
يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا خطيرًا اليوم الخميس، حيث تتبادل إيران وإسرائيل الضربات وتصريحات التهديد، ما يثير قلقًا دوليًا واسعًا ودعوات عاجلة لخفض التصعيد، وقد وصل التوتر إلى مستويات غير مسبوقة مع استهداف منشآت نووية إيرانية وتهديدات إسرائيلية مباشرة للمرشد الأعلى الإيراني.
الحرس الثوري الإيراني يؤكد استمرار “الوعد الصادق 3” واستهداف مركز قيادة إسرائيلي:
أصدرت العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني البيان رقم 12 بشأن عملية “الوعد الصادق 3″، مؤكدةً أن “الجسد المتهالك للكيان الصهيوني لم يعد قادراً على تحمّل تبعات الضربات الاقتصادية المتلاحقة”، وأوضح البيان أن الموجة الـ 14 من الهجمات المركبة نُفّذت باستخدام طائرات انتحارية مسيّرة وصواريخ استراتيجية دقيقة، مستهدفة مركز القيادة والمعلومات لجيش الاحتلال الإسرائيلي قرب أحد المستشفيات “بدقة عالية”.
وأشار الحرس الثوري إلى أن قدرات القوات المسلحة الإيرانية في الاستخبارات والدقة الصاروخية باتت واضحة للعالم، وأن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة تحولت إلى “ثكنة عسكرية تعاني من الارتباك والذعر”، كما ذكر البيان أن جميع المراكز العسكرية الإسرائيلية قد تم إخلاؤها، وأن جيش الاحتلال لجأ إلى نشر منظوماته الصاروخية والدفاعية “عديمة الجدوى” في مناطق سكنية وتحت غطاء المرافق العامة، مجددًا التحذير بأن “لا توجد أي نقطة آمنة في أجواء الأراضي المحتلة”.
إسرائيل تستهدف منشآت إيرانية وتهدد المرشد الأعلى:
في المقابل، أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن إسرائيل شنت هجومًا استهدف منشأة “أراك” النووية للماء الثقيل في محافظة “مركزي”، مؤكدةً أنه لم يُسفر عن أي خسائر بشرية أو إصابات أو تسرب نووي، وقد وصف مسؤولون إيرانيون هذا الهجوم بأنه تصعيد خطير، وأبلغوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالحادث.
وفي تصعيد خطير للخطاب، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي عن شكره للولايات المتحدة على دعمها، وهاجم المرشد الأعلى الإيراني “علي خامنئي” بشدة، قائلاً: “خامنئي يريد تدمير إسرائيل ويجب ألا يظل على قيد الحياة”، كما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أنه “لا مفاوضات مع المستبدين”، وحمّل “خامنئي” المسؤولية المباشرة عن إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
من جانبه، أكد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن “النظام الإيراني مستعد لإيذاء إسرائيل بأي ثمن”، وأعلن أن الجيش “قصف الليلة الماضية مفاعل آراك في إيران”، وشدد المتحدث على التزام إسرائيل بـ”إزالة تهديد إيران وضرب مشروعيها النووي والصاروخي”، مشيرًا إلى وجود “خطط متدرجة في استهداف إيران”، وأضاف أن إسرائيل “تشن هجمات في لبنان وغزة بالتوازي مع عملياتها الواسعة في إيران”.
كما أعلن نائب محافظ “البرز” أن الكيان الإسرائيلي شن هجومًا استهدف نقطة في مطار “بيام” وسط إيران، ولم يسفر الهجوم عن وقوع أي إصابات أو أضرار بمدرج المطار، وأتى هذا بالتزامن مع تصريحات المتحدث العسكري الإسرائيلي التي أكد فيها قصف مواقع نووية في بوشهر، وأصفهان، ونطنز، ومواصلة استهداف منشآت أخرى في إيران.
دعوات دولية لخفض التصعيد وتحذيرات أمريكية:
أدان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ونظيره الصيني “شي جين بينج” الضربات الإسرائيلية على إيران خلال مكالمة هاتفية، اليوم الخميس، واتفقا على ضرورة خفض التصعيد في المنطقة، وصرح مساعد الكرملين “يوري أوشاكوف” أن “بوتين” و”شي” يدينان بشدة تصرفات إسرائيل التي تنتهك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ويعتقدان أنه لا يوجد حل عسكري للوضع الحالي والقضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وفي ظل تصاعد التوتر، أعلنت السفارة الصينية في إسرائيل أنها ستبدأ إجلاء رعاياها عبر الحدود المصرية اعتبارًا من يوم الجمعة، بعد أن غادر مئات المواطنين الصينيين إسرائيل ونحو 1600 آخرين غادروا إيران خلال الأيام القليلة الماضية.
من جانبه، أصدر مقر “خاتم الأنبياء” المركزي التابع للقوات المسلحة الإيرانية بيانًا حذر فيه الولايات المتحدة من مغبة أي تدخل مباشر في المواجهة الجارية مع إسرائيل، مؤكدًا أن ذلك سيؤدي إلى توسيع نطاق الحرب في المنطقة وتكبيد واشنطن “خسائر فادحة ولا يمكن تعويضها”، وأكد البيان أن العمليات ستتواصل بقوة أكبر حتى يتم تحقيق “الندم الكامل للمعتدي وضمان إزالة أي تهديد محتمل”.
بدوره، حذر الكرملين من أن أي تدخل أمريكي في الصراع بين إيران وإسرائيل سيؤدي إلى توسيع نطاق النزاع وجولة جديدة من التصعيد، وصرح المتحدث باسم الكرملين “دميتري بيسكوف” أن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الصراع سيؤدي إلى اتساع رقعة الصراع جغرافيًا، مشيرًا إلى تصريحات طهران التي تحذر من جولة أخرى “مروعة من التصعيد”.
وفي سياق متصل، من المقرر أن يتلقى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” اليوم الخميس، إحاطة استخباراتية في غرفة العمليات بالبيت الأبيض حول خيارات ضرب المنشآت النووية الإيرانية، وكان الرئيس الأمريكي قد شدد أمس الأربعاء على رؤيته للحرب بين إيران وإسرائيل، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “لا تتطلع إلى وقف لإطلاق النار بل إلى تحقيق انتصار كامل” في هذا الصراع.
هل يتجه الصراع نحو تصعيد أوسع؟
مع استمرار التصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل، والتصريحات الحادة من كلا الجانبين، بالإضافة إلى التحذيرات الدولية من اتساع نطاق الصراع، تزداد المخاوف من أن تشهد المنطقة تصعيدًا أوسع قد تكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي والدولي، يبقى السؤال المحوري هو إلى أي مدى يمكن احتواء هذا التصعيد، وما إذا كانت الجهود الدبلوماسية ستتمكن من منع انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة.