عالم

تصعيد إسرائيلي إيراني.. تهديدات متبادلة رغم الهدنة ودعوات إقليمية للتهدئة

طهران تؤكد استمرارية برنامجها النووي وتنفي إطلاق صواريخ على إسرائيل، بينما تتهمها بشن هجمات وتحذر من عواقب وخيمة، في ظل تضارب الروايات ودعوات دولية وإقليمية للتهدئة.

شهد الشرق الأوسط تصعيدًا جديدًا في التوترات، حيث تبادلت إيران وإسرائيل الاتهامات والتهديدات، في حين تسعى الأطراف الإقليمية والدولية إلى احتواء الموقف ومنع الانزلاق إلى صراع أوسع، وتأتي هذه التطورات على الرغم من إعلان الولايات المتحدة عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مما يسلط الضوء على هشاشة الهدنة وعدم استقرار الوضع على الأرض.

إيران تؤكد صمودها النووي وتنفي الاتهامات الإسرائيلية:

في خضم التوترات المتصاعدة، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، “محمد إسلامي”، أن بلاده اتخذت كافة الاحتياطات لضمان استمرارية صناعتها النووية دون أي انقطاع، رغم الهجمات الخارجية التي نسبها إلى الولايات المتحدة و”الكيان الصهيوني”، ونقلت وكالة “تسنيم” الإيرانية، عن “إسلامي” قوله: “إن الاستعدادات لعملية الإحياء كانت قد توقّعت مسبقاً”، مؤكداً عزم طهران على مواصلة برنامجها النووي رغم التحديات الأمنية.

وفي سياق متصل، نفت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية إطلاق أي صواريخ من أراضيها باتجاه الكيان الإسرائيلي خلال الساعات الماضية، وذلك رداً على مزاعم إسرائيل بوقوع هجمات صاروخية وصفتها بانتهاك لوقف إطلاق النار، ويُبرز هذا النفي تضارب الروايات بين الطرفين حول الأحداث الأخيرة.

اتهامات إيرانية لهجمات إسرائيلية وتحذير من «ثمن باهظ»:

أعلنت طهران، اليوم الثلاثاء، عن تعرض أراضيها لهجمات متعددة من قبل الكيان الإسرائيلي على ثلاث مراحل، وصرح المتحدث باسم مقر خاتم الأنبياء المركزي، بحسب وكالة “تسنيم”، أن “النظام الصهيوني المعتدي” قد “غزا أراضي الجمهورية الإيرانية”، مشدداً على أن إسرائيل “ستدفع ثمناً باهظاً” لهذه الأعمال، ويأتي هذا الاتهام الإيراني في أعقاب أسابيع من التصعيد العسكري وتبادل التهديدات، مما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية.

إيران تبرر هجومها على «قاعدة العديد» وتؤكد صداقتها لقطر:

وصفت إيران الضربات الصاروخية التي استهدفت “قاعدة العديد” الأمريكية في قطر بأنها “ممارسة لحق الدفاع المشروع ورد على العدوان العسكري الأمريكي”، وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “إسماعيل بقائي”، في تغريدة على منصة “إكس”، أن الضربات نُفذت بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة رداً على “العدوان العسكري الأمريكي” في 22 يونيو الجاري، وشدد بقائي على أن هذا العمل الدفاعي لا ينبغي اعتباره موجهًا ضد قطر، مؤكداً التزام إيران بعلاقاتها الطيبة معها.

وفي اتصال هاتفي مع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية، “محمد الخليفي”، أشار مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، “مجيد تخت روانجي”، إلى “اعتداءات الكيان الصهيوني وأميركا ضد إيران ودول أخرى في المنطقة”، مؤكداً أن إيران لن تسمح لهذه الأعمال العدائية بالتسبب في الانقسام بين دول المنطقة.

دعوات إقليمية لوحدة الصف وتهدئة شاملة:

في محاولة لاحتواء التصعيد، أجرى وزير الخارجية الإيراني، “عباس عراقجي”، اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الإماراتي، “عبد الله بن زايد آل نهيان”، لمناقشة “الاعتداءات” الأخيرة، وأكد “عراقجي” التزام بلاده بحسن الجوار وتعزيز العلاقات مع دول الخليج، مشيداً بـ”الموقف المسؤول” للدول الإقليمية في إدانة ما وصفه بـ”الهجمات غير القانونية” التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران، وشدد على ضرورة التقارب بين دول المنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار.

من جانبه، أشار وزير الخارجية الإماراتي إلى العلاقات الجيدة بين طهران وأبو ظبي، مؤكداً على ضرورة بذل جهود وتعاون مشترك بين جميع دول المنطقة لحماية الأمن والاستقرار الدائم.

مصر ترحب بوقف إطلاق النار وتدعو لتهدئة شاملة:

رحبت مصر بإعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، واعتبرت القاهرة هذا التطور “جوهريًا” لاحتواء التصعيد الخطير، وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن هذه الخطوة تمثل فرصة حقيقية لوقف دائرة التصعيد والهجمات المتبادلة، ودعت الطرفين إلى الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار وممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

كما ثمنت مصر هذه الخطوة الهامة نحو التهدئة، مؤكدة استمرارها في بذل جهودها الدبلوماسية لتثبيت وقف إطلاق النار ودعم مسار التهدئة، وصولاً إلى تسوية شاملة ومستدامة للأزمات، وجددت القاهرة التأكيد على أن القضية الفلسطينية تظل لب الصراع في المنطقة، وأن تسويتها بشكل عادل وشامل هو البديل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار المستدام.

إسرائيل تتوعد بـ«ضربات شديدة» في طهران:

في المقابل، توعد الكيان الإسرائيلي بالرد “بشدة” على ما وصفه بانتهاك إيران لاتفاق وقف إطلاق النار، معلنًا عن نيته توجيه “ضربات شديدة الكثافة ضد أهداف في قلب طهران”، ووفقًا لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، قال وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي “يسرائيل كاتس” إنه وجه جيش الدفاع الإسرائيلي بمواصلة العمليات المكثفة لضرب أهداف النظام والبنية التحتية للإرهاب في طهران، “حسب وصفه”، وأكد رئيس هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، “إيال زامير”، أنهم “سيضربون بقوة” في ضوء الانتهاك الخطير لوقف إطلاق النار من قبل النظام الإيراني.

الرئيس الإيراني يوضح لـ«تميم»: هجومنا رد على أمريكا وأمير قطر يطمئن طهران:

أجرى الرئيس الإيراني، “مسعود بزشكيان”، اتصالًا هاتفيًا بأمير قطر، الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، لتوضيح ملابسات الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير الذي استهدف “قاعدة العديد” الأمريكية في قطر، وأكد الرئيس الإيراني أن الهجوم كان رداً على “المشاركة الأمريكية المباشرة والعلنية في عدوان النظام الصهيوني على الأراضي الإيرانية”، مشدداً على أنه “لا يُعتبر بأي حال من الأحوال مواجهة بين إيران وصديقتها وشقيقتها وجارتها قطر”.

من جانبه، أكد أمير قطر، الشيخ “تميم بن حمد”، أن المكالمة الهاتفية لم تكن مجرد محادثة رسمية، بل “محادثة مع صديق حميم”، وأفاد أمير قطر بأن بلاده “بذلت جهودًا حثيثة” لإبعاد المنطقة عن تحريضات الكيان الإسرائيلي، بما في ذلك العدوان على الأراضي الإيرانية، وفي نقطة محورية، أكد “تميم”، أن القاعدة الأمريكية في قطر “لم ولن تستخدم من أجل القيام بأي عمل ضد إيران”، مشدداً على أن “قطر ستمنع بالتأكيد أي عمل من هذه القاعدة ضد الدولة الصديقة والشقيقة إيران”.

يُظهر هذا التصعيد الأخير في الشرق الأوسط تعقيدات المشهد الإقليمي وتضارب المصالح بين الأطراف الفاعلة، ففي الوقت الذي تدعو فيه دول المنطقة والمجتمع الدولي إلى التهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار، تستمر الاتهامات المتبادلة والتهديدات العسكرية، مما ينذر بمزيد من التوتر وعدم الاستقرار، ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً هو ما إذا كانت الجهود الدبلوماسية ستنجح في احتواء هذا التصعيد ومنع المنطقة من الانزلاق إلى مواجهة أوسع نطاقاً، أم أن التوتر سيستمر في التصاعد؟

اقرأ أيضا: إسرائيل تتوعد بـ«ضربات شديدة» في طهران بعد اتهام إيران بخرق الهدنة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *