تواجه إسرائيل في الفترة الأخيرة انقسامات حادة بين قادتها السياسيين والعسكريين بسبب الفشل في تحقيق أهدافها من الحرب التي تشنها على قطاع غزة والمتمثلة في القضاء على حركة حماس والافراج عن أسراها المحتجزين منذ ٧ أكتوبر الماضي كما أنها تواجه ضغوطًا كبيرة داخليًا من عائلات الأسرى واليمين المتطرف وخارجيًا من المنظمات الدولية والعديد من الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي تطالبها بوقف الحرب وابرام صفقة لتبادل الأسرى.
وفي ظل هذا التخبط السياسي والعسكري في إسرائيل ذكرت صحيفة هآرتس اليوم الجمعة أن الجيش الإسرائيلي يرغب في الإعلان عن انتهاء الحرب بعد عملية رفح مشيرة إلى أن الجيش يقوم بإعداد قواته والجمهور لإنهاء القتال في غزة للتركيز على الحرب المتنامية في الشمال كما أن الجيش يرغب أيضًا في التركيز على عمليات دهم في غزة وفتح المجال لصفقة تبادل.
ووفق هآرتس فأن القوات الإسرائيلية قد تطلب خفض القوات بمحوري فيلادلفيا وصلاح الدين
والاستعداد لإعلان الحرب على حزب الله في غضون أسابيع قليلة موضحة أن القيادات في الجيش الإسرائيلي ستعقد اجتماعًا مع نتنياهو ليطلبوا منه مساعدتهم على تحقيق الوضوح الاستراتيجي.
ويأتي هذا الحديث بعد يوم من التصريحات التي أطلقها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيل هغاري وآثارت موجة من الجدل داخل إسرائيل والتي قال فيها بأنه سيكون من غير الممكن القضاء على حركة حماس مشيرًا إلى أن الحديث عن القضاء على حماس ذر للرماد في عيون الشارع الإسرائيلي منتقدًا الساسة الإسرائيليين لأنهم لم يطرحوا بديلًا للحركة في غزة قائلًا : طالما أن المستوى السياسي لا يطرح بديلًا لحماس فإن حماس باقية.
وعلى الرغم من تأكيد هذا التقرير الذي نشرته هآرتس إنهاء الحزب في غزة وترجيح مسؤولين إسرائيليين وقادة أمنيين سابقًا قرب انتهاء العمليات العسكرية في مدينة رفح جنوب غزة آخر معاقل حماس في القطاع الفلسطيني أكثر من مرة خلال الفترة الماضية فقد أكد مسؤول أمريكي عكس هذا الكلام تمامًا حيث قال في تصريحات لشبكة CBS الأمريكية اليوم الجمعة إن الإسرائيليين لم يقتربوا بعد من تحقيق هدفهم المتمثل في تدمير حماس حيث أنه لا يزال هناك مئات المقاتلين وأميال من الأنفاق غير المستكشفة ولا يزال زعيم حماس يحيى السنوار طليقًا مشيرًا إلى أنه في ظل غياب وجود أي خطة إسرائيلية لليوم التالي في غزة بعد انتهاء الحرب فإن الاستراتيجية الحالية هي وصفة لحرب مستمرة.
وأتت تلك التصريحات بعدما حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الخميس خلال لقائه وفدًا من المسؤولين الإسرائيليين على ضرورة الدفع قدمًا بمفاوضات وقف إطلاق النار ووجوب البحث عن خطة لما بعد الحرب في القطاع الفلسطيني.
ولا تزال قضية وقف الحرب والبحث عن سلطة تمسك الحكم في غزة بعد انتهاء الصراع من أبرز العقد أو الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والإدارة الأمريكية إذ يتمسك نتنياهو بالقضاء نهائيًا على حماس قبل بدء البحث عن مرحلة ما بعد الحرب وقد فجر موقفه هذا خلافات أيضًا مع الجيش.
على صعيد متصل تشعر عائلات الأسرى الاسرائليين المحتجزين في غزة بالقلق من أنها ستتلقى مكالمة هاتفية تحمل أخبارًا سيئة وتفيد بالعثور على جثة أحد أفراد عائلتهم أو إعلان وفاته حيث أنه من بين حوالي 250 أسيرًا تم احتجازهم في الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر ما يزال 116 أسيرًا محتجزين بما في ذلك العديد من الأسرى الذين يعتقد أنهم لقوا حتفهم.
وقال مسؤول أمريكي مطلع على آخر المعلومات الاستخباراتية إن عدد الرهائن الذين لا يزالون على قيد الحياة قد يصل إلى 50 رهينة ويعني هذا التقييم الذي يستند إلى معلومات استخباراتية أن 66 من الأسرى الذين لا يزالون محتجزين قد يكونون في عداد الموتى أي أكثر بـ25 شخصا مما اعترفت به إسرائيل علنًا بعد أن أعيدت جثث 19 أسيرًا إلى إسرائيل من بينهم ثمانية في الأشهر الثلاثة الماضية.