عالم

الذكرى الثمانون لهيروشيما .. العالم يتذكر ويطالب بالسلام

في السادس من أغسطس 1945، استيقظت مدينة هيروشيما اليابانية على واحدة من أبشع لحظات التاريخ البشري، حين أسقطت طائرة أمريكية من طراز B-29، تُدعى “أينولا جاي”، القنبلة النووية “ليتل بوي”، التي حوّلت المدينة إلى كتلة من الدمار في لحظات معدودة.

تسبب الانفجار الفوري في مقتل ما بين 80 و140 ألف شخص، بينما توفي عشرات الآلاف لاحقًا متأثرين بالإشعاع القاتل، وظهرت معاناة الناجين، الذين أطلق عليهم اسم “هيباكوشا”، لعقود طويلة مع الأمراض المزمنة والسرطان والتشوهات.

بعد ثلاثة أيام فقط، تكرر المشهد المأساوي في ناجازاكي، ليُسدل الستار على الحرب العالمية الثانية باستسلام اليابان، لكنه فتح صفحة من الرعب النووي في تاريخ الإنسانية.

ومع حلول الذكرى الثمانين للقصف النووي، تحوّلت هيروشيما إلى مركز عالمي لاستذكار المأساة والتحذير من تكرارها.

شهدت المدينة هذا العام حضورًا واسعًا لأكثر من 55 ألف شخص من 120 دولة، بينهم ممثلون عن الأمم المتحدة ومنظمات السلام الدولية.

بدأت المراسم بدقيقة صمت عند الساعة 8:15 صباحًا، لحظة الانفجار التاريخية، أعقبها إطلاق حمائم السلام البيضاء وقراءة أسماء ضحايا جدد تم تسجيلهم خلال العام الماضي.

ألقى كازومي ماتسوي، رئيس بلدية هيروشيما، كلمة مؤثرة حذّر فيها من تصاعد الاعتماد على الأسلحة النووية كوسيلة ردع، مؤكدًا أن تجاهل دروس الماضي قد يقود العالم إلى كارثة جديدة.

كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى مضاعفة الجهود لإخلاء العالم من الأسلحة النووية، بينما وجه البابا ليو الرابع عشر رسالة قال فيها إن التسليح النووي “خيانة للإنسانية”.

اليوم، يبلغ متوسط أعمار الناجين أكثر من 86 عامًا، ويحرصون على نقل شهاداتهم للأجيال الجديدة قبل أن يرحلوا، مؤكدين أن ذاكرتهم الحية هي السلاح الأهم ضد النسيان.

ومع استمرار التوترات الدولية في مناطق مثل أوكرانيا والشرق الأوسط، تتصاعد المخاوف من تكرار الكارثة إذا استمرت الدول في اعتبار السلاح النووي أداة مشروعة للردع.

ورغم أن اليابان لم توقّع بعد على معاهدة حظر الأسلحة النووية (TPNW)، إلا أن مسؤوليها جدّدوا التأكيد على التزامهم بالدعوة إلى عالم خالٍ من السلاح النووي، بالتوازي مع تحالفهم الأمني مع الولايات المتحدة.

الذكرى الثمانون لهيروشيما ليست مجرد مناسبة لاستعادة مشاهد الدمار، بل نداء عالمي لإعلاء قيم السلام وتذكير بأن القوة التدميرية التي امتلكها البشر قبل ثمانية عقود ما زالت تهدد وجودهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *