
رغم المخاوف من تداعيات التوترات الجيوسياسية في المنطقة وخصوصًا داخل قطاع غزة، إلا أن البورصة المصرية استطاعت تسجيل قمم تاريخية مع اختراق المؤشر الرئيسي “إيجي إكس 30” لمستويات تتجاوز 36 ألف نقطة، إلى جانب استمرار مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة في تحقيق مستويات قياسية غير مسبوقة وتجاوز مستوي 10,700 نقطة.
ويأتي هذا الأداء انعكاسًا مباشرًا لحزمة الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا، والتي عززت من جاذبية السوق للاستثمار المحلي والأجنبي، ودفعت الشركات المقيدة إلى الإعلان عن نتائج أعمال قوية ومتنوعة في معظم القطاعات، ما بين نمو قياسي في الأرباح أو تحسن ملحوظ في الإيرادات.
وتصدرت نتائج بعض القطاعات مشهد السوق، حيث جاءت أبرزها كالتالي:
قطاع البنوك
ارتفع صافي ربح البنك التجاري الدولي – مصر (CIB)، صاحب الوزن الأكبر بالمؤشر الرئيسي، بنسبة 21% خلال النصف الأول من العام الجاري، مسجلًا 33.34 مليار جنيه مقابل 27.54 مليار جنيه في الفترة المماثلة من عام 2024، مع الأخذ في الاعتبار حقوق الأقلية.
قطاع الخدمات المالية
أعلنت شركة “فاليو” المدرجة حديثًا بالبورصة المصرية استمرار توسعها الإقليمي وحصولها على رخصة مبدئية من البنك المركزي الأردني تمهيدًا لبدء النشاط رسميًا في 2026، في خطوة تعكس توجه شركات القطاع للتوسع الخارجي وتنويع مصادر الدخل.
قطاع العقارات
مدينة مصر للإسكان والتعمير أعلنت استهداف تسليم نحو 1500 وحدة سكنية خلال 2025، بإجمالي عقود مقاولات مخطط إسنادها هذا العام بقيمة 13 مليار جنيه.
أما مرسيليا المصرية الخليجية فقد حققت قفزة غير مسبوقة في الإيرادات بنسبة نمو 649% خلال النصف الأول من 2025 لتسجل 384.9 مليون جنيه، مقابل 51.4 مليون جنيه فقط في الفترة المماثلة من 2024، مع تحولها للربحية بصافي ربح بلغ 39.3 مليون جنيه بعد أن سجلت خسائر 40.4 مليون جنيه العام الماضي.
قطاع الأسمنت
أظهرت نتائج أعمال شركات الأسمنت أداءً قويًا مع استمرار الطلب المحلي وتحسن أسعار البيع، حيث سجلت عدة شركات نموًا ملحوظًا في الإيرادات والأرباح.
قطاعات أخرى
في قطاع الموارد الأساسية، حققت شركة أموك مبيعات بلغت 37.6 مليار جنيه خلال 2025 مقابل 33.8 مليار جنيه في 2024، بصافي ربح 1.55 مليار جنيه.
أما في قطاع النقل والشحن، ارتفعت إيرادات الإسكندرية للحاويات بنسبة 26% لتصل إلى 8.3 مليار جنيه خلال 2025، فيما واصلت “إيجيترانس” تحقيق نمو في الإيرادات والأرباح.
وفي الرعاية الصحية، تراجعت مبيعات سبيد ميديكال بنسبة 3.35%، لكن خسائرها تقلصت بنسبة 30%.
ويرى خبراء سوق المال في تصريحاتهم لـ«البورصجية» أن نتائج أعمال الشركات الإيجابية ستواصل دعم مؤشرات البورصة نحو استهداف مستويات قياسية جديدة.
قال مينا رفيق، المحلل الأول في شركة برايم للاستثمار، إن نتائج أعمال الشركات عن النصف الأول من 2025 جاءت متفاوتة بين مختلف القطاعات، موضحًا أن بعض القطاعات مثل الأسمنت والأدوية استطاعت تحقيق معدلات نمو قوية، فيما تأثرت شركات أخرى بأرباح فروق تقييم العملة في العام المقارن.
وأضاف مينا ، أنه باستبعاد هذا البند نجد أن معظم الشركات نجحت في تحقيق نمو واضح في إيراداتها.
وأشار إلى أن هذه النتائج انعكست بشكل إيجابي على أداء البورصة المصرية، خاصة الأسهم التي سجلت معدلات نمو مرتفعة مثل شركات قطاع مواد البناء التي ارتفعت بوتيرة أكبر من بقية السوق.
ورغم التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، أكد رفيق أن عدم تصاعد الأحداث إلى مستويات خطرة، إلى جانب توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة نتيجة تراجع معدلات التضخم، فتح شهية المستثمرين نحو المخاطرة وعزز من اتجاههم لزيادة استثماراتهم في الأسهم.
ويري عبد الحميد إمام، كبير الاقتصاديين في بايونيرز لتداول الأوراق المالية، أن التوترات الجيوسياسية تلعب دورًا محوريًا في التأثير على أسواق المنطقة العربية، موضحًا أنه في حال وقوع اجتياح لغزة من قبل الكيان، فإن ذلك سيؤثر سلبًا على مختلف الأسواق بالمنطقة. أما في حالة التوصل إلى هدنة، فإن الأثر سيكون إيجابيًا على الأسواق كافة.
وأشار إمام إلى أن نتائج أعمال الشركات في الربع الثاني من 2025 جاءت إيجابية وجيدة جدًا في معظم القطاعات، حيث أظهرت الشركات مرونة واضحة في التعامل مع المتغيرات حتى في ظل أزمة التعريفات الجمركية الأمريكية.
وأوضح أن فرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على الصادرات المصرية لم يشكل تحديًا كبيرًا مقارنة بدول منافسة تتحمل تعريفات أعلى، مما أعطى ميزة نسبية للسوق المصري.
وأضاف أن أداء الشركات الجيد في ظل هذه الظروف يعكس قوة الأساسيات الاقتصادية، ويؤكد أن البورصة المصرية قادرة على الاستمرار في جذب الاستثمارات، حتى مع وجود تحديات خارجية.
وبينما تتباين التحديات الداخلية والخارجية، فإن تنوع القطاعات الرابحة واستمرار تدفق الأخبار الإيجابية من نتائج أعمال الشركات يعززان من توقعات استمرار الأداء القوي للبورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، مع بقاء الأنظار معلقة على مسار السياسة النقدية والتطورات الجيوسياسية بالمنطقة.