ما زالت أزمة نقص الأدوية في مصر تراوح مكانها، بينما تحاول وزارة الصحة التخفيف من وطأتها، بإلقاء اللوم على “ثقافة اتباع الاسم التجاري” التي رسخها الأطباء في أذهان المرضى.
وفي تصريحات متلفزة، طالب الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة، الأطباء بكتابة الدواء والمادة المثيلة له، لكي يحصل المريض على الدواء في حال عدم توفّر المادة الأساسية، موضحا أن “الأدوية المثيلة بنفس المادة الفعالة والتركيبة والتناول”، ومكررا ما قاله وزير الصحة قبل أيام، من أنه “وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فنقص الأدوية يعني أنه لا يمكن توفير الاحتياجات للمرضى من الدواء الذي لا يوجد له المثيل أو البديل”.
وأقرّ المتحدث بوجود “شح في أدوية الغدة الدرقية المستوردة”، لكنه أوضح أن “مرض الغدة له أدوية مثيلة تصنع في مصر وبنفس المادة الفعالة للدواء المستورد، وبسعر أرخص”، مؤكدا أن “الأدوية البديلة هي التي تحتوي على نفس الوظيفة العلاجية ولكن بمادة فعالة مختلفة”.
ضغط هائل يلتهم البدائل
ومع ذلك، قال مواطنون تحدثت إليهم “البورصجية” إنهم باتوا يواجهون مشكلة حتى في العثور على “البدائل”، وهو أمر عزاه صيادلة إلى “الإقبال المكثف والضغط الهائل” على البدائل بعدما أصبحت هي “الحل الوحيد” المتاح أمام المرضى، ما تسبب في التهام الكميات الموجودة بالسوق. ولكن الدكتور حسام عبدالغفار نفى “أي نقص في الأدوية أو البدائل أو المثائل”.
وأشار إلى أن مصر تستورد مستلزمات الإنتاج، ونظرًا إلى تحوّل الشركات العالمية لإنتاج اللقاحات عقب ظهور جائحة كورونا، حدث اضطراب في بعض المستلزمات المستوردة، ما أدى إلى شح بعض أنواع الأدوية، مؤكدا أن الدولة تولي اهتماما كبيرا لتوطين صناعة الأدوية، وتنتج نحو 65 % منها محليا.
وفي تصريحات تليفزيونية منذ شهر، أكد وزير الصحة خالد عبد الغفار، عدم وجود نقص لأية أدوية في السوق المحلي، وأن كل الأدوية التي يتداول عن نقصها في السوق هناك بدائل عدة لها، مشيرا إلى أن مصر تنتج 95% من الأدوية شائعة الاستخدام محليا الخاصة بأمراض السكر والضغط، والمسكنات والمضادات الحيوية، أما الأدوية التي لا تصنع محليا مثل أدوية الأورام والبيولوجية تعمل الدولة على توفيرها في السوق المحلي دون أن يتأثر القطاع الصحي بأي أزمات خاصة بالعملة الصعبة.
من جهتها، طالبت عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إيرين سعيد، بضرورة إلغاء بيع الأدوية بالاسم التجاري، وكتابة الاسم العلمي في الروشتة، على أن يعرض الصيدلي على المواطن الأدوية التي تحتوي على المادة الفعالة ليختار كل مستهلك الدواء حسب قدرته الشرائية، مضيفة أن تطبيق هذا الأمر سيؤدي إلى زيادة القدرة التنافسية للمنتج المحلي، كما طالبت بضرورة وجود أكثر من خط إنتاج لكل منتج دوائي لضمان توافره في السوق.
وتمتلك مصر 177 مصنع أدوية إلا أن جميعها تستورد المواد الخام المستخدمة في صناعة الدواء من الخارج بالعملة الصعبة، وفقا لمستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية الدكتور عوض تاج الدين.
الواردات تنخفض والتفتيش يزيد
وأظهرت أحدث نشرة لبيانات التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض قيمة الواردات من الأدوية بنسبة 14.8 % خـلال الـ5 أشهر الأولى من 2023، لتبلغ 1.38 مليار دولار، مقابل 1.62 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، بقيمة تراجع بلغت 236.3 مليون دولار.
وفي إطار جهود ضبط السوق، كثفت هيئة الدواء، بالتنسيق مع الجهات الرقابية والأمنية، جهودها الرقابية بحملات تفتيشية موسعة على المؤسسات الصيدلية بجميع أنحاء الجمهورية. شملت الحملات نحو 8 آلاف صيدلية من الصيدليات العامة والخاصة بالمستشفيات، ومخازن الأدوية، وشركات التوزيع، وتنوعت المخالفات بين غش تجاري، وأدوية مهربة، أو غير مسجلة، وغياب المدير الصيدلي المسئول أو من ينوب عنه، ومزاولة مهنة دون ترخيص، وأماكن غير مرخصة.
وضُبطَ 55 موقعا غير مرخص، بناءً على المعلومات الواردة إلى هيئة الدواء، أبرزها موقع تصنيع غير مرخص بنطاق محافظة القاهرة للأدوية المجهولة المصدر غير المسجلة، وضبطت كمية من المواد الخام المجهولة المصدر دون فواتير وماكينات ومواد تعبئة وتغليف. كما ضبط 17 مخزن أدوية غير مرخص، وبلغت قيمة المضبوطات نحو 4 ملايين جنيه.