
تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، قدمت الدكتورة إيمان كريم المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، في مؤتمر “تطوير الدراما المصرية” الذي عقدته الهيئة الوطنية للإعلام أمس، في ماسبيرو، تقريرًا يعمل على رصد وتقييم صورة الأشخاص ذوى الإعاقة فى دراما رمضان 2025، بصفتها رئيس اللجنة، ويقدم هذا التقرير عدد من التوصيات التي تسهم في تطوير الأعمال الفنية المصرية التي سيتم تقديمها مستقبلًا.
ترأست لجنة رصد وتقييم صورة الأشخاص ذوى الإعاقة فى دراما رمضان 2025، الدكتورة إيمان كريم المشرف العام على المجلس، وضمت اللجنة في عضويتها هشام سليمان، والدكتور أيمن الشيوى، والدكتور سماح أبو بكر، والدكتورة سوسن عزت، و ضحى عاصى، والأستاذة رشا عبد المنعم المستشار الثقافى للمجلس، والدكتورة ياسمين مطر خبيرة شئون الإعاقة بالمجلس.
باشرت اللجنة عملها في رصد وتقييم صورة الأشخاص ذوى الإعاقة في الأعمال الفنية، التي تم تقديمها فى دراما رمضان بدأب شديد، لاسيما تلك التي حظيت بشعبية ومتابعة جماهيرية واسعة، وأشادت اللجنة في تقريرها بقوة هذا الموسم، ومعالجة الظواهر السلبية التى يعانى منها المجتمع المصرى.
اختصت اللجنة بمتابعة الأعمال الدرامية والمواد ذات الصلة بالأشخاص ذوي الإعاقة التي تم عرضها خلال شهر رمضان، وتحليل وتوصيف صورة الأشخاص ذوي الإعاقة في هذه الأعمال، وتقييم مدى دقتها وإنسانيتها، واختيار الأعمال المتميزة منها، أو تلك التي تناولت قضايا ذوي الإعاقة وقدمتها بصورة إيجابية، بالإضافة إلى تكريم صناع الفن من الفنانين، وجهات الإنتاج التي عرضت قضايا ذوي الإعاقة بطريقة موضوعية وإنسانية، وتقديم مقترحات بالإجراءات الواجب اتخاذها عند تقديم صور مغلوطة، أو مبتذلة للأشخاص ذوي الإعاقة، وإصدار تقرير شامل يتضمن تحليل العناصر الإيجابية والسلبية، والتوصيات الواجب اتباعها مستقبلًا.
رصدت اللجنة في تقريرها الأعمال الدرامية التي تم تقييمها ومنها، مسلسل “ولاد الشمس” – (القزامة ) : الذي تضمن شخصية “عبيد” الذي يعاني من قصر القامة، واستعرض العمل الدرامى معاناته حين لم تتح له فرصة عمل مناسبة بسبب عدم التقبل لمظهره الخارجى دون النظر لقدراته، حتى انتهى به الأمر للعمل بالسيرك كعنصر غرائبي يثير السخرية.
كما رصدت اللجنة في تقريرها أن المسلسل أظهر الاستغلال الذى تعرض له عبيد، سواء بطريقة شكلية ظاهرة كما حدث فى السيرك أو عبر بابا ماجد الذى استطاع أن يسيطر عليه، مستخدما الحيل النفسية التى يجيد استخدامها، بأن يصور لعبيد أنه الوحيد فى العالم الذى يقدره ويدرك إمكانياته، ويعتمد عليه ويوكل إليه المسئولية داخل الدار، لذا يعانى عبيد من صراع داخلى بين الامتنان لبابا ماجد الذي أنقذه من امتهان العالم الخارجى، وقدره وثمن جداراته، وبين إدراكه لممارساته غير الأخلاقية التى يتورط فيها نتيجة لهذا الضغط، ويعود هذا الفهم الواعى لطبيعة الشخصية، التي تسمح بمسامحة الجمهور لعبيد فى نهاية المسلسل وتقبل تحوله الاخلاقى.
ورأت اللجنة أن العمل قد نجح في تقديم الأبعاد النفسية والاجتماعية للشخصية، وما تعانيه من ظلم اجتماعى، الأمر الذي جعله يسلط الضوء على معاناة قصار القامة فى مجتمعاتهم، كما كان لظهور عبيد الذى جسده الفنان مينا أبو الدهب كبطل رئيسي فى الأحداث دورا فى كسر الصورة النمطية للبطل، واعتياد المشاهدين على مشاهدة البطل القزم والتفاعل معه وكسر الحاجز النفسي مع القزامة.
وأضافت اللجنة في تقريرها أن شخصية عبيد أظهرت موهبته الاستثنائية كممثل يليق به أن يحظى بفرصته المستحقة فى أعمال كثيرة قادمة، وشددت اللجنة على صناع العمل إتاحة الفرص العادلة للموهوبين.
وعلى نحو آخر رصدت اللجنة في تقريرها مسلسل “سيد الناس” – (التوحد – القزامة) أن المسلسل أولا: تضمن تقديم شخصية “آسر” المصاب بالتوحد، وقد لاحظت اللجنة أن المعالجة الدرامية للشخصية، لم تقدم أية رسالة اجتماعية حول التوحد، ولم تعكس التحديات التى تواجه الشخص المصاب بالتوحد فى تفهم وقبول الآخرين لهم، أو تقديم الدعم والارشاد اللازم لأسرته، كما لم ترسم ملامح التوحد على نحو صحيح علميا، فالمصاب بالتوحد غير قادرعلى التواصل والتلاعب بالاحداث، كما أظهره العمل الدرامى، كما أن أزمات حركة اليد مبالغ فيها، فربما تكون الشخصية الدرامية، أو التشخيص الأقرب للمعالجة الدرامية أن توصف بـ (متلازمة أسبرجر)، حيث يمكنه التحدث و لديه القدرة على الحفظ، ويمكنه التواصل مع الآخرين، مع وجود لازمة حركية، بالإضافة أنه يمكن أن تكون باليد، أو بالجسم، أو بالرأس، والتي لا يمكن القول أنها نوع من أنواع التوحد، ورأت اللجنة أن الممثل مصطفى عماد، كانت لديه القدرة على تجسيد شخصية “آسر” بإتقان ملحوظ، مما جذب تعاطف وإعجاب المشاهدين له بصرف النظر عن مدى تطابق المعالجة الدرامية وأداءه كممثل مع طبيعة أداء وشخصية المصاب بالتوحد.
ثانيًا: كما رأت اللجنة أن بطل مسلسل “سيد الناس” الفنان عمرو سعد، ظهر فى أحد المشاهد فى حارة شعبية بحثًا عن شخصًا كان يعاون والده فى تجارة المخدرات والسلاح، وأثناء ذلك يظهر شخص من قصار القامة ليعبر من بين قدميه، فيكون مثارًا للسخرية بسبب قصر قامته، وهو ما يُعد تكريسًا لصورة نمطية تحط من شأن قصار القامة وتقدمهم بصورة غرائبية سلبية.
ومن ناحية أخرى رصدت اللجنة مسلسل “العتاولة” – (ضمور العضلات والضمور الدماغي – السخرية من التوحد )، أنه أولا: أظهر طفلة تعاني من ضمور العضلات والضمور الدماغي، لكن حضور الشخصية كان هامشيًا للغاية، وجاءت المعالجة سطحية، إذ استُخدمت الشخصية كمبرر لسلوك الأم التي تلجأ إلى طرق غير مشروعة لتوفير نفقات علاج ابنتها، دون تقديم أي توعية حول الحالة أو دمجها فعليًا في حبكة العمل.
ثانيا: ظهر الممثل باسم سمرة فى مشهد كوميدى يقدم عرض أزياء ويشير إلى الزى الذى يرتديه العارض بأنه استايل استوحاه من (التوحد والوحدة) بطريقة هزلية ساخرة تجعل التوحد كحالة نفسية وجسدية مثارًا للضحك والسخرية.
وعلى نحو آخر رصدت اللجنة مسلسلي “أشغال شاقة جدًا” و”شهادة معاملة أطفال”، ورأت أنهما تضمنا إشارات إلى بعض الإعاقات، كضعف البصر أو كف البصر الكلى، وتم تقديم الحالة وعمل اختبارات إبصار لها على نحو غير دقيق علميًا، مثل استخدام الممثل عصا بيضاء، المخصصة لكف البصر الكلى، وفى نفس الوقت الذى أجرى له الطبيب اختبار ألوان له (إيشيهارا ) الخاص بمشكلات رؤية الالوان، وغير مناسب للحالة البصرية الموضحة فى المسلسل.
كما رصدت اللجنة في مسلسل “وتقابل حبيب” ظهور شخصية إجلال أبو العزم التى تؤديها الفنانة أنوشكا فى المشهد الأخير ، وهى على كرسى متحرك دون إظهار السبب، وهو مايظهر الإعاقة كعقاب إلهى على الشر.
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى عدد من الملاحظات العامة التي منها، الغياب الملحوظ لتمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة في عدد كبير من المسلسلات، رغم أن نسبتهم في المجتمع المصري تقارب 15%، وعلى الرغم من الضروريات الدرامية، إلا أنه غير منطقي أن يتم تجاهل هذه النسبة تمامًا، ولايتم تمثيلهم فى أعمال درامية، حتى ولو عبر تضمينها فى الشخصيات الفرعية.
فيما أشادت اللجنة باعتناء عدد كبير من مسلسلات هذا العام بنشر الوعى بالعديد من القضايا المجتمعية، مؤكدة على ضرورة أن تحظى قضايا الأشخاص ذوى الإعاقة بالاهتمام الكافى بها، للإسهام في نشر الوعى المجتمعى بها عبر الدراما، خاصة فى الدراما التي يتم إنتاجها، ليتم تقديمها فى شهر رمضان الكريم، أو تلك التى تحظى بنسب مشاهدة ومتابعة جماهيرية كبيرة.
كما أشادت اللجنة بالظهور الإيجابي للأشخاص ذوى الإعاقة فى عدد من الإعلانات التي تم تقديمها خلال شهر رمضان 2025، لاسيما إعلان “مذهل..مدهش” لبنك مصر، الذي عمل على دمج بطلة من الأبطال البارالمبين من ذوي الإعاقة الحركية ضمن شخصيات الإعلان، والعمل على إظهارها كبطلة رياضية، وكذلك دمج شخص من ذوي الإعاقة البصرية في الإعلان أثناء استخدامه لماكينة الصراف الآلي المتاحة تكنولوجيًا لاستخدام هذه الفئة، وإعلان شركة we”” “قلوبنا أقرب” الذي ضمن شخصين من ذوي الإعاقة الحركية في مشاهده أثناء ممارستهم رياضة التنس الأرضي “كرة المضرب”، وأكدت اللجنة أن كلا الإعلانين عملوا على تقديم نوعين من الإعاقة كنماذج إيجابية للجمهور، وإظهارهم كأشخاص فاعلين في المجتمع بشكل لائق.
وخرجت اللجنة من عملية رصد وتقييم صورة الأشخاص ذوي الإعاقة في دراما رمضان 2025، بعدد من التوصيات الهامة في تقريرها منها، ضرورة إدماج شخصيات من ذوي الإعاقة في الأعمال الدرامية بشكل متوازن، بما يعكس نسبتهم الواقعية في المجتمع دون الإخلال بمقتضيات الدراما، مع ضرورة التنسيق بين جهات الإنتاج المختلفة والمجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة بوصفه الجهة الرسمية الوحيدة التى لديها خبراء متخصصين فى كافة أنواع الإعاقة ليكون مرجعية معتمدة للأعمال التى تتناول حياة وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، مع الضرورة الملحة للتشاور مع خبراء الإعاقة عند كتابة سيناريوهات تتضمن شخصيات من ذوي الإعاقة لضمان الدقة في العرض والمعالجة.
كما أوصت اللجنة بضرورة الابتعاد عن تقديم الشخصيات ذات الإعاقة بصورة نمطية، أو كمجرد أدوات لخدمة الحبكة الدرامية، بالإضافة إلى تخصيص أعمال درامية أو مساحة داخل الأعمال الدرامية لرفع الوعي بقضايا ذوي الإعاقة، وتحدياتهم الحياتية، وتوعية المجتمع بقضايا الإعاقة بصورة صحيحة، مع أهمية أن تتضمن الصورة التى تعكس الأشخاص ذوى الإعاقة من خلال الدراما، تجربة حياتية كاملة تعكس تفاصيل حياتهم اليومية وممارساتهم ( الملبس – المأكل- التنقل)، وذلك وفق ما يناسب نوع الإعاقة، وهو ما ينعكس بالضرورة على وعى الجمهور بتفاصيلهم الإنسانية، مع إتاحة الفرصة للفنانين من ذوي الإعاقة للمشاركة في تجسيد أدوارهم بأنفسهم لتعزيز مصداقية العمل وتمكينهم فنيًا.
كما أوصت اللجنة بضرورة تحفيز وتكريم الأعمال التي تقدم معالجة إنسانية عميقة لقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وتشجيع الإنتاج المستقبلي في هذا الاتجاه، بالإضافة إلى التوسع فى دور لجنة رصد وتقييم صورة ذوى الإعاقة فى الدراما، لتقوم بهذا الدور على نحو دائم فى كافة أنواع الدراما (تليفزيون – سنيما – مسرح)، التى تتناول الأشخاص ذوى الإعاقة وقضاياهم على مدار العام، مع التواصل مع الجهه المختصة للدراما أو الأعمال السينمائية لتفسير الجوانب الفنية الخاصة بالشخص ذوى الإعاقة، مع ضرورة مشاركة القائميين على الأعمال الفنية الطريقة الصحيحة التى تعكس واقع الأشخاص ذوي الإعاقة.