
تشهد مصر هذا الصيف موجات حر شديدة وغير معتادة، وسط ارتفاع لافت في درجات الحرارة تجاوز في بعض مناطق جنوب الصعيد حاجز الـ45 درجة مئوية، في ظل تحذيرات متكررة من الهيئة العامة للأرصاد الجوية بشأن استمرار هذه الظواهر لعدة أيام متتالية، بما يفوق المعدلات الطبيعية المعتادة.
وأكد الدكتور محمود القياتي، عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية، أن التغيرات المناخية العالمية أسهمت في زيادة حدة الظواهر الجوية التي تشهدها مصر، مشيرًا إلى أن القاهرة تسجل نحو 40 درجة مئوية، مع شعور فعلي أعلى نتيجة ارتفاع نسب الرطوبة، فيما ترتفع الحرارة في محافظات الجنوب لتصل إلى 45 درجة.
تغير مناخي عالمي.. وأزمات محلية
من جانبه، أوضح الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة، أن هناك عدة عوامل مترابطة تقف وراء تصاعد درجات الحرارة بهذا الشكل غير المسبوق، أبرزها التغيرات المناخية العالمية والزيادة في انبعاثات الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، أدت إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة على مستوى الكوكب إلي جانبالتوسع الحضري العشوائي فالمدن باتت أكثر عرضة للاحتباس الحراري بسبب ما يُعرف بـ”الجزيرة الحرارية الحضرية”، الناتجة عن تراكم الكتل الخرسانية والأسفلت التي تخزن الحرارة وتُعيد إشعاعها.
و أضاف محمد فهيم في تصريح خاص لـ البورصجية ، أن تغير أنماط الطقس
والاختلال في توزيع الضغط الجوي والتيارات الهوائية ساهم في تكرار موجات الحر، وخروجها عن النطاق الزمني المعتاد كما أن انخفاض المسطحات المائية وتراجع الغطاء الأخضر و التقلص المستمر في المساحات الخضراء والموارد المائية قلل من قدرة البيئة على التبريد الطبيعي، ما فاقم من آثار الحرارة المرتفعة.
كيف نتكيف؟.. حلول عاجلة ومستمرة
وفي مواجهة هذه الموجات، دعا فهيم إلى ضرورة الجمع بين إجراءات عاجلة وأخرى طويلة المدى للتخفيف من حدة الظواهر المناخية، مشددًا على ما يلي:
التهوية الطبيعية:
فتح النوافذ في ساعات الصباح الباكر أو المساء يسهم في تجديد الهواء وتبريد المنازل دون الاعتماد الكامل على أجهزة التكييف.
عزل المباني حراريًا:
استخدام تقنيات العزل يساهم في تقليل امتصاص الحرارة، والحفاظ على درجة حرارة مريحة داخل المنازل.
أثر التشجير على البيئة والرطوبة:
خفض الحرارة عبر “النتح”:
تقوم النباتات بإطلاق بخار الماء في الهواء، ما يساعد في خفض درجات الحرارة المحيطة.
تحسين جودة الهواء:
الأشجار تمتص الملوثات وتُطلق الأكسجين، ما يعزز من نقاء الهواء في المناطق الحضرية.
توفير الظل:
التشجير في الشوارع وعلى الأسطح يوفر مظلات طبيعية، تقلل الحاجة لاستخدام المكيفات وتخلق بيئة أكثر راحة.
ورغم أهمية التكييف والتشجير كوسيلتين مباشرتين للتعامل مع الحرارة، إلا أن عددًا من الخبراء يرون أنها تبقى إجراءات محدودة التأثير على المدى الطويل.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور سمير صبري، خبير التنمية البيئية، أن هذه الحلول ضرورية ولكن غير كافية بمفردها .