عالم

تصعيد إيراني إسرائيلي وتدخل أمريكي

تتناول الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط تصاعدًا خطيرًا في التوترات، لاسيما بين إيران وإسرائيل، مع تورط واضح للولايات المتحدة، هذه التطورات تحمل في طياتها تداعيات جسيمة على الأمن الإقليمي والدولي، وتثير مخاوف جدية من انزلاق المنطقة إلى صراع أوسع.

الرئيس الإيراني يحمل واشنطن مسؤولية العدوان الإسرائيلي:

في تصريحات شديدة اللهجة، حمّل الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان” الولايات المتحدة المسؤولية المباشرة عن “العدوان” الإسرائيلي على بلاده، وجاء ذلك عقب الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية الليلة الماضية، والتي شملت مواقع “فوردو” و”نطنز” و”أصفهان”، وأكد “بزشكيان” أن أمريكا هي “السبب الرئيسي للأعمال العدائية التي يقوم بها النظام الصهيوني ضد إيران”.

وفي السياق ذاته، اعتبر “بزشكيان” أن “الهجمات التي شنتها القوات المسلحة الإيرانية هذا الصباح على الأراضي المحتلة هي في الحقيقة رد على السياسات العدوانية الأمريكية، لأنه في الأساس، فإن النظام الصهيوني ليس في وضع أو حجم يسمح له بامتلاك القدرة والشجاعة لمهاجمة إيران بمفرده”.

البنتاغون يعلن تفاصيل الهجوم الأمريكي:

في المقابل، عقد وزير الدفاع الأمريكي “بيت هيجسيث” ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال “دان رازين كين” مؤتمرًا صحفيًا من البنتاغون للكشف عن تفاصيل الضربات العسكرية، وقال “هيجسيث” إن “القيادة المركزية الأمريكية نفذت ضربة دقيقة في منتصف الليل ضد ثلاث منشآت نووية في إيران، “فوردو، ونطنز، وأصفهان”، من أجل تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير”.

ووصف الوزير العملية بأنها “نجاح باهر وساحق”، وأكد “هيجسيث” أن هذه المهمة أظهرت للعالم “مستوى التكامل المشترك والتحالفي الذي يعكس قوة تحالفنا وقواتنا المشتركة”، كما صرح بأن “الولايات المتحدة لا تسعى للحرب، ولكننا سنتحرك بسرعة وحزم عندما يتعرض شعبنا أو شركاؤنا أو مصالحنا للتهديد”.

روسيا ومنظمة التعاون الإسلامي تحذران من الفوضى:

من جانبه، أعرب وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” عن قلق بلاده العميق إزاء تداعيات الهجمات الأمريكية، مؤكدًا أن أي تفسير لحق الدفاع عن النفس خارج إطار ميثاق الأمم المتحدة سيؤدي إلى “فوضى عارمة” في النظام العالمي.
وعلى الصعيد نفسه، أعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي عن “عميق انشغالها” إزاء استهداف المنشآت النووية في إيران، واصفة هذا العمل بأنه “تصعيد خطير من شأنه أن يزيد من حدة التوتر ويهدد الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة”، وجددت المنظمة دعوتها إلى تجنب التصعيد وضبط النفس والتهدئة، وتحكيم لغة الحوار، والعمل على العودة إلى المفاوضات والسبل السلمية.

جهود دبلوماسية مكثفة لخفض التصعيد:

في ظل هذه التوترات، شهدت المنطقة تحركات دبلوماسية مكثفة لخفض التصعيد، حيث أجرى الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” اتصالاً هاتفيًا بالسلطان “هيثم بن طارق آل سعيد”، سلطان عُمان، وتناول الاتصال الأوضاع الإقليمية، إذ أكد الرئيس أهمية العمل على وقف التصعيد الجاري بين إسرائيل وإيران، محذرًا من التبعات الجسيمة لتوسع دائرة الصراع
في ذات السياق، تلقى وزير الخارجية المصري والهجرة، الدكتور “بدر عبد العاطي”، اتصالاً هاتفيًا من نظيره الأردني أيمن الصفدي، في إطار التنسيق والتشاور المستمر، وشدد الوزيران على أهمية وقف التصعيد ووقف إطلاق النار، مؤكدين أن الحلول السياسية والدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتجنب توسيع رقعة الصراع، كما جددا رفضهما لأي انتهاك لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو القانون الدولي.

وعلى نحو مماثل، جرى اتصالين هاتفيين بين الوزير “عبد العاطي” ووزير الخارجية السعودي الأمير “فيصل بن فرحان”، ووزير خارجية البحرين “عبد اللطيف بن راشد الزياني”، وأكد الوزراء خلال المباحثات على أهمية وقف التصعيد العسكري ووقف إطلاق النار، وتغليب الحلول السياسية والدبلوماسية.

إيران تعلن إسقاط مسيرات واعتقال “جواسيس” وسط تبادل للاتهامات:

على الصعيد الميداني، أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن إسقاط الدفاعات الجوية لأربع طائرات مسيرة إسرائيلية في مدينة فارس، ومقتل 9 من عناصر الحرس الثوري الإيراني في هجوم على مركزين عسكريين بمدينة يزد، وفي سياق متصل، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية عن اعتقال ثلاثة أشخاص في محافظة كرمانشاه بتهمة التجسس، أحدهم مواطن من دولة أوروبية، وأشار المتحدث باسم السلطة القضائية، “أصغر جهانجير”، إلى تشكيل فروع قضائية خاصة للتعامل مع القضايا المتعلقة بـ”الكيان الصهيوني”.

في المقابل، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم: “ما زلنا بعيدين عن تدمير البرنامج النووي ولكن ألحقنا به ضرراً هائلاً”، كما وجه مسؤولون إسرائيليون تحذيرًا مباشرًا، قائلين: “إذا قرر خامنئي مهاجمة أهداف أمريكية فهو يخاطر بالتعرض لضربة أمريكية قاتلة”، مضيفين أن التركيز على مهاجمة إسرائيل قد يطيل أمد المعركة، من جهته، أكد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي استمرار “ضرب القدرات الإيرانية لمنعها من إطلاق الصواريخ”، وكشف عن قصف “موقع تابع للحرس الثوري في منطقة شهرود كان مخصصاً لتصنيع الصواريخ”.

فيما يرى مسؤولون إسرائيليون أن “احتمال قبول إيران الدخول في مفاوضات ضئيل إن لم يكن معدومًا”، وأنهم يرغبون في “إنهاء المعركة خلال هذا الأسبوع” لتجنب “حرب استنزاف مع إيران”، وصرح مستشار قائد الثورة الإيرانية قائلا “حتى مع افتراض تدمير المواقع النووية بالكامل فإن اللعبة لم تنته بعد، فالمواد الغنية والمعرفة المحلية والإرادة السياسية باقية على حالها، والمفاجآت ستستمر”.

يظل الوضع الراهن بالغ التعقيد، وتتجه الأنظار إلى التطورات القادمة في ظل استمرار تبادل الاتهامات والعمليات العسكرية، والجهود الدبلوماسية المستمرة لاحتواء الأزمة، هل ستنجح هذه الجهود في دفع الأطراف نحو التهدئة والحوار، أم أن المنطقة تتجه نحو تصعيد أكبر؟

اقرأ أيضا: تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بعد الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *