ملفات وحوارات

تقرير عدة أسباب تدفعه لأن يكون قويًا ومتماسكًا الفترة المقبلة.. مستقبل الجنيه أمام الدولار أكثر اخضرارًا

يشهد سعر الدولار مقابل الجنيه تراجعًا في الأسابيع الأخيرة وسط توقعات من الخبراء أن يكون الجنيه أكثر قوة وتماسكًا الفترة المقبلة بسبب التدفقات الدولارية المتوقعة من عدة قنوات وأبرزها تحويلات المصريين بالخارج وتحسن إيرادات السياحة بجانب ثقة المستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومي على الرغم من خفض الفائدة.
وكان هبوط الدولار في الفترة الماضية مفاجأة لأنه جاء في أجواء موسم الحج وفي أعقاب تحولات كبيرة في الاقتصاد بسبب الحروب والتوترات وتهديد أمريكا بفرض رسوم جمركية كبيرة على عدد من الدول وسداد مصر التزامات كبيرة للخارج وتراجع إيرادات قناة السويس وتزايد واردات مصر من الغاز الطبيعي.
ووفق ما يؤكده المحللون فإن هناك عدة أسباب دفعت الدولار إلى التراجع أمام الجنيه يأتي في مقدمتها تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي شهدت قفزة تاريخية غير مسبوقة لتسجل نحو 26.4 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2024 وحتى نهاية مارس 2025.
وأوضحت البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري أنه خلال الفترة واصلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج مسارها التصاعدي لترتفع بنسبة 82.7% على أساس سنوي مقابل 14.4 مليار دولار خلال الفترة المقارنة.
كما ارتفعت التحويلات خلال شهر مارس 2025 لتصل إلى نحو 3.4 مليارات دولار بنمو 63.7% على أساس سنوي مقابل نحو 2.1 مليار دولار خلال شهر مارس 2024.
من الأسباب المهمة أيضًا في تراجع سعر الدولار أمام الجنيه ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 48.525 مليار دولار بنهاية شهر مايو الماضي مقابل 48.144 مليار دولار في شهر أبريل 2025 بزيادة 381 مليون دولار حيث تعد هذه المستويات من النقد الأجنبي المسجلة الأعلى منذ عقود وفق بيانات البنك المركزي المصري.
أيضًا تحسنت إيرادات السياحة مع توقعات بالمزيد من النمو لها الفترة المقبلة خاصة مع افتتاح المتحف الكبير الذي سيعزز السيولة بالعملات الأجنبية والحفاظ على استقرار سعر الصرف.
كذلك تزايد تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال المناطق الصناعية الأمر الذي سينعكس إيجابيًا وتدريجيًا على معدلات تدفق العملة الأجنبية للداخل وبالتالي على استقرار سعر الصرف وتراجع سعر الدولار أمام الجنيه.
ومن أسباب تراجع سعر الدولار أيضًا تراجع التوترات الجيوسياسية وخاصة على جانب الحوثيين وهجمات البحر الأحمر وهو ما يحمل أثرا إيجابيًا لإيرادات قناة السويس وحال تم التوصل لوقف إطلاق النار في غزة سيتحسن الأمر بشكل أكبر.
يقول الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي إن تراجع سعر الدولار لأقل من 50 جنيهًا خلال الفترة الحالية جاء بدعم من انخفاض الدولار عالميًا وزيادة التدفقات الدولارية في الأسواق المصرية وارتفاع تحويلات العاملين في الخارج بنسبة كبيرة وزيادة إيرادات السياحة وزيادة الصادرات وتراجع العجز في ميزان التجارة.
وأضاف أن السياسة المالية في مصر نجحت في خفض الإنفاق الاستثماري مع تراجع تكلفة خدمة الدين العام وهو اتجاه انكماشي احتوى الأثر التضخمي إلى حد بعيد بالإضافة إلى الالتزام بسقف الإنفاق الحكومي الاستثماري داخل وخارج الموازنة بما لا يزيد عن تريليون جنيه وهي كلها عوامل تؤثر بالإيجاب على الضغوط التضخمية.
وأوضح أنه طالما استمر معدل التضخم في مصر تحت نسبة 20% فإنه يجب تثبيت سعر الفائدة لدى البنك المركزي إلا في حالة الارتفاع الكبير لمعدل التضخم كما أن تحريك أسعار الطاقة سيكون مرهونًا بمراقبة معدل التضخم لأنه في حالة انفلات التضخم فيجب على الحكومة تأجيل رفع الأسعار كما يجب على صندوق النقد أن يتفهم ذلك.
وتوقع نافع أن يشهد اجتماع البنك المركزي المصري المقبل تثبيت سعر الفائدة بعد خفضها في آخر اجتماعين بنسبة 325 نقطة أساس وذلك مع استمرار الضغوط التضخمية ليستمر تثبيت سعر العائد حتى نهاية العام الحالي إلا في حالة ظهور مؤشرات إيجابية جديدة ومنها انخفاض معدل التضخم.
ويرى الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي أن انخفاض سعر الدولار مقابل الجنيه بسبب وجود مزيد من المعروض ومواردنا من العملة الأجنبية تزيد فيما عدا قناة السويس ورؤية الدولة أن القناة ستشهد تحسنًا في إيراداتها الفترة المقبلة مشددًا على أن تراجع سعر صرف الدولار يعود إلى زيادة موارد الدولة من العملة الاجنبية.
وأضاف أن مصر تترقب تحويل ودائع من بعض الدول العربية لاستثمارات مباشرة بجانب الهدوء النسبي للتوترات الجيوسياسية في المنطقة، وهو ما ينعكس على ثقة المستثمرين في الاقتصاد المحلي لافتًا إلى أن الحكومة تتوقع أن يبلغ متوسط تدفقات الاستثمار الأجنبي غير المباشر 20 مليار دولار في العام المالي 2025/2026.
ولفت بدرة إلى عودة استثمارات الأجانب في أدوات الدين لمصر بعد انتهاء مرحلة العزوف النسبي من المستثمرين بسبب الحرب التجارية بين الصين وأمريكا وتأثيراتها السلبية على الثقة في الاقتصادات المختلفة لافتًا إلى أنه على الرغم من خفض الفائدة على الجنيه إلا أن معدلاتها مازالت جاذبة للمستثمرين الأجانب خاصة مع انحسار مخاطر عدم اليقين الناتجة عن الجمارك الأمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *