سلايدرملفات وحوارات

تهديد سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار السلع.. الاقتصاد العالمى يغرق فى البحر الأحمر

لم تحتاج الأزمة المشتعلة في الشرق الأوسط منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، أكثر من شهرين لتلتهم نيرانها جبهات أخرى في المنطقة، وعلى رأسها البحر الأحمر، والذي تأثرت حركة الملاحة فيه، على خلفية استهداف جماعة الحوثي للسفن المتجهة إلى إسرائيل أو تتعامل معها بأي شكل.

وكان لهذه التوترات أثرها الواضح على الاقتصاد العالمي بشكل عام، والدول المطلة على البحر الأحمر على وجه الخصوص، لا سيما وأن البحر الأحمر يظل أحد أهم الممرات الملاحية على مستوى العالم.

وفيما اعتُبر أبرز الآثار المتوقعة للتهديدات الأمنية في البحر الأحمر، حذّر صندوق النقد الدولي، خلال تقرير تضمن توقعات مُحدّثة لأداء الاقتصاد العالمي في عام 2024، من أن التعافي المرن الذي من المتوقع أن يشهد العالم من وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وأزمة تكاليف المعيشة التي تلت ذلك، يمكن أن يتعرض للخطر بسبب الهجمات على سفن الحاويات في البحر الأحمر، الأمر الذي يشكل خطورة واضحة، تتمثل في إرباك سلاسل التوريد، ومن ثم التسبب في ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية.

وتوقع الصندوق الدولي بلوغ متوسط التضخم العالمي 5.8% هذا العام، من 6.8% في عام 2023، مما يعكس تراجع أسعار الطاقة وتخفيف الضغوط على أسواق العمل، إلا أن الاضطرابات الأخيرة في تدفق التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، أدت إلى زيادة خطر ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية.

ومنذ الوهلة الأولى لتصاعد وتيرة هجمات البحر الأحمر، قررت العديد من شركات شحن الحاويات الكبرى، وعلى رأسها “ميرسك”، بتحويل سفنها بعيدًا عن الممر المائي، كما اضطرت بعض ناقلات النفط إلى اتخاذ مسارات أطول، وهو الأمر الذي من شأنه إثارة مخاوف بشأن تجدد الارتفاع في التضخم العالمي، حسب توقعات الصندوق.

وقال صندوق النقد الدولي: “الهجمات المستمرة في البحر الأحمر – الذي يتدفق من خلاله 11% من تدفقات التجارة العالمية – والحرب المستمرة في أوكرانيا، تهدد بتوليد صدمات سلبية جديدة في الإمدادات للتعافي العالمي، مع ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة والنقل”.

وأضاف أن امتداد الحرب التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة، إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط، من شأنه أن يهدد النمو العالمي، لا سيما وأن المنطقة مصدر لحوالي 35% و14% من صادرات النفط والغاز العالمية على التوالي.

من جانبه، قال فابريس ماي، الرئيس العالمي للشحن في مجموعة بورصة لندن: “لا يمكن التقليل من أهمية قناة السويس والبحر الأحمر للتجارة العالمية، ولذلك فإن تأثير هذا الصراع كبير، قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات صعبة للغاية فيما يتعلق بالتكاليف المالية والمخاطر الأمنية.”

وفي مذكرة بحثية لبنك MUFG الياباني، فإنه من غير المرجح أن يؤدي انقطاع الشحن إلى زيادة كبيرة في أسعار الطاقة، إلا أن السلع الاستهلاكية ستكون القطاع الأكثر تأثرًا، وبالتالي من المتوقع ارتفاع التضخم، وذلك بالتزامن مع توقعات البنوك المركزية في البدء بخفض أسعار الفائدة.

وقال: “الأهم من ذلك، أننا نعتقد أنه من غير المرجح أن يكون للاضطرابات تداعيات مستدامة على الطاقة، وتحديدًا النفط الخام والغاز الطبيعي المسال، وأسعار السلع الأساسية، لأن إعادة توجيه السفن تعيق سلاسل التوريد العالمية، وليس الإنتاج الحجمي”.

وعلى الرغم من تفاؤل البنك الياباني بشأن الطاقة، فإن وكالة الطاقة الدولية حذرت من تبعات تصاعد وتيرة الصراع في الشرق الأوسط، والتي أكدت أنها ستؤثر بشكل كبير على تدفقات الغاز الطبيعي المسال في قارة أوروبا، وذلك على الرغم من الشتاء المعتدل والتخزين الوافر، وكلاهما من العوامل التي أسهمت في إبقاء أسعار الغاز منخفضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *