بعد طرح بنكا الأهلي ومصر شهادات ادخار بعائد سنوي يبلغ 23.5% يٌصرف شهريًا، و27% يُصرف سنويًا، زادت التساؤلات بين المواطنين بشأن الاستثمار الأنسب لأموالهم والأكثر ربحًا، خاصة مع الارتفاعات الكبيرة التي تشهدها أسعار الذهب.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن الاستثمار يتوقف على نوع المستثمر، فهناك أنواع للمستثمرين؛ مستثمر متحفظ يريد الأمان ولا يريد المخاطرة حتى إن كانت الأرباح كبيرة وتصل إلى 80%، وهذا المستثمر يفضل وضع أمواله شهادات في البنوك والحصول على مبلغ كل شهر، وهناك المستثمر المخاطر الذي يحب المخاطرة، ويريد أرباح كبيرة حتى إن كانت هناك مخاطرة كبيرة قد تؤدي إلى ضياع كل نقوده في سبيل المكسب، وهذا المستثمر يفضل الاستثمار في البورصة وأسهم المضاربة أو الذهب، والمستثمر الثالث هو المتوازن أو العاقل الذي لا يمانع في وجود نسبة صغيرة من المخاطرة مقابل تحقيق أرباح جيدة، وهذا يفضل وضع أمواله في البنك والحصول على عائد كبير ثابت كشهادات الـ23.5 و27%.
وأضاف “رشاد”، خلال تصريحات لـ”البورصجية”، أن شهادات البنوك هي الأكثر أمانًا ولا تحتوي على أي مخاطرة لذلك يلجأ إليها الكثيرون، ففي خمسة أيام من الإعلان عن الشهادات بلغت حصيلة بيع شهادات 27% ببنكي الأهلي ومصر 50 مليار جنيه، وبنهاية الشهر ستصل إلى أكثر من ذلك بكثير، على الرغم من أن مكسب الشهادات ليس بالكبير، وقد تنقص الأموال مع نهاية العام في ظل وجود التضخم الذي يعمل على تآكل نسبة كبيرة من النقود، متابعًا: “يعني لو حد استثمر 100 جنيه في الشهادات وخد نسبة .523% في نهاية العام هتكون .5123 في حين أن التضخم طبقًا للجهاز المركزي وصل لـ35%، وعند جمع 100و23.5 وطرح 35 هيتضح أن فلوس الشخص نقصت 11.5”.
وواصل أن الشهادات على عكس الذهب، الذي زاد بشكل كبير على مدار العام الماضي، ففي بداية العام الماضي كان سعر الذهب عيار 21 قد سجل 1650 جنيه وبنهاية العام تجاوز 3000 جنيه، أي أن الزيادة بنسبة من 80 إلى 90%، فما الأفضل مكسب 80 أو 90% أم خسارة 11.5%؟، فنظريًا الذهب أفضل من الشهادات وعلى الرغم من ذلك إلا أن عدد كبير من المواطنين يفضل شهادات البنوك عن الذهب لأن المستثمر يريد الأمان.
في حين قال بلال شعيب، الخبير الاقتصادي ومدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، إن هناك عدة عوامل تحدد قرار الاستثمار وهي؛ سن المدخر، فإن كان الشخص كبيرًا في السن ومعه مبلغ نهاية الخدمة من الأفضل له وضع أمواله في البنك، وخبرات المدخر، هل من الممكن أن يقوم بعمل مشروع صغير خاصة مع اهتمام الدولة بالمشروعات متناهية الصغر، والحاجة إلى الأموال الشهرية، ففي حالة إن كان الشخص كبير في السن وحصل على مبلغ نهاية الخدمة يكون في حاجة إلى عائد دوري بديل للراتب، وبالتالي فأن الشهادات البنكية الجديدة مفيدة لكبار السن الذين يحتاجون إلى عائد شهري.
وأوضح “شعيب”، خلال تصريحات لـ”البورصجية”، أن هناك بدائل أخرى للاستثمار مثل أذون الخزانة، التي تعد بديل نقدي جيد، لافتًا إلى أن وزارة المالية تطرح أذون خزانة لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة من خلال أدوات الدين المحلية، مشيرًا إلى أنه خلال هذا الأسبوع ستطرح الوزارة أذون خزانة تتجاوز حاجز 30%، وهي أفضل لأن العائد يكون مقدمًا بعد خصم جزء من نسبة الـ30% لتكون 27.5 أو 28%.
أما عن الاستثمار في الذهب، فقال إن الاستثمار في الذهب يكون طويل الأجل وليس قصير الأجل، فلا يمكن شراء الذهب هذا الشهر لبيعه الشهر المقبل، لافتًا إلى أن سعر الذهب يتأثر بعاملين هامين؛ الأول بورصة الذهب والمعادن النفيسة في الخارج، والثاني هو سعر الصرف وتقلبات سعر الصرف في مصر بشكل كبير خاصة مع زيادة حجم السوق الغير رسمي.
وتابع: “لو هتشتري الذهب النهارده لغرض ادخار لمدة تزيد عن سنتين هيكون بديل جيد، مع العلم أنه عند المقارنة بين الذهب والأوعية الإدخارية أو أذون الخزانة هتجيب عائد نقدي سريع، غير الذهب اللي بشتريه واستنى عليه شويه”.
وأكد أن العقارات هي الحصان الرابح في بدائل الاستثمار دائمًا لعدة أسباب وهي؛ أن المطورين العقاريين لم يستطعوا تمرير الزيادة السعرية كاملة على المستهلك النهائي لارتباطهم بتعاقدات قديمة، وبالتالي فهم يحتاجوا إلى أموال من بيع الوحدات، فيلجأوا إلى التضحية بالربحية مقابل توافر السيولة للانتهاء من المشاريع الخاصة بهم وتسليمها في الوقت المناسب حتى لا يسقطوا تحت طائلة القانون ويقع عليهم عقوبات، والسبب الثاني هو أن المستثمر يقوم بدفع 30 أو 40% مقدم ثمن العقار، ويقوم بتقسيط باقي سعر الوحدة على فترة زمنية، وبالتالي فهو لم يقم بعمل ادخار للمقابل المادي فقط ولكن بالوحدة نفسها، والعائد على الاستثمار يأتي على إجمالي الوحدة في حالة حدوث تضخمات أو تقلبات صرف وليس على المبلغ فقط مثل الذهب، متوقعًا أن تحدث قفزات كبيرة في أسعار العقارات مع منتصف العام الجاري.
وأشار إلى أن الأفضل للاستثمار هو عمل مشروع صغير بنسبة من أموال المستثمر تتراوح من 10 إلى 20% ووضع الجزء الآخر في البنك، وبالتالي سيكون له عائد من مشروعه ومن البنك، وذلك وفقًا للقاعدة الاقتصادية الأشهر وهي “عدم وضع كل البيض في سلة واحدة”.