
في خطوة ذات أبعاد إقليمية ودولية كبيرة، من المتوقع أن يوقع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قريبًا أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، حسبما أفاد اليوم الأثنين، مصدران مطلعان لشبكة “سي بي إس نيوز”، الأمريكية يأتي هذا القرار الحاسم بعد إعلان “ترامب” في مايو الماضي خلال زيارته للشرق الأوسط، عن نية الولايات المتحدة رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا.
تحول في السياسة الأمريكية وتوقعات اقتصادية:
يُشير هذا التطور إلى تحول في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، خاصة بعد انهيار “نظام الأسد” وتشكيل إدارة انتقالية جديدة برئاسة “أحمد الشرع”، الذي التقى به “ترامب” في مايو الماضي بالمملكة العربية السعودية، وأعلن عن تشكيل حكومته الانتقالية في مارس الماضي، وقد مارست الإدارة السورية الانتقالية ضغطًا مكثفًا على إدارة “ترامب” منذ أشهر لتخفيف هذه العقوبات، وبدأ العمل الفعلي لرفع بعضها قبل إعلان الرئيس الأمريكي في مايو.
وشهد الشهر الماضي خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، حيث أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توجيهات رسمية برفع بعض العقوبات المفروضة على البنوك وشركات الطيران، كما أصدرت الوزارة إرشادات للمعاملات المعتمدة في سوريا، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية.
وصرح وزير الخزانة “سكوت بيسنت” في وقت سابق بأن هذه الإجراءات تهدف إلى “تشجيع الاستثمار في سوريا”، وهو ما يفتح آفاقًا لإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي في بلد مزقته سنوات من النزاع.
ويُقدر البنك الدولي أن إعادة إعمار سوريا قد تتجاوز 400 مليار دولار أمريكي، مما يؤكد على حجم التحدي وأهمية تدفق الاستثمارات.
تداعيات إقليمية ودولية ومخاوف قائمة:
تتجاوز آثار تخفيف العقوبات الحدود السورية، لتطال المشهد الإقليمي والدولي الأوسع، فمن جهة، يأمل العديد من الفاعلين الإقليميين في أن يؤدي هذا التخفيف إلى استقرار أكبر في سوريا، مما قد يساهم في الحد من التوترات الإقليمية، ويرى مراقبون أن هذا القرار بمثابة إشارة على تراجع نفوذ “إيران” وتأثير الصراعات الإقليمية، بالإضافة إلى انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا.
لكن من جهة أخرى، تظل هناك مخاوف دولية تتعلق بطبيعة الإدارة السورية الانتقالية، فماضي “أحمد الشرع”، المعروف سابقًا بـ”أبو محمد الجولاني” والذي كان قائدًا لهيئة تحرير الشام ذات الصلة بتنظيم القاعدة، يثير تساؤلات حول مدى استقرار هذه الإدارة والتزامها طويل الأمد بالمبادئ الديمقراطية، ورغم أن “الشرع” قد نأى بنفسه علنًا عن القاعدة وأعاد تسمية جماعته، إلا أن هذا الجانب يظل محل متابعة دقيقة من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، لضمان عدم تحول سوريا إلى ملاذ آمن للجماعات الإرهابية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض العقوبات المفروضة على سوريا تعود إلى عام 1979، عندما صُنفت سوريا كـ “دولة راعية للإرهاب”، هذه العقوبات تتطلب إلغاءً رسميًا من قبل الكونغرس الأمريكي، مما يعني أن الرفع الكامل والشامل للعقوبات سيكون عملية مطولة تتطلب تنسيقًا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الولايات المتحدة، ويُرجح أن تكون هذه الإجراءات المتخذة حاليًا بمثابة خطوة أولى، مع مراقبة الأداء والتطورات على الأرض في سوريا قبل أي خطوات إضافية نحو الرفع الكلي.
اقرأ أيضا: ترامب يُطلق تصريحات نارية حول إيران والصين وسوريا