تجارة وصناعة

بعد 6 أشهر من التصعيد.. الاقتصاد العالمى ينفض غبار الحرب التجارية

رغم الغيوم الداكنة التي خيّمت على المشهد الاقتصادي العالمي بسبب تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، فإن الاقتصاد العالمي يثبت مرةً أخرى أنه لا يستسلم بسهولة للعواصف.

فبينما توقّع الخبراء ركودًا يضرب الأسواق ويُربك حركة التجارة، جاءت النتائج عكس كل التقديرات، لتكشف عن اقتصادٍ عالميٍّ أكثر صلابة وقدرة على التكيّف مما ظنه الجميع.

فمنذ نحو ستة أشهر، ومع إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إطلاق حربٍ تجارية وُصفت بأنها الأشد منذ عقود، استعد المستثمرون والشركات لركود اقتصادي وشيك، إلا أن التطورات الأخيرة أثبتت أن الاقتصاد العالمي ما زال يسير بثقة على طريق النمو وعاد النشاط الاقتصادي ليلامس مستويات ما قبل الأزمة، مدعومًا بثقة المستثمرين وتوسّع الإنتاج وارتفاع مؤشرات النمو في كبرى الاقتصادات.

وكشف تقرير حديث لمجلة «إيكونوميست» البريطانية، أن مؤشرات النشاط الاقتصادي العالمي استعادت مستوياتها التي سبقت اندلاع الحرب التجارية، بعد فترة من التباطؤ المحدود خلال الفترة الماضية.

وقالت المجلة إن مؤشر النشاط الحالي أظهر تعافياً قوياً، بينما صعد مؤشر «جيه. بي. مورجان» لمديري المشتريات إلى أعلى مستوى له منذ 14 شهراً.

كما قدّر بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 3.9% خلال الربع الثالث من العام الجاري، في وقت تشهد فيه معظم اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توسعاً مستقراً، باستثناء فنلندا التي دخلت في ركود محدود.

وأشارت المجلة إلى أن هذا الأداء القوي يرتبط جزئياً بتراجع حدة الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، إذ انخفضت من مستويات كانت قد تصل إلى 28% إلى نحو 10% فقط، إلى جانب الدور المهم الذي لعبته السياسات المالية التوسعية، خصوصاً في الولايات المتحدة، في دعم الطلب العالمي.

وبالرغم من استمرار الحذر بين المستثمرين خشية القرارات التي قد تعيد إشعال التوتر التجاري أو تقلص الإنفاق العام، فإن أسواق الأسهم العالمية عكست حالة من الثقة، حيث ارتفع مؤشر «إم إس سي آي» إلى مستويات قياسية، مدفوعاً بنمو أرباح الشركات بنسبة 7% على أساس سنوي خلال الربع الثاني، وهو معدل يفوق المتوسط التاريخي.

وحققت القطاعات الدورية، مثل السيارات والمعدات الصناعية، أداءًا أفضل من القطاعات الدفاعية التي تقدم منتجات أساسية للمستهلكين، أما المخاوف المتعلقة بالاعتماد المفرط على استثمارات الذكاء الاصطناعي، فقد تراجعت بشكل ملحوظ.

وأوضحت “الإيكونوميست”، أن نحو ثلثي الاستثمارات في المعدات ومعالجات المعلومات لا ترتبط مباشرة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، كما لم تُظهر الاقتصادات خارج الولايات المتحدة مؤشرات على اعتماد مفرط على هذا القطاع لتحقيق النمو.

وبينما لا تزال ثقة المستهلكين أقل من مستويات ما قبل جائحة فيروس “كورونا”، ظلت مؤشرات الطلب والإنفاق متماسكة.

وخلص التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي، بعد ستة أشهر من اندلاع الحرب التجارية، أثبت أنه أكثر مرونة مما كان متوقعاً، قادراً على التكيف مع الاضطرابات، ومستمراً في تحقيق نمو ثابت رغم العواصف الجيوسياسية والاقتصادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *