ملفات وحوارات

تعهدت بعدم التدخل في إدارتها… لماذا قررت الحكومة إنشاء شركة للمصريين بالخارج؟

في خطوة تستهدف تحقيق مصلحة مشتركة للدولة وأبنائها المغتربين، أعلنت وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، الاتفاق على إطلاق “شركة المصريين بالخارج للاستثمار”، وتسمية أعضاء مجلس التأسيس.

وأكدت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة، أهمية تنفيذ المشروع الوطني لإنشاء شركة مساهمة للمصريين بالخارج، الذي يعد أحد أبرز مطالبهم سواء من كبار المستثمرين الذين استجابوا لطلب المشاركة في التأسيس، أو صغار المستثمرين الراغبين في الحفاظ على مدخراتهم وتنميتها.

الهدف من تأسيس هذه الشركة هو منح فرصة للمقيمين بالخارج أو المصريين الحاصلين على جنسيات أخرى، والذين تتراوح أعدادهم بين 12-14 مليون متواجدين في جميع أنحاء العالم، الاكتتاب في الشركة لتنمية مدخراتهم، والارتباط بوطنهم الأم، على أن تستثمر هذه الأموال في الطروحات الحكومية أو في فرص استثمارية أخرى في مجالات عدة منها العقارات، والسياحة، والتعليم، والصحة، وفقا للدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.

سيديرها هذه الشركة بالكامل، المصريون بالخارج من المستثمرين أصحاب الخبرات المتميزة في مجالات المال والأعمال، والذين يديرون شركات عالمية حققت نجاحًا في السوق المصرية، وفقا للوزيرة، التي أكدت أن الحكومة “لن تتدخل” في إدارة الشركة أو القرارات المالية فيها، بل سيقتصر دورها على “بتقديم الدعم والمساندة والربط مع جميع الجهات في الدولة”.

ولم يتم الاستقرار على رأس مال شركة المصريين بالخارج، أو خطط الاكتتاب في الشركة ومجالات استثمارها، لكن سيتم العمل على هذه الملفات بعد تأسيسها من خلال مجلس المؤسسين، والذي يضم رجال أعمال مستثمرين بقطاعات متنوعة في الخارج، بحسب رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.

لكن الوزيرة سها جندي تؤكد أنه جرى الاتفاق على وضع خريطة طريق للإجراءات التي سيتم اتخاذها، وفقًا لخطط العمل، سواء الإجراءات اللوجستية أو إجراءات التأسيس، موضحة أنه يتم التنسيق مع مختلف جهات الدولة، للاتفاق على كل الخطوات فيما يتعلق بإطلاق الشركة وصندوق الاستثمار، وكذلك شكل الطرح في البورصة المصرية والبورصات العالمية، كما تم استعراض فرص التوسع في الأسواق الأفريقية بالتزامن مع قرب إنفاذ اتفاق التجارة الحرة الأفريقية.

وأكدت الوزيرة أن الفترة الماضية شهدت لقاءات مكثفة مع المستثمرين ورجال الأعمال والخبراء في مجالات مختلفة، لاستطلاع رأيهم حول أبرز المجالات التي يمكن الاستثمار فيها، موضحة أن مجالات الاستثمار العقاري تتصدر اختيارات المستثمرين ثم  التصنيع سواء في التكنولوجيا أو المجالات المختلفة ثم الإنتاج الحيواني والزراعي والاستزراع السمكي وغيرهم.

وشددت الوزيرة على حرص الدولة على “الترويج لكل الفرص المتاحة ومشروعات الاستثمار في مصر”.

من جهته، أوضح الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب وخبير صندوق النقد الدولي السابق، أن هذه الشركة كانت حلمًا من أحلام المصريين بالخارج، مشيرا إلى أن الاقتصاد المصري قوي، وبالتأكيد ضخ مزيد من الاستثمارات سيضمن فرصًا أكبر لجذب المستثمرين في مختلف المجالات.

وثمّن الفقي جهود المصريين بالخارج في دعم الاقتصاد الوطني، بجانب توفير العملة الصعبة، جنبًا إلى جنب مع الروافد الهامة مثل قناة السويس، الصادرات، فضلًا عن السياحة والاستثمارات المباشرة، معربًا عن تطلعه أن تحل استثمارات المصريين بالخارج محل الأموال الساخنة، ما يضمن تنمية حقيقية بأيدينا وضمان دعم جهود الدولة وخطط الاستثمار.

وأضاف الفقي، في تصريحات صحفية أن الشركة تحقق مصلحة مشتركة للمقيمين في الخارج لتنمية مدخراتهم، وتحقيق عائد مرتفع، كما تحقق عائدًا للدولة من جذب استثمارات أجنبية مباشرة، ويحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصري، وزيادة تحويلات المصريين بالخارج مما يعزز من الاحتياطي النقدي الأجنبي، ويحل أزمة نقص الدولار.

وعدد الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، ومنها: الاستثمار العقاري في المدن الجديدة التي يتم بناؤها في جميع أنحاء البلاد، وكذلك في الأصول الحكومية بمنطقة وسط البلد عقب نقل الوزارات للحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك هناك فرص في التعليم في إنشاء مدارس وجامعات، لخدمة النمو السكاني، إذ يمثل عدد مواطنيها نحو ربع سكان الوطن العربي، إضافة إلى وجود فرص سياحية، ستشهد طلبًا مع افتتاح المتحف المصري الكبير.

وتبني الحكومة المصرية 39 مدينة ضمن خططها لمضاعفة مساحة رقعة المعمور من 7% إلى 14% لاستيعاب الزيادة السكانية، أبرزها: مدن العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وأكتوبر الجديدة، وتتيح الدولة فرصًا استثمارية في تنمية هذه المدن، سواء من خلال مشروعات سكنية أو خدمية أو تجارية وترفيهية.

ويضم مجلس مؤسسي شركة المصريين بالخارج، رجال أعمال من بينهم أشرف دوس، وتامر هدايت، وحسن الجراحي، وناصر فؤاد، ووائل حسن، وعادل بولس، وعمر عبد الله، وكريم أسعد، ويعملون في قطاعات متعددة في دول مختلفة.

وأشار الفقي الذي شغل منصب خبير صندوق النقد الدولي سابقا، إلى أن الشركة قد تكون بديلًا للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة (الأموال الساخنة) مما يعد مصدرًا إضافيًا ومستدامًا للدولار، وقدّر أن يصل حجم استثماراتها إلى مليارات الدولارات، من خلال تشجيع المصريين بالخارج على ضخ جزء كبير من دخلهم في الشركة لتحقيق عائد مرتفع، موضحًا أن متوسط المصريين بالخارج يبلغ حوالي 12 مليون مصري، وحال تحقيق دخل بمتوسط 1000 دولار شهريًا يصل إجمالي الدخل 12 مليار دولار شهريًا، لو تم تحويل جزء منها للشركة ستضخ استثمارات ضخمة سنويًا.

سجلت تحويلات المصريين بالخارج خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2022-2023، انخفاضا بنسبة 20.9 بالمئة لتصل إلى 6.4 مليار دولار مقابل 8.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، بحسب بيانات البنك المركزي الصادرة في فبراير الماضي، فيما توقع صندوق النقد الدولي، ارتفاع تحويلاتهم خلال الـ5 أعوام المالية المقبلة بقيمة تصل إلى 8 مليارات دولار.

وبحسب تقرير صدر في يناير الماضي، توقع الصندوق أن تبلغ قيمة التحويلات بحلول العام المالي 2027- 2028 نحو 41.9 مليار دولار مقابل 34 مليار دولار خلال العام المالي الحالي.

جدير بالذكر، أن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء نفى ما تردد من أنباء بشأن اعتزام الحكومة استقطاع جزء من تحويلات المصريين في الخارج، وأكد أنه لا توجد أي نية أو دراسة لاستقطاع جزء من رواتب المصريين بالخارج أو حساباتهم الشخصية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *