مصر

الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة غينيا الاستوائية: رهانات مصر بين الماء والتكامل القاري

شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أعمال الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقي لمنتصف العام للاتحاد الإفريقي، والتي عقدت بمالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، وهو يحمل في جعبته عدة ملفات هامة على رأسها احتواء الخطر المائي، ودفع التكامل الاقتصادي عبر مشروعات حقيقية في النقل والطاقة والصناعة، وتعزيز مكانة مصر كمنصة تجارية ولوجستية قارية، مع تمكين الدواء والصناعات المحلية، كل ذلك مدعومًا بالشراكات البنكية والقارية ومبادرات المنطقة الحرة.

وحمل الرئيس بين يديه ملفات تختصر طموح أمة، وتترجم رؤية مصرية تستند إلى الجغرافيا والتاريخ، وتمضي صوب المستقبل بخطى محسوبة.

 

أولًا: سد النهضة.. عندما يكون الماء قضية وجود

 

لا يغيب عن الأذهان أن ملف سد النهضة ما يزال على رأس الأولويات المصرية. إذ يمضي السيسي في القمة مسلحًا برؤية أفريقية موحدة، يسعى من خلالها إلى تحريك المياه الراكدة، ليس في مجرى النيل فحسب، بل في الموقف القاري أيضًا. الهدف واضح: حشد دعم أفريقي لمطالبة إثيوبيا باتفاق قانوني مُلزم يضمن الحقوق المائية لمصر والسودان، دون الإضرار بمصالح إثيوبيا التنموية، فالقضية ليست صراعًا، بل دعوة للعدل والإنصاف في تقاسم نهر هو شريان الحياة.

 

ثانيًا: الربط القاري.. جسور فوق الخرائط

 

من منطلق الإيمان بأن وحدة القارة تمر عبر بنيتها التحتية، يضع السيسي مشروع الربط بين الدول نصب عينيه، سِكك حديدية، طرق سريعة، شبكات كهرباء، وربما قريبًا قنوات نقل نهري تربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط، في رؤية تهدف لتحويل إفريقيا من قارة مقطعة الأوصال إلى شبكة مترابطة من الفرص والتكامل. هذه ليست مجرد خطوط على الخرائط، بل شرايين حياة تضخ دماء التنمية في جسد القارة.

 

ثالثًا: الاستثمارات الكبرى.. من الشراكة إلى الريادة

 

تسعى مصر إلى ترسيخ شراكات استراتيجية مع البنوك الأفريقية ومؤسسات التمويل، لتكون منبرًا يحشد الطاقات نحو مشروعات كبرى، تعود بالنفع على الجميع. لا تقتصر الرؤية على حكومات، بل تتسع لتشمل القطاع الخاص وروّاد الأعمال، في بيئة تشجع الاستثمار وتحمي رؤوس الأموال، وتفتح آفاقًا جديدة في مجالات الزراعة، الطاقة، والسياحة.

 

رابعًا: تصدير الدواء.. صحة القارة من مصانع مصر

 

ينبع من قلب القاهرة طموح نبيل بأن تتحول مصر إلى مركز لتصنيع وتصدير الدواء في القارة السمراء. فرؤية السيسي تُركّز على تمكين الدول الأفريقية من الحصول على علاجات فعالة وبأسعار عادلة، عبر اتفاقيات تصديرية، ومصانع مصرية تُوطَّن داخل القارة، تصنع الأمل قبل أن تصنع الحبوب.

 

خامسًا: مصر بوابة إفريقيا إلى العالم

 

يستثمر الرئيس في الموقع الاستراتيجي الذي حبا الله به مصر، عند ملتقى القارات، ليكون ممرًا للتجارة، ومنصة للتوزيع، ومركزًا لوجستيًا يعيد رسم خارطة التبادل التجاري بين الشمال والجنوب. فالموانئ المصرية، من الإسكندرية إلى العين السخنة، ليست مجرد أرصفة، بل بوابات تعبر منها السلع والأفكار والفرص.

 

سادسًا: توطين الصناعات.. تنمية من قلب إفريقيا

 

يمضي السيسي نحو توطين الصناعات داخل مصر وفي عدد من الدول الشريكة، مستفيدًا من مناطق صناعية مخصصة، وحوافز استثمارية مشجعة، تعزز الإنتاج وتفتح أسواقًا جديدة. فالهدف ليس فقط تصنيع منتجات، بل بناء اقتصادات قادرة على المنافسة والتصدير في مجالات متنوعة من المعادن إلى الإلكترونيات.

 

سابعًا: التكنولوجيا والمناخ وتمكين الشباب

 

لا تغيب القضايا الناشئة عن أجندة مصر، إذ يدعم الرئيس ملف التحول الأخضر والطاقة النظيفة، إلى جانب تمكين الشباب الأفريقي، وتزويده بالمهارات الرقمية والمعرفية. فالرؤية تتجاوز الاقتصاد إلى بناء إنسان قادر على قيادة القارة في القرن الحادي والعشرين.

 

الرئيس عبد الفتاح السيسي في قمة غينيا الاستوائية ليس زائر رسمي فقط ، بل حامل لرؤية مصرية ترى في إفريقيا شريكًا لا ساحة نفوذ، وفي التحديات المشتركة فرصًا للنجاح الجماعي. إنها قمة الرهانات الكبرى، والفرص الأوسع، حيث تتحول الملفات إلى مشروعات، والطموحات إلى واقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *