عالم

الكاريبي يتحول إلى ساحة مواجهة: واشنطن تؤسس لـ«سيطرة بحرية كاملة» على فنزويلا

يشهد البحر الكاريبي تحولا لافتا في ميزان القوى، بعد أن دفعت الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر انتشار عسكري لها في المنطقة منذ ثمانينيات القرن الماضي، في خطوة تتجاوز الأطر التقليدية لمهام مكافحة المخدرات.

وتشير تقارير استخباراتية وبيانات تتبع الملاحة التي وثقتها وكالة «رويترز» إلى أن القيادة الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية نشرت قوة ضاربة تضم حاملة طائرات نووية مدعومة بمدمرات وسفن قتال ساحلية، بإجمالي قوات يُقدّر بنحو 15 ألف جندي.

وبحسب تحليلات عسكرية نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن هذا الانتشار يتجاوز مهام «مكافحة المخدرات» التقليدية، ليؤسس لما يُعرف عسكريًا بـ«السيطرة البحرية الكاملة».

ويكتسب استخدام هذا المصطلح دلالة خاصة، إذ تشير تقارير إلى أن مستشارين قانونيين استعاروه من أرشيف «أزمة الصواريخ الكوبية» عام 1962، بهدف تجنب إعلان «حصار شامل» يُعدّ بموجب القانون الدولي إعلان حرب. ويمنح هذا التوصيف، وفق خبراء قانون دولي تحدثوا لشبكة «سي إن إن»، واشنطن مرونة لخنق الاقتصاد الفنزويلي دون التورط في التزامات قانونية أو مواجهة عسكرية مفتوحة.

حرب الناقلات و«الأسطول الشبح»

اقتصاديًا، تحولت المواجهة إلى «لعبة قط وفأر» في أعالي البحار. فقد كشفت بيانات نشرتها وكالة «بلومبيرغ» عن انخفاض حاد في صادرات شركة النفط الوطنية الفنزويلية المتجهة إلى آسيا، نتيجة اعتراض البحرية الأمريكية لعدد من ناقلات النفط، وضغوطها على شركات التأمين البحري لسحب تغطيتها.

ورغم لجوء كاراكاس إلى ما يُعرف بـ«الأسطول الشبح» عبر ناقلات تُغلق أنظمة التتبع (AIS) وتنقل النفط من سفينة إلى أخرى في عرض البحر، فإن الرقابة الأمريكية عبر الأقمار الاصطناعية ضيّقت الخناق بشكل غير مسبوق.

ضربة سرية ورسالة استخباراتية

في ذروة هذا الضغط، كسر الرئيس دونالد ترامب أحد «المحرمات» العسكرية بإعلانه توجيه ضربة دقيقة لـ«رصيف تهريب» داخل الأراضي الفنزويلية.
وبينما التزم البنتاجون الصمت، نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤولين أمريكيين أن الضربة نُفذت بطائرة مسيّرة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وليس الجيش النظامي.

ويُعد هذا التفصيل بالغ الأهمية، إذ أوضحت مجلة «فورين بوليسي» أن إسناد المهمة إلى الـCIA يندرج ضمن «العمليات السرية»، بما يسمح لواشنطن بإنكار خوض حرب رسمية، مع توجيه رسالة مباشرة للرئيس نيكولاس مادورو بأن البنية اللوجستية للنظام باتت مكشوفة.

رد فنزويلي وتصعيد دبلوماسي

وردّت كاراكاس بتحركات عسكرية عاجلة، حيث أظهرت مقاطع فيديو تحققت منها وكالة «فرانس برس» نشر بطاريات صواريخ ساحلية روسية الصنع، وسط خطاب تعبوي يتهم الولايات المتحدة الأمريكية بـ«العدوان الإمبريالي».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *