مايزال الحديث محتدمًا حول تأثير اللاجئين والمهاجرين الذي يعيشون في مصر على الاقتصاد المصري فهناك من يرى أن وجودهم في البلاد يمثل عبئًا إضافيًا على الاقتصاد المُنهك الذي يعاني من أزمات كبيرة في مقابل من يرى في وجودهم فرصًا استثمارية يمكنها دعم الاقتصاد وقوة سياسية تعزز من الدور الإقليمي لمصر وتظهر قدرتها على استضافة الملايين من اللاجئين من كل دول العالم ودمجهم مع السكان ومنحهم حق التملك والتجارة والعلاج المجاني.
وتضج مواقع التواصل الاجتماعي يوميًا بفيديوهات وصور لأعداد كبيرة من اللاجئين أو المهاجرين في عدد من الأحياء خصوصًا في منطقتي الهرم وفيصل بالجيزة ومناطق في القاهرة وبعض المحافظات الأخرى وانتشار محلات خاصة ببيع منتجات عدد من بلدان المهاجرين منها محلات متخصصة في بيع منتجات وعطور خاصة بالسودانيين ومخابز للعيش السوداني وانتشار محلات خاصة ببيع توابل ومأكولات سورية ومطاعم أخرى ليبية وغيرها من المحلات التي اعتبرها البعض ظاهرة تؤثر على الثقافة الخاصة بالمجتمع المصري وتدفع باتجاه تغير ديموغرافي لا محالة.
وبحسب البيانات الحكومية الرسمية وبيانات الأمم المتحدة تستضيف مصر نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ من حوالي 133 دولة من بين هؤلاء يوجد فقط حوالي 672 ألف شخص من 62 دولة مسجلين لاجئين في مصر من قبل مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من دول مجاورة تمزقها النزاعات مثل السودان وسوريا وجنوب السودان وإثيوبيا واليمن وإريتريا والصومال والعراق والباقي منهم من يقيم بصورة شرعية ومنهم من يتواجد بشكل غير قانوني يحصلون على خدمات تتجاوز الـ10 مليارات دولار سنويًا وفق ما صرح به رئيس الوزراء الدكتور مصظفى مدبولي.
ولاتفرق مصر أو تميز في الحقوق بين طالبي اللجوء أو المهاجرين المقيمين على أراضيها سواء من يملك أوراقا ثبوتية أو من دخل البلاد بطريقة غير مشروعة كما أنها تقدم خدمات لكل هؤلاء اللاجئين أو المهاجرين على أراضيها من دون تعريض أي من اللاجئين إلى المكوث في مراكز إيواء أو مخيمات على الحدود غير أن هذا الأمر لا يمنع تقنين هذه الهجرة أو اللجوء وضبط هذا الملف أمنيًا لما له من ارتباطات مع الأمن القومي المصري والأمن المائي والغذائي وحتى الديموغرافي.
وحتى سبتمبر 2023 لم يكن لدى مصر إطار قانوني شامل للتعامل مع المهاجرين ثم صدر القرار 3326 لعام 2023 من رئيس الوزراء والذي يلزم جميع المهاجرين غير الموثقين أو الذين انتهت إقامتهم بتوفيق أوضاعهم بحلول 30 يونيو مقابل مصاريف إدارية لتقنين الأوضاع لا تقل عن 1000 دولار ومن المفترض أنه بعد هذا الموعد تتوقف جميع الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة للأجانب الذين لم يقننوا أوضاعهم وفق بيان وزارة الداخلية.
ووفق تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية بدأت الترحيلات الجماعية للمهاجرين السودانيين الذين دخلوا مصر دون تأشيرات أو الذين لا يحملون تصاريح إقامة صالحة مشيرًا إلى أن 3800 لاجئ سوداني تم ترحيلهم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2024 معظمهم من أسوان المحافظة الأقرب إلى الحدود مع السودان ومن القاهرة والجيزة أيضًا حيث تتم إجراءات الترحيل وفقًا للقانون.
يقول الدكتور وليد جاب الله الخبير الاقتصادي أن اللاجئين مرحب بهم ولكنهم يشكلون عبئًا على الاقتصاد المصري ولابد من تنظيم ذلك موضحًا أن وجود اللاجئين ليس ميزة للاقتصاد المصري ولكنه عبء كبير ولو كانت أوروبا ترى أن اللاجئين ميزة لم تكن ستمنع وجودهم داخل دولهم مشيرًا إلى أن مصر تحمي أوروبا من الهجرة وتتحمل أموالًا كثيرة من أجل منع الهجرة غير الشرعية ولابد من حساب هذه التكلفة ويكون هناك مقابل لها.
وأكد الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي أن زيادة أعداد اللاجئين في مصر له تأثير على معدلات التضخم حيث أن مصر استقبلت وافدين منهم من يملكون أموالًا كثيرة وتسببوا في رفع أسعار الإيجارات والتمليك وذلك ينعكس على زيادة الأسعار بشكل عام وكان لابد من تقنين أوضاع اللاجئين وأن يصدر تشريعًا من مجلس النواب بضرورة تسجيل اللاجئين لحصر أعدادهم كما يحدث مع المقيم المصري في الخارج الذي يدفع أموالًا نظير إقامته في أي دولة مطالبًا الاتحاد الأوروبي بأن يوضع أمام مسؤولياته تجاه ملف اللاجئين.