
“صناعة ألبان الأطفال”.. ملف هام فتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في فعاليات موسم حصاد القمح 2025 بمنطقة الضبعة في مطروح، إذ طالب الرئيس بضرورة إنشاء مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر على ضوء استيراد من 40 إلى 45 مليون علبة.
الرئيس يطالب بإنشاء مصنع لإنتاج لبن الأطفال
وقال الرئيس: “هذا الأمر أتحدث فيه منذ أربع سنوات، ويجب الانتهاء من هذه الملفات، ليس فقط من جانب الحكومة ولكن بمشاركة المستثمرين ورجال الصناعة والقطاع الخاص”.
ويعتمد السوق في مصر بشكل أساسي على الألبان المستوردة، وبسبب ذلك تعرضت مصر لأزمات نقص الألبان أكثر من مرة.
أزمات نقص لبن الأطفال في مصر
ففي عام 2016، شهدت مصر أزمة نقص وغلاء في لبن الأطفال، إذ قلت بشكل كبير العبوات المدعمة للبن الأطفال التي تستخدم بدلًا للرضاعة وارتفع ثمنها بشكل كبير، وارتفع ثمن العبوات غير المدعمة، مما أدى إلى تظاهر الأمهات في الشوارع.
وتدخل الجيش وقتها في الأزمة، إذ صرح المتحدث باسم القوات المسلحة، حينها بأن الشركات المختصة باستيراد عبوات لبن الأطفال، تقوم باحتكارها للمغالاة في سعرها ما تسبب في زيادة المعاناة على المواطن البسيط.
وقامت القوات المسلحة بالتنسيق مع وزارة الصحة، بالتعاقد على نفس عبوات الألبان، ليصل سعر العبوة إلى 30 جنيهاً بدلاً من 60 جنيهاً، أي بنسبة تخفيض تصل إلى 50%.
وتكررت الأزمة مرة أخرى في العام الماضي 2024، إذ شهد السوق المصري نقصًا في لبن الأطفال، بنسبة تتراوح ما بين 25 إلى 30%، وكان السبب في تلك الأزمة هو تغيير الشركة الأجنبية الموردة للبن الأطفال الأكثر مبيعًا والمعروف باسم “بيبيلاك” لموزعها في مصر بعد التعثر المالي للوكيل، مما أدى إلى فجوة في حجم المعروض.
مصنع واحد يغطي 60% من احتياجات السوق المحلي
وبعد توجيهات الرئيس، أوضحت وزارة الصناعة أنه يوجد مصنع واحد لألبان الأطفال في مصر يقتصر على استيراد اللبن المجفف والفيتامينات ليقوم بخلطها وتعبئتها وتسليمها إلى وزارة الصحة، حيث يغطي هذا المصنع نحو 60% من احتياجات السوق المحلي.
وأضافت الوزارة أن توجيهات الرئيس بضرورة إنشاء مصانع جديدة لتعميق التصنيع المحلي في هذا المجال، على أن تنفذ هذه المصانع صناعة متكاملة لصناعة الألبان في مصر بدءًا من تجميع الألبان وتجفيفها ثم فصل البروتين واستكمال عمليات التصنيع وهو ما تعمل عليه وزارة الصناعة منذ فترة للمساهمة في سد احتياجات السوق المحلي، وتوفير العملة الصعبة.
وأكدت الوزارة أنها بدأت بالفعل في تنفيذ هذه التوجيهات من خلال العمل على تأسيس منظومة صناعية متكاملة تساهم في سد احتياجات السوق وتوفير العملة الصعبة.
ودعت مستثمري القطاع الخاص للدخول في هذا المجال الحيوي، مؤكدة استعدادها لتوفير كافة التسهيلات اللازمة لضمان نجاح تلك المشروعات، بما يسهم في تقليص الفجوة بين العرض والطلب في السوق المحلي.
التحدي الأكبر توفير اللبن الطبيعي
ومن جانبه، قال المهندس خالد صلاح، المتحدث باسم جهاز مستقبل مصر، إن الجهاز اجتمع مع القطاع الخاص لإنشاء مصانع ألبان للأطفال لسد العجز، فور توجيهات الرئيس.
وأوضح خالد صلاح، أن التحدي الأكبر حاليًا توفير اللبن الطبيعي من أجل إنتاج لبن المجفف الخاص بالأطفال.
وتابع: “قريبًا ستكون هناك أخبارًا سارة عن مصنع ألبان الأطفال، وذلك للسعي الى تحقيق الاكتفاء الذاتي من ألبان الأطفال تبعًا لتوجيهات الرئيس السيسي”.
“لاكتو مصر” المتخصصة الوحيدة في إنتاج ألبان الأطفال
وتعد “لاكتو مصر”، التي تأسست عام 2000، هي الشركة المحلية الوحيدة المتخصصة في إنتاج ألبان الأطفال المجففة.
ووفقًا لتصريحات الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، فأن الدولة بدأت منذ 2017 إعادة تأهيل مصنع “لاكتو مصر” بتوجيهات رئاسية، بهدف تمكينه من تصنيع ألبان الأطفال محليًا.
وأضاف أن المصنع خضع لضخ استثمارات كبيرة لتحقيق هذا الهدف، وتم تنفيذ خطة لإعادة هيكلة المصنع على عدة مراحل، تبدأ بإنتاج الكميات المطلوبة لتغطية احتياجات وزارة الصحة، والتي تُقدر بنحو 25 مليون عبوة سنويًا، وبنفس كفاءة الألبان المستوردة.
وأضاف أن “لاكتو مصر” نجح في توفير هذه الاحتياجات دون انقطاع في الإنتاج أو التوريد، حتى خلال فترات نقص العملة الأجنبية، وبنفس الجودة العالمية.
وأشار إلى أن هناك عدة أنواع من ألبان الاطفال يتم تصنيعها وتداولها الآن بين وزارة الصحة والصيدليات وتشمل ألبان أطفال من سن يوم إلي ستة أشهر، ونوع آخر من عمر 6 أشهر حتي سنتين، بالإضافة إلي تصنيع أنواع أخري علاجية وتشمل 4 أنواع، منها ألبان علاجية للأطفال الذين يعانون من أمراض الحساسية.
وواصل: “وبعد نجاح المرحلة الأولى تقرر التوسع في الإنتاج لتغطية جزء من احتياجات القطاع الخاص، فتمت زيادة الطاقة الإنتاجية للمصنع بنسبة 10%، وبدأ المصنع في طرح كميات محدودة من ألبان الأطفال رقم 1 ورقم 2 في السوق المصري تدريجيًا منذ بداية عام 2025، بسعر تنافسي يبلغ 190 جنيهًا للعبوة، بينما تتراوح أسعار الألبان المستوردة بين 300 إلى 500 جنيه للعبوة الواحدة، تكفي لثلاثة أيام فقط، ما يمثل عبئًا كبيرًا على المواطن المصري”.
وأوضح أن الهدف الآن هو تغطية السوق المحلي بالكامل بألبان أطفال مصرية الصنع وذات جودة عالمية، لكن بتكلفة تقل إلى النصف تقريبًا للمستهلك، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء مصنع جديد بالكامل، وهو ما سيستغرق وقتًا، أو السماح بدخول القطاع الخاص كشريك في المصنع الحالي، ما يتيح رفع الطاقة الإنتاجية إلى 50 مليون عبوة سنويًا، وبالتالي تغطية نحو 90% من احتياجات السوق المحلي.
وأكد أن هذا هو اتجاه الدولة حاليًا، بهدف توفير ألبان الأطفال محليًا لتقليل الضغط على العملة الصعبة، مع الحفاظ على المعايير الدولية في الجودة، وتقديم المنتج بنصف سعر المستورد.