
في قلب الشرق الأوسط، حيث تتصاعد وتيرة المواجهات لتلقي بظلالها على المنطقة بأسرها، تبدو الأجواء محتقنة، والأنفاس محبوسة، بينما تتوالى الأحداث بوتيرة متسارعة، لتكشف عن فصل جديد من الصدام قد يعيد تشكيل خارطة القوى، هل هي بداية لعاصفة كبرى، أم مجرد تصعيد مؤقت في صراع مزمن؟
هجوم على مقر أمني في طهران ورد صاروخي واسع النطاق على إسرائيل:
أعلنت قيادة الشرطة الإيرانية تعرض مبنى قيادتها في طهران لهجوم بمسيرة إسرائيلية صغيرة، مما أسفر عن إصابة عدد من أفراد الشرطة وتسبب في أضرار. وأكدت وكالة أنباء فارس أن الهجوم استهدف مبنى سكنيًا في شارع كشاورز بوسط العاصمة.
في المقابل، أعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الاستخبارات العسكرية رصدت استعدادات إيرانية متقدمة لإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، وعقب ذلك، نقلت الإذاعة عن مصدر عسكري إسرائيلي رصد إطلاق 50 صاروخًا من إيران باتجاه إسرائيل، مما أدى إلى دوي صفارات الإنذار في مناطق واسعة بأنحاء إسرائيل ومستوطنات الضفة الغربية، بحسب ما أعلنته الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
إيران فعلت دفاعاتها الجوية وأطلقت موجات هجومية متتالية:
فعلت إيران دفاعاتها الجوية في مناطق عدة من العاصمة طهران بالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، شنت القوات الإيرانية الموجة الثالثة من الهجمات الصاروخية والمسيرة ضد مواقع إسرائيلية في وضح النهار، تلتها المرحلة الرابعة لاحقًا في نفس اليوم.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء بتنفيذ هذه الموجة الجديدة بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد مواقع “الكيان الإسرائيلي”، وأشارت التقديرات إلى أن الصواريخ الإيرانية سقطت في عمق إسرائيل، وجاءت هذه الهجمات ضمن إطار عملية “الوعد الصادق 3” التي بدأت قبل ثلاثة أيام، واستهدفت مناطق حيوية في تل أبيب، وحيفا، وعدد من المناطق الأخرى في الداخل الإسرائيلي.
وأعلنت إيران أن هذه العملية كانت ردًا على “العدوان” الذي شنه “الكيان الصهيوني” باستهداف الأراضي الإيرانية، والذي أسفر عن مقتل عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين والمدنيين.
تحذيرات إيرانية للمستوطنين وإسرائيل شهدت حرائق وتأهبًا دفاعيًا:
وجهت القوات المسلحة الإيرانية تحذيرًا شديد اللهجة للمستوطنين داخل “الكيان الإسرائيلي”، مؤكدة أن “ردها المدمر سيشمل كل النقاط الحيوية”.
وأعلنت سلطة الإطفاء والإنقاذ التابعة “للاحتلال الإسرائيلي” عن اندلاع حرائق في لواء القدس ولواء الشمال، كما دعت الجبهة الداخلية الإسرائيلية الجميع إلى البقاء في الملاجئ والغرف المحصنة والمحمية، مع ورود أنباء، غير مؤكدة، أشارت إلى أن قصفًا إيرانيًا استهدف مطار بن غوريون، وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن نحو 30 صاروخًا إيرانيًا أُطلقت نحو إسرائيل خلال المرحلة الرابعة من عملية “الوعد الصادق 3”.
على الجانب الإيراني، أفادت وكالة “مهر” الإيرانية بـ”تفعيل أنظمة الدفاع الجوي في مدينة أهواز جنوب غربي البلاد للتصدي لهجمات معادية”، كما أعلنت إدارة الأزمات بمحافظة أذربيجان الشرقية في إيران أن “الدفاع الجوي لمدينة تبريز يتصدى بقوة لهجوم صهيوني”.
انفجاران هزا مدينة مشهد الإيرانية:
وقع انفجاران متزامنان عصر يوم الأحد في مدينة مشهد شمال شرق إيران، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من الموقعين. وأفاد شهود عيان، بحسب “وكالة أنباء فارس” الإيرانية، أنه حوالي الساعة 6:30 مساءً، بدأت الدفاعات الجوية عملياتها في منطقة شارع “17 شهريور” بمدينة “مشهد”، وبعد سماع دوي انفجار، تصاعد دخان كثيف في السماء، من جهة أخرى، اشتعلت النيران في مطار مشهد، وأشارت التقارير الأولية إلى وقوع انفجار داخله نتيجة استهدافه من قبل طائرات “الاحتلال الإسرائيلي”.
إيران نفت إرسال رسائل إلى إسرائيل وأعلنت اعتقال خلية للموساد:
نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، صحة التقارير التي تحدثت عن نقل طهران رسالة إلى إسرائيل عبر قبرص، مؤكدًا أن “إيران لم ترسل أي رسالة إلى إسرائيل عبر أي دولة”.
وفي سياق متصل، أعلنت قوى الأمن الداخلي الإيراني يوم الأحد عن اعتقال اثنين من عملاء الموساد الإسرائيلي في محافظة “البرز” غرب العاصمة طهران، ونقلت “وكالة أنباء فارس” عن المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي قوله إن “جهود جهاز استخبارات شرطة محافظة البرز أثمرت عن إلقاء القبض على أثنين من الخلية الإرهابية التابعة لجهاز الموساد”، مضيفًا أنه تم العثور بحوزة المعتقلين على “قنابل ومتفجرات وأفخاخ ومعدات إلكترونية” في وكر بمدينة ساوجبلاغ.
الولايات المتحدة وروسيا اتخذتا إجراءات احترازية:
سمحت وزارة الخارجية الأمريكية “بالمغادرة الطوعية لأفراد الأسر وبعض موظفي الحكومة الأمريكية غير الضروريين” من إسرائيل، وذلك في ظل التصعيد الأخير للصراع مع إيران، ووفقًا لشبكة “إيه بي سي” الأمريكية، قالت وزارة الخارجية، في إشعار صادر عنها، إن أمر البقاء في المنزل الذي كانت السفارة الأمريكية قد أصدرته لموظفيها في إسرائيل ساري المفعول “حتى إشعار آخر”.
وفي غضون ذلك، أعلن القسم القنصلي في السفارة الروسية بطهران عن تعليق عمله مؤقتًا “نظرًا للوضع الراهن”، الذي تمر به إيران.
موقف إيران من برنامجها النووي واتهاماتها لواشنطن:
جددت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية التزامها بتطوير التكنولوجيا النووية السلمية، مؤكدة أن “الأعمال العدائية الأخيرة من قبل الأعداء” لن تثنيها عن هذا المسار.
اتهم الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، الولايات المتحدة بالمشاركة في “العدوان الإسرائيلي” ضد إيران، مشيرًا إلى أن “الكيان الإسرائيلي لا يستطيع تنفيذ أي تحرك من دون إذن واشنطن”، وانتقد بزشكيان “صمت ودعم” الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، تجاه “الجرائم” التي ارتكبتها إسرائيل، وأكد أن بلاده لم تكن يومًا ساعية للحرب أو التصعيد العسكري، لكنه شدد على أن “أي استمرار للأعمال العدائية سيُقابل بردّ أقوى وأكثر حسمًا”.
إيران أكدت امتلاكها أسلحة متطورة لم تستخدمها بعد:
أفاد مصدر مطلع، نقلت عنه وكالة “أنباء فارس” الإيرانية، بأن إيران لم تستخدم أسلحتها المتطورة والاستراتيجية في العمليات الأخيرة، وأشار المصدر إلى القدرات الدفاعية والهجومية الإيرانية، مؤكدًا أن صواريخ “فاتح 2″، والجيل الجديد من صواريخ “سجيل”، وصواريخ “خرمشهر” التي يبلغ وزن رأسها الحربي طنين، هي من بين الأسلحة المتطورة التي خزنتها إيران لهجمات مستقبلية محتملة.
هل تنجح الدبلوماسية في إخماد نيران الصراع؟
مع كل صاروخ انطلق، وكل مسيرة حلقت، بدا أن المنطقة تتجه نحو المجهول، هذه الأحداث المتسارعة تشير إلى مرحلة جديدة أكثر خطورة، فهل تنجح الجهود الدبلوماسية في إخماد نيران الصراع، أم أن المنطقة كانت على موعد مع تصعيد لم يكن بالإمكان التنبؤ بعواقبه؟