عادت قضية سد النهضة إلى الواجهة من جديد بعد أن قررت إثيوبيا بدء عملية الملء الخامس لسد النهضة نهاية يوليو المقبل دون اتفاق أو تنسيق مع دولتي المصب مصر والسودان حيث من المتوقع أن يحجز الملء الخامس 23 مليار متر مكعب من مياه النيل مما يثير تخوفات مصر من نقص حصتها من مياه النيل خصوصًا أن أثيوبيا تتحرك بمفردها دون تنسيق رغم أن مصر دعتها إلى إجراء دراسات فنية تفصيلية حول آثار السد مؤكدة أن إجراءات أديس أبابا الأحادية تكرس التوتر وعدم الاستقرار بالمنطقة.
وبثت وسائل إعلام إثيوبية صورًا حديثة عن استعدادات إثيوبيا للملء الخامس لسد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا منذ عام 2011 وتسبب في توترات مع مصر والسودان وأعلنت مصر في ديسمبر الماضي فشل آخر جولة للمفاوضات التي استمرت نحو أربعة أشهر.
ووفق الخبراء فإن صور الأقمار الاصطناعية الحديثة أظهرت استعداد إثيوبيا للملء الخامس الذي يبدأ نهاية يوليو ويستمر حتى العاشر من سبتمبر المقبلين بهدف تخزين كمية إضافية من المياه تبلغ نحو 23 مليار متر مكعب ليصل ارتفاع منسوب المياه بالسد إلى 640 متراً فوق سطح البحر.
وأوضح الخبراء أن مصر تقوم بتدوير وإعادة استخدام نحو 26 مليار متر مكعب سنويًا من مياه الصرف الزراعي لتعويض العجز وأن مخزون بحيرة سد النهضة وصل عقب الملء الرابع الذي انتهى في سبتمبر الماضي إلى 41 مليار متر مكعب ثم فتحت إثيوبيا بوابتي التصريف من 31 أكتوبر حتى 8 نوفمبر الماضيين لخفض منسوب البحيرة بهدف تكملة خرسانة الممر الأوسط ولم تستفد إثيوبيا من هذه المياه في توليد الكهرباء وسيصل ارتفاع المياه خلف السد عقب الملء الخامس إلى 640 مترًا.
وأشار الخبراء إلى أن الملء الخامس لسد النهضة سوف يصعّب الموقف في ملف السد وستضطر مصر خلال فترة الملء إلى السحب من مخزون بحيرة ناصر لتعويض نقص المياه وهذا يُشكل خطرًا كبيرًا لأن مخزون السد العالي استراتيجي ولا يجب المساس به وإذا اضطرت مصر إلى السحب منه فإن ذلك يجب أن يكون بكمية قليلة يتم تعويضها بسرعة.
وبحسب الخبراء فإن المشكلة الأكبر هي أن موسم الفيضان القادم على الهضبة الإثيوبية يتوقع أن يكون متوسطًا خلال الملء الخامس للسد وهو ما يعني نقص حصة مصر بشكل كبير مؤكدين أن استعدادات إثيوبيا للملء الخامس تعد منعطفاً جديداً في التوتر بسبب ملف السد وإنه على الرغم من التوقعات باستمرار مصر في اتباع نهج الدبلوماسية الهادئة في التعامل مع أزمة سد النهضة فإن التطورات والاضطرار إلى السحب من مخزون بحيرة السد العالي قد يؤدي إلى اتخاذ مصر إجراءات تصعيدية خاصة مع استمرار التعنت الإثيوبي لافتين إلى أن الأوضاع الإقليمية المتصاعدة تلقي بظلالها على أزمة السد ومع ما تمثله من خطورة على استقرار المنطقة لذا قد تدفع أزمة السد أطرافاً إقليمية إلى الضغط على أديس أبابا للعودة للتفاوض.
وتثير قضية سد النهضة توترات بين القاهرة وأديس أبابا منذ توقف المفاوضات في ديسمبر الماضي كما أن تحركات أديس أبابا الرامية لاستكمال بناء السد من دون تشاور تُشكل خطرًا وجوديًا يهدد نحو 150 مليون مواطن في دولتي المصب مصر والسودان.
وتشكو مصر شحًا مائيًا وتعتمد بشكل أساسي على مياه النيل حيث تبلغ حصتها 55.5 مليار متر مكعب سنويًا في حين تبلغ استخدامات مصر الفعلية الحالية من المياه نحو 80 مليار متر مكعب سنويًا ويتم تعويض الفجوة بتدوير وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي.