بنوك وتامين

«اليوان» تأشيرة توطين الاستثمارات الصينية بمصر

خطوة مهمة لتخفف الضغط على الدولار..

في خطوة مهمة تعكس تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، أعلنت الحكومة المصرية رسميًا السماح الكامل للشركات الصينية العاملة في السوق المصرية بالتسجيل والتعامل المالي الكامل بعملة اليوان الصيني بنسبة 100%.
هذه الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا في سياسات الدفع والتسوية المالية، وتحمل في طياتها العديد من المكاسب الاقتصادية لمصر على المدى القريب والبعيد.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود الدولة المصرية لتعزيز مناخ الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، لا سيما من الدول التي ترتبط معها مصر بشراكات استراتيجية طويلة الأمد.
ويُتوقع أن يسهم هذا القرار في تيسير عمل الشركات الصينية العاملة في مصر، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، من خلال إزالة العقبات المرتبطة بتحويل العملات الأجنبية والاعتماد الحصري على الدولار، وهو ما يشجع العديد من الشركات الصينية على توسيع نطاق أعمالها في مصر، ونقل المزيد من استثماراتها إلى السوق المصرية.
ويعد السماح بالتعامل الكامل باليوان الصيني في مصر نقطة تحول مهمة في المسار الاقتصادي للدولة، وفرصة حقيقية لتعزيز علاقتها بأحد أكبر الاقتصادات العالمية. كما أن هذه الخطوة تمثل توجهًا واقعيًا نحو إعادة هيكلة السياسة النقدية بما يتماشى مع تطورات الاقتصاد العالمي، وهي في الوقت ذاته خطوة ذكية نحو تخفيف الضغط عن الدولار، وتشجيع الاستثمارات، وتعزيز الاستقرار المالي المحلي.
وفي هذا السياق، قال الدكتور أشرف غراب، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية لشئون التنمية الاقتصادية ان السماح الكامل بالتعامل باليوان الصيني في مصر خطوة مهمة لتيسير الاستثمارات الصينية وتوطينها، كما يفتح الباب أمام دخول استثمارات جديدة، خاصة في القطاعات الصناعية والتكنولوجية والطاقة، ما ينعكس إيجابًا على معدلات النمو والناتج المحلي.
ويعد أحد أبرز المكاسب المباشرة من بدء التعامل الرسمي باليوان هو تقليل الضغط على الدولار الأمريكي في السوق المصرية فمع وجود تعاملات مباشرة باليوان، لن تضطر الشركات المستوردة من الصين إلى الاعتماد على الدولار في كل تعاملاتها، مما يساهم في ترشيد الطلب عليه.
وتبلغ قيمة الواردات المصرية من الصين حوالي 12.9 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ 14.8 مليار دولار في عام 2022، وهو ما يشير إلى حجم التبادل التجاري الكبير بين البلدين.
وأوضح الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن توسيع استخدام اليوان في تسويات التجارة مع الصين سيساعد البنك المركزي في الحفاظ على مخزون الدولار وتحسين إدارة النقد الأجنبي، خاصة مع اتساع حجم واردات مصر من الصين، والضغط المزمن على العملة الصعبة.
ومع توافر اليوان ضمن الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي المصري، ستتمكن الشركات والمصانع المصرية من استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج من الصين مباشرة باليوان، مما يخفف العبء على النقد الأجنبي ويعزز من استقرار العملة المحلية، ويدعم التوجه نحو تنويع مصادر الاحتياطي النقدي بعيدا عن الاعتماد الكامل على الدولار.
وتشير البيانات إلى أن حجم الاستثمارات الصينية المتراكمة في مصر بلغ نحو 9 مليارات دولار حتى نهاية 2024. ومع السماح بالتعامل الكامل باليوان، يتوقع أن ترتفع هذه الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، إذ يشجع القرار مستثمرين صينيين جدد على دخول السوق المصرية، ويوفر لهم مرونة مالية أكبر في إدارة أموالهم وتحويلاتها داخل مصر.
وأكد الخبير المالي باهر عبد العزيز، أن التعامل المالي المباشر باليوان سيقلل من تكاليف تحويل العملات، ويجعل مصر أكثر جاذبية للشركات الصينية التي تبحث عن مراكز إنتاج قريبة من إفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما يضيف قيمة استراتيجية للموقع الجغرافي المصري.
هذا التوجه يُعد داعمًا قويًا لمساعي الدولة المصرية نحو زيادة معدل النمو الاقتصادي ورفع الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن زيادة فرص التشغيل، وتحقيق طفرة في إيرادات الدولة العامة، وهو ما ينعكس بالإيجاب على مؤشرات الاقتصاد الكلي والدخل القومي.
يأتي هذا التوجه في سياق رؤية استراتيجية أوسع تعتبر مصر بوابة رئيسية للقارة الإفريقية، ونقطة انطلاق للمنتجات والاستثمارات الصينية نحو الشرق الأوسط وإفريقيا. وبالتالي، فإن تعزيز استخدام اليوان في المعاملات المالية بين القاهرة وبكين يُسهم في ترسيخ مكانة اليوان كعملة دولية مؤثرة في منظومة الاقتصاد العالمي، بالتوازي مع تزايد رغبة الصين في تدويل عملتها وتقليل الاعتماد على الدولار في تجارتها الدول…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *