
وقفت أنظار العالم على أرض محافظة الجيزة، حيث افتتحت مصر رسميًا المتحف المصري الكبير المشروع الثقافي الأضخم في تاريخها الحديث، بتكلفة تجاوزت المليار دولار، وبينما ارتفع تمثال الملك رمسيس الثاني، بارتفاعه الذي يبلغ أحد عشر مترًا وسط مدخل المتحف، بدا وكأنه يستقبل ضيوف العالم بملامحه الواثقة، في لحظة تاريخية تؤكد على عراقة الماضي، وطموح الحاضر، وروح المستقبل.
تعرف على مواعيد زيارة المتحف المصري الكبير بعد الافتتاح
وبحسب وكالة “بلومبرج”، فإن مصر قدّمت بهذا الافتتاح “هدية للعالم”، إذ يجسد المتحف الجديد مشروعًا يتجاوز فكرة المعرض الأثري إلى كونه بيانًا سياسيًا وثقافيًا يؤكد مكانة مصر الراهنة في المشهد الدولي.
وأشارت “بلومبرج” إلى أن افتتاح المتحف الكبير جاء في وقت يعكس رؤية القاهرة لدورها الإقليمي والدولي، حيث تواصل انتهاج سياسة التوازن في عالم الإضطراب، وتشير الوكالة إلى أن اختيار تمثال الملك “رمسيس الثاني” في الواجهة لم يكن صدفة، إذ يمثل الملك المصري القديم الذي أبرم أول معاهدة سلام موثقة في التاريخ بين مصر القديمة والحيثيين، رمزًا متجددًا لرسالة السلام التي تعمل مصر جاهدًا على ترسيخها في حاضرها الدبلوماسي.
وأضافت “بلومبرج” أن المتحف يأتي في لحظة تشهد فيها العلاقات المصرية الأمريكية تقاربًا ملحوظًا، بعد لقاء الرئيس “عبد الفتاح السيسي” ونظيره الأمريكي “دونالد ترامب” في شرم الشيخ، وهو ما يعكس إدراكًا متبادلًا لأهمية القاهرة كقوة إقليمية قادرة على بناء الجسور بين الأطراف الدولية المتنافسة.
أما من الناحية الاقتصادية والسياحية، فقد نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين مصريين أن المتحف الجديد من المتوقع أن يجذب نحو سبعة ملايين زائر إضافي سنويًا، ما يرفع إجمالي عدد السياح في البلاد إلى 30 مليونًا بحلول عام 2030، وأشارت “رويترز” إلى أن مصر استقبلت خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 نحو 15 مليون سائح، بزيادة بلغت 21% عن العام الماضي، لتقترب من تحقيق هدفها بنهاية العام عند 18 مليون زائر، ولفتت “الوكالة”، إلى أن افتتاح المتحف المطل على الأهرامات بمساحة 500 ألف متر مربع ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، يشكل نقلة نوعية في بنية السياحة الثقافية المصرية.
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، بدورها وصفت المتحف بأنه واحد من أبرز المشاريع الثقافية في العالم، مؤكدة أنه أكبر متحف على الإطلاق مكرّس لحضارة واحدة، ويمثل نقلة جذرية في مفهوم العرض المتحفي، إذ يدمج بين التكنولوجيا الحديثة والتفاعل البصري، مقدّمًا للزائر تجربة تفاعلية تربط الماضي بالحاضر بشكل معاصر.
ومن زاوية أخرى، رأت “صحيفة الجارديان” البريطانية، أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي بل استثمار استراتيجي في مستقبل السياحة الثقافية بمصر، مشيرة إلى أنه جزء من طفرة واسعة في البنية التحتية المصرية، وأنه سيمنح ثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا دفعة قوية عبر تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية.
وأبرزت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” تصريحات عدد من الخبراء في قطاع السياحة، الذين أكدوا أن افتتاح المتحف سيعزز من جاذبية السياحة الثقافية المصرية ويمتد أثره إلى الاقتصاد المصري.
وقال “محمد عثمان”، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية في مصر، لـ”شينخوا”، إن المتحف لا يمثل مجرد إنجاز أثري بل محركًا لإحياء السياحة الثقافية وإطالة مدة إقامة السائح، موضحًا أن شركات السياحة بدأت فعليًا في تصميم برامج متكاملة تركز على زيارة المتحف، تمتد لأسبوع كامل، وتشمل رحلات إلى الأقصر وأسوان لاكتشاف المواقع التي جاءت منها مقتنياته.
وأوضح “عثمان” أن المتحف خلق بالفعل فرص عمل واستثمار جديدة في محافظة الجيزة، وأسهم في تنشيط سوق العمل السياحي.
من جهتها، أشارت “رويترز”، إلى أن زيارة رئيس الوزراء الهولندي “ديك شوف” إلى القاهرة بمناسبة الافتتاح حملت بعدًا رمزيًا آخر، إذ أعلن خلالها عن إعادة تمثال أثري عمره 3500 عام إلى مصر، الأمر الذي اعتبرته وسائل إعلام أوروبية إشارة إلى احترام متجدد لتاريخ مصر وحقها في استعادة آثارها المنهوبة.
ويختتم وزير السياحة والآثار “شريف فتحي” المشهد بتصريح يلخص المشهد حيث أكد على أن المتحف المصري الكبير سيعيد رسم خريطة السياحة في مصر، مضيفًا أن عدد الزوار اليومي سيقفز إلى نحو 15 ألفًا، أي ما يقارب 5 ملايين سنويًا، وبحسب “شينخوا، وبلومبرج”، فإن هذا الرقم يضع المتحف المصري الكبير ضمن أكثر المؤسسات الثقافية زيارة في العالم.





