في إطار الجهود التي تبذل لتحسين أداء الاقتصاد المصري وتحصينه وجعله قادرًا على مواجهة الأزمات المختلفة طرحت الحكومة وثيقة للتوجهات الاقتصادية الاستراتيجية خلال الفترة من 2024 حتى 2030 والتي حددت بموجبها أولويات التحرك على صعيد السياسات من خلال تعديل خطط الأداء الاقتصادي والمشروعات المستقبلية المقترحة وسيتم طرح هذه الوثيقة للحوار الوطني خلال الشهرين المقبلين من قبل الخبراء في العديد من المجالات وكذلك للمشاركة المجتمعية للنهوض بالاقتصاد المصري.
مدبولي يوجه بطرح وثيقة “أبرز التوجهاتِ الاستراتيجيةِ للاقتصادِ المصري” للفترةِ الرئاسيةِ الجديدة
وتتضمن الوثيقة سياسات تستهدف ترسيخ دعائم نهضة اقتصادية قائمة على رفع مقدرات الإنتاج المحلي وزيادة مستويات مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات وتشتمل على سياسات تضع نصب أعينها مواصلة العمل للارتقاء بحياة الملايين من المصريين وتحسين سبل معيشتهم ونشر مستويات التنمية الاقتصادية والبشرية في عموم مصر كما تستهدف الوثيقة تحقيق التنمية المكانية المتوازنة وترسيخ الدور الفاعل للاقتصاد المصري دوليًا وتركز على دعم رأس المال البشري والمزيد من مشاركة المرأة والشباب والمصريين بالخارج في ترسيخ دعائم النهضة الاقتصادية للفترة المقبلة.
مصر تسعى إلى تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن يتراوح ما بين 6% و8%
ووفقًا للوثيقة فإن مصر تسعى إلى تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن يتراوح ما بين 6% و8% وسط تركيز أكبر على نوعية النمو الاقتصادي من خلال تعزيز مساهمة كل من الصادرات والاستثمارات في توليد الناتج والتركيز على وتيرة نمو اقتصادي داعمة للتشغيل لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة كذلك تبني الوثيقة سياسات اقتصادية قابلة للتوقع وداعمة لاستقرار الاقتصاد الكلي تستهدف تحقيق الاستقرار السعري والانضباط المالي ووضع الدين العام في مسارات قابلة للاستدامة وتنفيذ برنامج لتعزيز المتحصلات من النقد الأجنبي بحصيلة مستهدفة 300 مليار دولار بنهاية عام 2030 بما يمثل ثلاثة أضعاف المستويات الحالية.
وتتضمن الوثيقة أيضًا تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والبرامج الداعمة لأداء القطاعات الاقتصادية القائدة لنهضة الدولة المصرية وتعزيز دعائم اقتصاد تنافسي مستدام قائم على المعرفة من خلال دعم دور البحث والتطوير في بناء نهضة الدولة المصرية وتسريع وتيرة الانتقال إلى تقنيات الثورات الصناعية والتحرك بخطى مستدامة نحو الاقتصاد الأخضر كما أن الوثيقة تستهدف كذلك مواصلة كافة المكتسبات المحققة على صعيد القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها قطاعات التعليم والصحة وتحسين مستويات معيشة المواطنين لضمان حياة ترقى لطموحات المصريين كذلك تستهدف دور رائد لمصر في الاقتصاد العالمي عبر تفعيل وتعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس وتعزيز دور مصر في تجارة الترانزيت ومواصلة إبرام شراكات استراتيجية دولية فاعلة وتعزيز مشاركة الشباب فضلًا عن الدور الفاعل للمصريين بالخارج في ترسيخ دعائم نهضة الدولة المصرية.
الوثيقة تتضمن خططًا لجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 100 مليار دولار
وتتضمن الوثيقة خططًا لجذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 100 مليار دولار ومضاعفة معدل نمو الصادرات بما لا يقل عن 20% سنويًا حيث سيتم إقامـة 10 مناطـق تصديريـة متخصصـة فـي عـدد مـن المحافظـات المصريـة المسـتهدفة كاملـة المرافـق والتراخيـص وتطوير 10 عناقيد صناعية تصديرية وفــق روابط أمامية وخلفية قوية على صعيد القيمة المضافة والتشغيل كذلك رفع معدل نمو عائدات السياحة 20% سنويًا لتصل إلى 45 مليار دولار وتعزيز معدل نمو عائدات قناة السويس إلى نحو 10% سنويًا لتبلغ 26 مليار دولار في عام 2030 وكذلك رفع مساهمة القطاع الخاص في التشغيل من 60% في 2022-2023 إلى 90% بحلول 2030.
وتستهدف الحكومة وفقًا للوثيقة العمل على مواصلة تبني سياسة مرنة لسعر الصرف لتعزيز مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات بالتوازي مع التحسن في الحصيلة من النقد الأجنبي وبحيث يتم تغطية الفجوة بين سعري الصرف الرسمي وغير الرسمي خلال فترة زمنية محددة وكذلك احتواء العجز في ميزان المعاملات الجارية عند مستوى 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط سنويًا وتقليل مستويات انكشاف البنوك المصرية على الاقتراض من الخارج وفق تطبيق أدوات السياسة الاحترازية الجزئية والكلية وموائمة آجال استحقاق الأصول والخصوم بالعملة الأجنبية التحقيق الاستقرار المالي
وتخطط الحكومة وفقًا للوثيقة لتشكيل لجنة وزارية عليا للتفاوض مع عدد من الدول والتحالفات البنكية الدائنة لمصر لمبادلة الديون المستحقة لها بحصص ملكية في بعض الشركات المملوكة للدولة بالأسعار العادلة في سياق تنفيذ سياسة الملكية حيث أنه من المتوقع أن تساهم الخطط الموضوعة في تحويل نحو 38% من الديون الخارجية لمصر إلى استثمارات كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار نحو 36.83 جنيهًا في المتوسط خلال الفترة من 2024 إلى 2028.
من جانبه يرى الدكتور أشرف غراب الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد المصري قادرًا على تحقيق المعدلات التي حددتها وثيقة التوجهاتِ الاستراتيجية للاقتصاد المصري للفترة 2024-2030 بشرط التغلب على الأزمات التي تواجه الاستثمار والتشغيل وتوفير الدعم اللازم للشباب والمشروعات الصغيرة ما يعزز زيادة الإنتاج والتشغيل وخفض الاستيراد وهي محاور تركز عليها الوثيقة خصوصًا في ظل توقعات بأن معدل النمو السكاني سينحصر عند مستويات تتراوح بيــن 1.7% إلى 2% وهذا يضمن تحقيق زيادات مضطردة في معدلات نمو متوسـط نصيـب الفرد مـن الناتـج المحلي الإجمالي وإحداث تحسين مستمر في مستويات معيشــة المصريين خـلال تلك الفترة مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يرتفـع الناتـج المحلي الإجمالـي المصري ليسـجل خـلال الفتــرة من 2024 إلى 2030 نحــو 77 تريليون جنيــه حيث مــن المستهدف رفــع مستوى الناتج المحلي الإجمالي بالأسـعار الثابتـة مـن 8.3 تريليـون جنيـه للناتـج المتوقع فـي عـام 2023 إلـى 13.4 تريليـون جنيـه فـي عـام 2030.
وأكد غراب على أهمية مواصلة الدولة دعمها لتمكين الشباب في الاقتصاد وتقديم حوافز مالية وضريبية وإجرائية لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة للانضمام إلى منظومة الاقتصاد الرسمي وخاصة التي تستهدف توطين صناعات الخامات ومستلزمات الإنتاج باعتباره من القطاعات الاقتصادية التي تسهم في تحقيق نمو اقتصادي كبير يترتب عليه زيادة التشغيل والمعيشة الكريمة وترشيد الاستيراد وكلها عوامل تحقق النمو المستهدف.
ويقول الدكتور فرج عبد الله الخبير الاقتصادي أن وثيقة التوجهاتِ الاستراتيجية للاقتصاد المصري للفترة 2024-2030 تؤكد حرص الدولة على النهوض بملف الاقتصاد ودعم وتشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي بشكل مباشر لدعم الخزانة العامة للدولة وجلب العملة الصعبة لافتًا إلى أن الاستراتيجية تعمل على مواصلة الدولة المصرية لكافة المكتسبات المحققة على صعيد القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها قطاعات التعليم والصحة وتحسين مستويات معيشة المواطنين لضمان حياة ترقى لطموحات المصريين إضافة إلى دور مصر الرائد في الاقتصاد العالمي عبر تفعيل وتعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس وتعزيز دور مصر في تجارة الترانزيت ومواصلة إبرام شراكات استراتيجية دولية فاعلة.
وأكد عبدالله أن التوجهات المقترحة للاقتصاد المصري وفقًا للوثيقة هي توجهات طموحة للغاية ومن شأنها تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني ولكن نحن بحاجة إلى آليات تنفيذ لتلك المستهدفات خلال الفترة المقبلة مشيرًا إلى أن مصر لديها القدرة على رفع مواردها الدولارية إلى 300 مليار دولار بحلول 2030 شرط العمل بجد في جميع القطاعات والقضاء على البيروقراطية بشكل تام مشددًا على أن الاقتصاد المصري يمكنه تحقيق ما هو أكبر من تلك المستهدفات مهما كانت التحديات خصوصًا إذا تحول إلى اقتصاد مرن قادر على التكيف والتعامل مع مختلف الأزمات الاقتصادية العالمية.