
أثارت تصريحات خطيرة وغير مسبوقة لوزير سابق في الحرس الثوري الإيراني ضجة كبرى داخل إيران وخارجها، قبل أن ينفيها مكتبه، في بيان رسمي.
بدأت القصة بمقابلة تلفزيونية، يوم السبت الماضي، أقرّ فيها الوزير السابق محسن رفيق دوست بمسؤولية بلاده عن اغتيال معارضين بالخارج، تحت إشرافه هو بنفسه. وكشف أن تكاليف عمليات الاغتيال كانت تُغطى من الأرباح التي تم جنيها من بيع وشراء الأسلحة أثناء الحرب العراقية الإيرانية.
وكان رفيق دوست رئيسا للجهاز الأمني للخميني في عام 1979 خلال الثورة الإيرانية، وساعد في تأسيس الحرس الثوري، وتولى منصب وزيرا للحرس في الفترة (1982- 1989).
وفي المقابلة، ذكر رفيق أسماء معارضين أشرف بنفسه على اغتيالهم، وهم: اللواء تمسار عويسي، حاكم طهران العسكري خلال احتجاجات سبتمبر 1978، وتم اغتياله في باريس فبراير 1984، وفريدون فرخزاد، وهو شاعر ومقدم تلفزيوني في عهد الشاه، اغتيل داخل منزله بألمانيا أغسطس 1992، وشابور بختيار، آخر رئيس وزراء في عهد الشاه، الذي اغتيل في أغسطس 1991 داخل منزله في أحد ضواحي باريس، إضافة إلى شهريار شفيق، وهو ابن الأميرة أشرف بهلوي ابنة مؤسس الدولة البهلوية الشاه رضا بهلوي، وكان ضابطاً كبيراً في البحرية، وقد اغتيل بإطلاق نار في باريس، ديسمبر 1979.
ومما صرح به رفيق دوست أن الحرس الثوري استعان بجماعة انفصالية بإقليم الباسك في إسبانيا، لتنفيذ عمليات اغتيال، موضحا أن دفع الأموال للانفصالين لقاء جرائمهم، جرى عبر رجل دين مقيم في ألمانيا. وأكثر من ذلك، اعترف بأنه كان ضالعاً في اغتيال أحد أعضاء جهاز “سافاك”، الذي كان تابعاً للشاه ومسؤلاً عن قمع معارضيه.
سفير سابق “مصدوم”
تلك التصريحات أصابت سير إيران السابق لدى ألمانيا حسين موسويان بصدمة بالغة، وذلك لأنها حلّت له لغزًا دام غامضا لعقود. فقد كتب في “إكس” أن الشاعر فرخزاد قبل مقتله، تواصل مع السفارة الإيرانية وأعرب عن ندمه على أفعاله السابقة طالباً السماح بالعودة لموطنه.
وبالفعل عملت السفارة على الحصول على الموافقة من الحكومة، وبدأ فرخزاد في حزم أمتعته استعداد للعودة إلى بلاده وزيارة أمه المريضة، ولكن “بعد فترة قصيرة انفجرت الأخبار عن اغتياله ما تركنا (موظفي السفارة) في صدمة”، كما يقول موسويان.
كما كشف رفيق دوست كيف ابتز وزير الخارجية الفرنسي لإطلاق سراح أنيس النقاش الذي حاول اغتيال شابور بختيار عام 1980. وقال الجنرال الإيراني للوزير الفرنسي “إذا لم يتم إطلاق سراحه في غضون أسبوعين، فعليهم توقع تفجير سفارة أو اختطاف طائرة. لا يحق لهم الشكوى عند حدوث ذلك”، وذلك وفقا لروايته لوكالة “دیدهبان ایران”.
لكنّ مكتب الجنرال الإيراني محسن رفيق دوست، أصدر بياناً ينفي صحة ما قاله خلال المقابلة، موضحا أن “هذه الادعاءات غير صحيحة ويتم نفيها تماماً” وقد “تم استغلال تصريحاته بشكل سيئ من قبل وسائل الإعلام المعادية في الخارج ووسائل الإعلام المحلية المتحيزة لأغراض سياسية محددة”.
وأوضح أن هذه الوسائل قامت بـ”تحريف تصريحاته من خلال حذف أجزاء من المقابلة. وزعمت كذبا أنه هو والنظام الإسلامي مرتبطان باغتيال بعض الأفراد”.
وذكر البيان أن رفيق دوست يعاني مشكلات في الذاكرة إثر جراحة دماغية سابقة، ونتيجة ذلك “قد يتذكر رفيق دوست بعض الأحداث والأسماء بشكل خاطئ. بالتالي، فإن تصريحاته لا ينبغي اعتبارها موثوقة قانونيا أو تاريخيا”.
وأشار إلى أن فريدون فرخزاد “لا علاقة له بفترة مسؤولية رفيق دوست” قيادة الحرس الثوري.