
فى ظل مخاوف الرسوم الجمركية..
شهدت مدينة “ريو دي جانيرو” بالبرازيل، انعقاد القمة السابعة عشرة لمجموعة “بريكس” المتنامية، في حدث اعتبره الرئيس البرازيلي “لويس إيناسيو لولا دا سيلفا”، “لحظة محورية” تؤكد تنامي نفوذ الدول النامية والناشئة، هذه القمة لم تكن مجرد اجتماع روتيني، بل محطة فارقة رسخت التزامات “بريكس” بتعزيز التعددية والسعي نحو نظام عالمي أكثر عدلًا، وقد برزت الجوانب الاقتصادية والتجارية كعصب رئيسي لأجندة القمة، في ظل تصاعد التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والتهديدات المستمرة للقيود التجارية، ومع تزايد دعوات قادة المجموعة لإصلاح الحوكمة العالمية وتعزيز التعاون الاقتصادي بالعملات المحلية، يبدو أن “بريكس” تتجه بقوة نحو إعادة تشكيل ملامح النظام المالي والتجاري العالمي.
خلال القمة، دعا رئيس الوزراء المصري، الدكتور “مصطفى مدبولي”، إلى تسريع التعاون وتنفيذ مشروعات اقتصادية مشتركة في الطاقة، والتصنيع، والبنية التحتية، والذكاء الاصطناعي، كما شدد على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي والنقدي، لا سيما بين البنوك المركزية، والتقدم في التسويات المالية بالعملات المحلية، وزيادة تمويل بنك التنمية الجديد بهذه العملات، وأكد “مدبولي” ضرورة توفير التمويل الميسر ونقل التكنولوجيا لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، داعيًا “بريكس” لتحسين آلية الدين الدولي وإصلاح النظام المالي العالمي.
ويؤكد خبراء صينيون أن “بريكس” تكتسب تأثيرًا عالميًا متزايدًا بحجمها الاقتصادي وسكانها، وأن صوتها الجماعي ضروري لدعم نظام التجارة متعدد الأطراف، مما يثبت أن الأحادية والقيود التجارية غير فعالين.
وأعربت “بريكس” عن قلقها من تزايد الإجراءات الجمركية أحادية الجانب التي تشوه التجارة وتتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية، هذا القلق جاء في سياق تهديدات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على “أي دولة تؤيد سياسات بريكس المعادية لأمريكا”، دون تحديد هذه السياسات، وقد ردت المتحدثة باسم الخارجية الصينية “ماو نينج” بتأكيد أن “بريكس” منصة تعاون غير موجهة ضد أي دولة، وأن “لا رابح في الحرب التجارية المفروضه على أغلب دول العالم”.
كان من أبرز نتائج القمة السنوية قرار قادة دول “بريكس” المضي قدمًا في تطبيق نظام مدفوعات عبر الحدود، وإنشاء بديل لشبكة سويفت، فهذا النظام يهدف إلى تسهيل المعاملات بالعملات المحلية وتقليل الاعتماد على الدولار.
خلال رئاستها لـ”بريكس”، أنشأت روسيا فئة الدول الشريكة، واقترحت منصة استثمارية جديدة لدعم وجذب الأموال من اقتصادات دول “بريكس” والاقتصادات النامية والناشئة، كما تتقدم مشاريع بورصة حبوب، ومركز أبحاث مناخي، ومنصة لوجستية، وبرنامج تعاون رياضي.
وتم اعتماد الإعلان الختامي لقمة “بريكس” السابعة عشرة، “إعلان ريو دي جانيرو” وأقرت الوثيقة المكونة من 126 بندًا أهمية تعزيز التعددية وإصلاح الحوكمة العالمية، ودعم السلام والأمن الدولي، وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري والمالي، ومكافحة تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة، وبناء الشراكات لتعزيز التنمية البشرية والاجتماعية والثقافية.
في ختام قمة “بريكس 2025″، تتضح معالم مشهد اقتصادي عالمي يزداد تعقيدًا وتغيرًا، فبينما تسعى المجموعة جاهدة لتعزيز التعاون التجاري والمالي، وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي من خلال أنظمة دفع بديلة، تبرز تحديات كبرى كتهديدات القيود التجارية التي يمثلها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، هذه التحركات، التي تصفها صحيفة “نيويورك تايمز” بأنها تدفع الاقتصادات الكبرى لتعزيز التجارة فيما بينها، وتؤكد أن “بريكس” ليست مجرد تكتل سياسي، بل قوة اقتصادية صاعدة تسعى لإعادة تشكيل العلاقات التجارية الدولية.