عالم

الشرق الأوسط فى قلب المعركة

مخاطر عديدة تحيط باقتصادات المنطقة..

 

 

أفادت وكالات التصنيف الائتماني والتحليلات الاقتصادية بأن المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران، أحدث هزات كبيرة في الأسواق العالمية، ورغم أن التداعيات الأولية للصراع تبدو ضمن النطاق الذي يمكن استيعابه على مستوى التصنيفات الائتمانية الحالية، إلا أن هناك قلقًا متزايدًا من اتساع نطاق الصراع وتأثيره على الاقتصاد العالمي.

وتتوقع وكالات التصنيف الائتماني أن تظل المخاطر الجيوسياسية في أسعار النفط محصورة عند حوالي 5-10 دولارات أمريكية للبرميل، ومع ذلك، فإن أي تعطل جوهري في البنية التحتية للإنتاج أو التصدير في إيران، التي تنتج حوالي 3.3 مليون برميل يوميًا، قد يزيد الضغط على الأسعار، وحتى في حال توقف جميع الصادرات الإيرانية، يمكن تعويضها بطاقة إنتاجية فائضة من منتجي أوبك+، والتي تبلغ حوالي 5.7 مليون برميل يوميًا.

 

تراجع أسواق الأسهم وتغيرات فى الأصول

وتراجعت أسواق الأسهم العالمية بشكل ملحوظ مع ذعر المستثمرين وسحبهم أموالهم من الأصول الخطرة، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500، ومؤشر داو جونز الصناعي، ومؤشر ناسداك المركب بشكل حاد، وتأثرت الشركات التي تعتمد بشكل كبير على تكاليف الوقود، مثل شركات الطيران والرحلات البحرية، بانخفاضات كبيرة، وفي المقابل، شهدت أسهم شركات المقاولات الدفاعية ارتفاعًا ملحوظًا مع تزايد احتمالات زيادة الإنفاق الدفاعي.

وارتفعت أصول الملاذ الآمن، مثل الذهب، بشكل كبير، مقتربةً من أعلى مستوياتها في شهرين، ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار سندات الخزانة، على عكس المتوقع في أوقات التوتر، يعكس القلق من أن ارتفاع أسعار النفط قد يُفاقم التضخم.

 

التأثير الإقليمي على اقتصادات دول المنطقة

تأثرت اقتصادات دول الشرق الأوسط بشكل متفاوت، فبينما تستفيد دول الخليج المنتجة للنفط من ارتفاع الأسعار، إلا أن عدم الاستقرار الإقليمي يُهدد الاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة، ومن المرجح أن يُعاني قطاع العقارات المزدهر في دول الخليج، ومن المتوقع أن ترتفع أقساط التأمين للسفن التي تبحر في الممرات المائية الحيوية.

كذلك تأثرت مصر بشكل خاص بسبب انخفاض إيرادات قناة السويس، التي تضررت بالفعل من هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، وقد اضطرت شركات الشحن إلى توجيه سفنها حول أفريقيا، مما يزيد من مدة الرحلات وتكاليف الوقود والتأمين، الأردن أيضًا مُرشح لتراجع في قطاع السياحة الأوروبية.

يُثير الصراع مخاوف من ضغوط “الركود التضخمي” على مستوى العالم، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى زيادة تكاليف التصنيع والنقل، وقد يُعيق ذلك جهود البنوك المركزية لخفض التضخم، وقد يؤخر خفض أسعار الفائدة، وحذر محللون من أن صراعًا شاملاً في الشرق الأوسط قد يدفع أسعار النفط إلى 130 دولارًا للبرميل، مما قد يرفع التضخم في الولايات المتحدة إلى 6%.

أيضا خفض صندوق النقد الدولي والبنك الدولي توقعاتهما لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن المتوقع أن تزيد التوترات بين إيران وإسرائيل من هذا التراجع.

 

تضاؤل آمال الاتفاق النووي

كانت الولايات المتحدة وإيران تجريان محادثات بشأن اتفاق نووي جديد قبل اندلاع المواجهة العسكرية الأخيرة، ومع ذلك، في ظل استمرار الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل وتصاعد التوترات الإقليمية، يبدو أن أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق نووي جديد قد تبددت بشكل كبير، إن لم يكن تمامًا، حيث أصبحت الأولوية الآن للتهدئة العسكرية والتعامل مع تداعيات الصراع، وإن عدم وجود أفق لاتفاق نووي يعني أن إيران لن تتمكن من الإفراج عن أصولها المجمدة، ولن يتمكن نفطها من التدفق بحرية إلى الأسواق العالمية، وهذا الوضع سيزيد من الضغوط الاقتصادية الداخلية على طهران، وقد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للسكان..

 

المخاطر المحتملة ومستقبل الصراع

لا يزال هناك خطر من أن يكون رد إيران أكثر إرباكًا مما هو متوقع، بما في ذلك ضربة إيرانية ضد أهداف مرتبطة بالولايات المتحدة في الخليج، وفي سيناريوهات أكثر خطورة تتضمن اتساعًا كبيرًا للصراع الإقليمي أو انقطاعًا في حركة الشحن عبر مضيق هرمز، قد تكون أسعار النفط أعلى مما هو متوقع لفترة طويلة، وقد تكون هناك تداعيات سلبية أكبر على أوضاع الائتمان السيادي في الشرق الأوسط.

يعتمد مصير الأسواق العالمية والاقتصادات الإقليمية بشكل كبير على ما إذا كان الصراع سيظل محصورًا بين إسرائيل وإيران أم سيتسع ليشمل دولًا أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *