اقتصادسلايدرسوق المال

انهيار امبراطورية الدولار الأسود.. المضاربون وتجار العملة يعيشون حالة من الصدمة والهلع

حالة من الصدمة والهلع تسيطر على التجار والمضاربين بالدولار بعد أن حرص الكثيرون منهم خلال الفترة الماضية على شراء العملة الخضراء وتخزينها لبيعها بسعر أعلى كما انضم إليهم مواطنون باعوا ممتلكاتهم واشتروا بأموالها عملات أجنبية للتجارة بها في السوق السوداء ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن حيث تكبد هؤلاء خسائر فادحة بعد هبوط سعر الدولار لمستويات قياسية للغاية حيث سجل أقل من 40 جنيهًا واقترب من سعره في البنك المركزي والبنوك العاملة في مصر والذي يصل إلى 31 جنيهًا في حين كان الفارق قبل شهر تقريبًا أكثر من 30 جنيهًا.

خاص| “الدولار الأسود”.. خبراء يكشفون أسباب انهيار البورصة وتوقعات الفترة المقبلة

وعلى الصفحات التي تتابع أسعار صرف الدولار على منصات التواصل الاجتماعي تحول الحديث عن الدولار إلى معارك شرسة بين من يراهنون على أن تراجع سعر الدولار في السوق السوداء مؤقت وينصحون من يملكون الدولار بعد بيعه الآن وبين من يرون أن أزمة المضاربة في العملة أوشكت على الانتهاء بشكل كامل مع إتمام الحكومة عدة صفقات من العيار الثقيل أهمها مشروع رأس الحكمة والذي سيدخل للخزانة المصرية 35 مليار دولار استثمار مباشر بخلاف نسبة الـ 35% التي ستحصل عليها الدولة من صافي أرباح المشروع إضافة إلى صفقات أخرى سيتم الكشف عنها قريبًا.

ووفقًا لخبراء الاقتصاد فأنه كلما استمر نزول سعر صرف الدولار في السوق الموازية زاد المعروض منه بنسبة كبيرة واقترب سعره من سعر صرف الدولار الرسمي في البنوك وبالتالي زادت قوة قيمة الجنيه مؤكدين أن الفترة المقبلة ستشهد تحسنًا كبيرًا في توفير النقد الأجنبي ما يمنح الحكومة القدرة على السيطرة على السوق السوداء للعملة والقضاء عليها بعد توفير العملة الصعبة في البنوك للمستوردين وذلك سيساهم في تحريك عجلة الاقتصاد ورفع الإنتاج وزيادة المعروض من السلع وخفض تكلفة الإنتاج.

ومع انهيار السوق السوداء للعملة تسود حالة من الترقب الشديد تحركات البنك المركزي الفترة المقبلة بشأن التعويم حيث يتوقع خبراء اقتصاديون حتمية اتخاذ قرار بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار ليصل سعر الجنيه مقابل الدولار إلى 40 جنيهًا خصوصًا أن مستثمرين من مصر ومن الدول العربية ينتظرون خطوة توحيد سعر الصرف لتنفيذ استثمارات مشيرين إلى أن هناك متغيرات عديدة يتوقف عليها موعد تنفيذ التعويم الجديد منها حجم التدفقات التي يحصل عليها البنك المركزي ومدى قدرته من خلال هذه التدفقات في تلبية الأولويات الاستيرادية وتغطية الفجوات التمويلية.

يقول الدكتور فرج عبدالله الخبير الاقتصادي أن قيمة الدولار في السوق السوداء ستشهد المزيد من الانخفاض في أعقاب الإعلان عن وصول أموال صفقة رأس الحكمة لافتًا إلى أن ما حدث من انهيار للعملة في السوق السوداء دلالة على أن المضاربة وصلت ذروتها وجاءت رأس الحكمة لتكبح جماحها مؤكدًا على أن تحرك الحكومة تجاه فتح الاعتمادات من جديد بالإضافة إلى الإفراج الجمركي عن الشحنات المتواجدة في الموانئ كل ذلك سيؤدي إلى انخفاض التضخم وانخفاض الدولار وانهياره في السوق السوداء.

وأكد عبد الله أن اقتراب سعر صرف الدولار في السوق الموازية لسعر الصرف في البنوك يساهم في تقليل التبعات المتوقعة حال اتجاه الحكومة لتحريك سعر الصرف مشيرًا إلى أن سيناريوهات خفض العملة من قبل البنك المركزي لا تزال قائمة ومن المتوقع أن تحدث خلال الفترة المقبلة ولكن يتوقف ذلك على مدى استقرار الدولار في السوق الموازية مؤكدًا أن الارتباك السائد الآن في السوق السوداء للدولار سيظل لفترة وسوف يتراوح سعر البيع والشراء ما بين 43 و50 جنيهًا ولن يشهد أي زيادات أخرى كما حدث في الآونة الأخيرة.

ويرى الدكتور أشرف غراب الخبير الاقتصادي أن توقيع مصر لمشروع رأس الحكمة مؤخرًا وراء انهيار الدولار بالسوق الموازية وهذا يعطي الحكومة القدرة على السيطرة على السوق السوداء والقضاء عليها بعد توفير العملة الصعبة بالبنوك للمستوردين ما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد المصري وزيادة الإنتاج والمعروض من السلع خاصة أن سعر صرف العملة بالبنوك منخفض جدًا عن السوق السوداء ما يبشر بخفض أسعار السلع بالسوق مشيرًا إلى أن مضاربات التجار على سعر الدولار في السوق الموازية خلال الأيام السابقة وجهت خسائر كبيرة إليهم وهو ما سبب الارتباك الحالي في السوق الموازية.

وأوضح غراب إن تجار العملة وحملة الدولار خارج القطاع المصرفي يعيشون حالة من الهلع خلال الفترة الحالية ويحاولون بشتى الطرق مقاومة هبوط الدولار في السوق الموازية لكن تلك المحاولات لن تجدي في ظل الإجراءات التي تتخذها الدولة سواء من خلال ملاحقة عمليات الإتجار غير الشرعي بالنقد الأجنبي أو من خلال توفير الدولار لاستيراد السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج متوقعًا أن يتراجع الدولار في السوق الموازية دون مستوى 40 جنيهًا وأن يستمر في الهبوط إلى أن يصل إلى قيمته العادلة قريبًا من سعره في البنوك أو يزيد قليلًا.

ويؤكد الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي على ضرورة وجود قرارات تقضي على السوق السوداء لأن كل ما نعاني منه الآن هو أمور مفتعلة مطالبًا الحكومة بالاستمرار في إجراءاتها للسيطرة على السوق الموازية للدولار والحد منه والانتهاء من المتلاعبين من التجار والراغبين في زعزعة الأوضاع الاقتصادية في البلاد لتلافي الأوضاع التي تسببت في ارتفاع أسعار السلع والتضخم بشكل جنوني لم يعد يتحمله المواطن.

وأشار الشافعي إلى أن ما حدث خلال الفترة الماضية من إجراءات حكومية ضد تجار السوق السوداء وزيادة العرض من العملة الأجنبية بسبب مشروع رأس الحكمة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي والحديث عن حزمة المساعدات القادمة من الاتحاد الاوروبي أدى إلى انخفاض الطلب على العملة موضحًا أن القرارات المفاجئة في السياسة النقدية تصيب السوق السوداء والمضاربين بحالة من التخبط والصدمة وبالتالي التصرف الحكومي يأتي بأثره وتبدأ أرقام السوق الموازي تتقارب مع السعر الرسمي.

ويقول الدكتور كريم العمدة الخبير الاقتصادي أن الانخفاض في سعر الدولار بالسوق الموازي في مصر أمر طبيعي لأن ارتفاعه بأكثر من ضعف السوق الرسمي كان حدثًا غير مسبوق مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر الدولار يتعلق بعدة أسباب منها المضاربات وخروج الأموال الساخنة وانخفاض الاستثمارات وزيادة الواردات وعجز الأصول الدولارية أما السبب في التراجع هو طرح مشروع رأس الحكمة السياحي والذي سيصبح مشروعًا استثماريًا ضخمًا فضلًا عن الوصول إلى تسوية مع صندوق النقد الدولي لمنح مصر تمويلًا جديدًا إضافة إلى الضربات الأمنية المشددة على تجار العملة الأجنبية.

وأشار العمدة إلى أن انخفاض سعر الدولار في السوق الموازي يعطي رسالة إيجابية بأن الأمور بدأت في التحسن كما أن صفقة الإمارات للاستثمار في مشروع رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار على مدى الشهرين يقلل حاجة مصر الفورية إلى حزمة تمويل من صندوق النقد الدولي لافتًا إلى أن مصر ما زالت في حاجه إلى قرارات صعبة وعاجلة لحل تلك الأزمة على المدى البعيد وتحتاج إلى إعادة هيكلة الاقتصاد والاتجاه إلى الإنتاج والتصنيع وتقليل الواردات وزيادة الصادرات من أجل عدم تكرار تلك الأزمة مرة ثانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *