عالم

القرم تشتعل.. «تفجير جسر، واعتقال عميل أوكراني» يثير تساؤلات حول تصاعد الصراع

اهتزت فجر اليوم الثلاثاء، “شبه جزيرة القرم” على وقع انفجارات مدوية، لتكشف عن فصل جديد من حرب الظل الدائرة بين “روسيا، وأوكرانيا”، فق أعلن “جهاز الأمن الداخلي الأوكراني” عن عملية جريئة استهدفت الجسر الحيوي الذي يربط “القرم” بروسيا، في حين كشف “جهاز الأمن الفيدرالي الروسي” عن إحباط مخطط تخريبي واعتقال “عميل أوكراني” كان يجهز لعبوة ناسفة، وتتوالى الأحداث المتسارعة، لتلقي بظلالها على شبه الجزيرة التي تطاب بها أوكرانيا، وتؤكد أن الصراع لم يعد يقتصر على خطوط الجبهة، بل يمتد ليضرب عمق الأراضي الروسية، مهدداً بلهيب لا يزال يشتعل تحت الرماد.

وفي ضربة مفاجئة هزت “القرم”، أعلن اليوم الثلاثاء “جهاز الأمن الداخلي الأوكراني” عن مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف “جسر القرم” الذي يربط شبه الجزيرة بروسيا، وأوضح أن العملية تضمنت استخدام 1100 كيلوغرام من المواد المتفجرة تحت الماء، مما أسفر عن إلحاق أضرار بأعمدة الجسر، ويُعد هذا الجسر طريق إمداد رئيسي للقوات الروسية في “أوكرانيا”.

وفي أعقاب الهجوم، أعلنت السلطات الروسية عبر تطبيق “تيليجرام” عن وقف مؤقت لحركة المرور على الجسر، وأفاد جهاز إعلامي روسي رسمي بأن تعليق تشغيل الجسر استمر لمدة ثلاث ساعات تقريبًا، بين الرابعة والسابعة صباحًا بالتوقيت المحلي، قبل أن يُعاد فتحه وعمله بشكل طبيعي.

وأكد “جهاز الأمن الداخلي الأوكراني” أن هذه العملية هي المرة الثالثة التي يتم فيها استهداف “جسر القرم”، بعد عمليتين سابقتين في عامي 2022 و2023، وأشار إلى أن هذه العملية جري الإعداد لها منذ أشهر، ونشر لقطات مصورة تُظهر انفجارًا بجوار أحد الأعمدة، في إشارة إلى استراتيجية أوكرانية مستمرة لتعطيل خطوط الإمداد الروسية.

وفي تطور منفصل، ووفقًا لـ”وكالة تاس للأنباء”، أعلن “جهاز الأمن الفيدرالي الروسي” عن اعتقال عميل مزعوم تابع لـ”جهاز الأمن الأوكراني” في “جمهورية القرم”، وتم التعرف على المشتبه به كمواطن روسي من مدينة “فيودوسيا”، من مواليد عام 1965.

وبحسب بيان “الأمن الفيدرالي الروسي”، اتُهم المشتبه به بتصنيع عبوة ناسفة يدوية الصنع كان يعتزم استخدامها في “أعمال تخريبية وإرهابية” داخل شبه الجزيرة، وكشف التحقيق أن المشتبه به قد عرض “مساعدته طواعية” على “جهاز الأمن الأوكراني” وتم تجنيده للتعاون السري، وأفاد البيان بأنه حصل على مكونات متفجرة جرى إعدادها مسبقًا من مخبأين سريين، وقام بتجميع العبوة الناسفة وفقًا لتعليمات تلقاها عبر اتصال فيديو من “جهاز الأمن الأوكراني”.

وأوضح “الأمن الفيدرالي” أن الجهاز المتفجر يتكون من مادة متفجرة تزن أكثر من 1.2 كيلوغرام، بالإضافة إلى صاعق كهربائي، وجهاز استقبال لاسلكي محلي الصنع، ومرسل إلكتروني، ومكونات قاتلة من المسامير تزن قرابة 500 غرام، وقد أخفى المشتبه به العبوة الجاهزة في مخبأ سري بمنطقة “بالاكلافا” التابعة لمدينة “سيفاستوبول”.

وأفاد المكتب التحقيقي التابع لـ”جهاز الأمن الفيدرالي” أن المعتقل اعترف بأنه كان يعد لعملية إرهابية بتعليمات من “كييف”، وقد باشر المكتب في “جمهورية القرم، وسيفاستوبول” بإجراءات قضائية بحقه بموجب المادة 275 من القانون الجنائي الروسي (التي تتعلق بالخيانة العظمى من خلال تقديم مساعدة مالية أو تقنية لدولة أجنبية أو منظمات أجنبية في أنشطة تستهدف أمن روسيا)، وكذلك الفقرة 1 من المادة 222.1 (المتعلقة بالحيازة غير المشروعة أو نقل أو تخزين أو حيازة مواد أو أجهزة متفجرة). وتم وضع المشتبه به قيد الاحتجاز.

وهنا تعكس هذه التطورات الأوضاع الأمنية المتوترة والمتصاعدة في شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا في عام 2014، وتُعتبر نقطة محورية في الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا.

يُشير “محللون عسكريون” إلى أن الهجمات الأوكرانية المتكررة على الأراضي الروسية، بما في ذلك “القرم”، تندرج ضمن استراتيجية أوسع لزيادة الضغط على “موسكو” وإبطاء العمليات العسكرية الروسية، هذه الهجمات، سواء عبر الطائرات المسيرة أو العمليات التخريبية، تُظهر قدرة كييف على توجيه ضربات في العمق الروسي، مما يرفع من تكلفة الحرب على “الكرملين”.

ويُبرز الخبراء أن هذه الضربات، خصوصًا تلك التي تستهدف منشآت حيوية مثل الجسور والقواعد الجوية ومخازن الوقود، تُعد مصدر إحراج كبير لـ”روسيا”، فهي تُسلط الضوء على نقاط ضعف محتملة في الدفاعات الجوية والأمنية التي تُفترض أنها الأقوى حماية، وإن نجاح “أوكرانيا” في تنفيذ عمليات معقدة كهذه يثير تساؤلات جدية حول فعالية الإجراءات الأمنية الروسية في حماية أصولها الاستراتيجية.

وعلى الرغم من أن هذه الهجمات قد لا تُشكل نقطة تحول حاسمة في مسار “الحرب الروسية الأوكرانية”، إلا أنها تُسهم في تعزيز الروح المعنوية لقوات “أوكرانيا” وتُرسل رسالة قوية بأن “لا مكان آمن في روسيا” ما دامت الأعمال العدائية مستمرة، كما أنها تضع ضغطًا إضافيًا على القيادة الروسية لمراجعة استراتيجياتها الأمنية وتعزيز دفاعاتها الداخلية.

فهل هذه التصعيدات الأخيرة تُعد مؤشرًا على تحول نوعي في طبيعة الصراع، أم أنها مجرد فصول متكررة في حرب استنزاف طويلة الأمد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *