية ملزم… وحان وقت التصحيح

من جانبه، أكد النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، أن البرلمان يتعامل بجدية تامة مع الحكم الدستوري، وأن هناك التزامًا كاملاً بتوصيات المحكمة، مشيرًا إلى أن البرلمان يحترم كافة المؤسسات الدستورية.

وخلال تصريحات صحفية، دعا السجيني المستأجرين – خاصة أصحاب الملاءة المالية أو من يشغلون وحدات مغلقة – إلى المبادرة بشراء هذه الوحدات أو التسوية مع الملاك قبل صدور القانون المنتظر، قائلًا: “الملف سيتحرك، ومن الأفضل أن تبدأوا بأنفسكم قبل أن تُفرض عليكم التسويات”.

وشدد السجيني على أن مناقشات عديدة دارت داخل لجنة الإسكان حول هذا الملف، وتم تشكيل لجنة خاصة من النواب، بينهم الراحل عبد الله الأعسر، للعمل على التوصيات اللازمة. كما أشار إلى أن الحكم الدستوري الحالي يعالج عوارًا واضحًا يتعلق بثبات القيمة الإيجارية، والذي لم يعد يتناسب مع الظروف الاقتصادية الحالية.

وأكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجّه بشكل واضح بضرورة معالجة هذا الخلل الكبير في ميزان العدالة، خاصةً في ظل تعرض الملاك لظلم بيّن على مدار عقود بسبب تدني العائد الإيجاري وعدم تناسبه مع القيمة السوقية للوحدات.

حلول متدرجة تراعي البُعد الإنساني

وعن مستقبل القانون، قال السجيني: “في رأيي الشخصي، مسألة الإيجار القديم وصلت إلى نهايتها. الحكم صدر، والرؤية السياسية واضحة، والبرلمان ملتزم بتنفيذ ما طُلب منه”. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى ضرورة أن تكون المعالجة شاملة لا تقتصر فقط على رفع القيمة الإيجارية، بل تشمل حلولًا جذرية تمنع ترحيل المشكلة للأجيال القادمة.

وفي ختام تصريحاته، أكد السجيني أن القانون المنتظر سيشمل جوانب اجتماعية مهمة، ولن يُهمل الحالات الإنسانية. وأوضح أن من بين المقترحات إنشاء صندوق خاص لدعم المستأجرين غير القادرين، كالأرامل وكبار السن، لضمان توفير بدائل سكنية مناسبة لهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *