اقتصادسلايدر

الحكومة لن تكرر الأخطاء السابقة| سعر الصرف المرن.. علاج الأزمة الاقتصادية

تجاوز سعر الدولار حاجز الخمسين جنيهًا، عقب تصريحات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي حول “تقلبات محتملة” في سعر الصرف قد تشهدها الفترة المقبلة. ورغم تأكيد الحكومة عدم وجود خطط لتعويم جديد أو تخفيض كبير في قيمة الجنيه، أثارت بعض المنشورات على مواقع التواصل مخاوف من تعويم وشيك، وهو ما نفاه مدبولي.

مدبولي يطمئن الشارع

وفي تصريحاته، حاول مدبولي طمأنة الشارع، قائلا إن سعر الصرف قد يشهد تقلبات في حدود 5 بالمئة خلال الفترة المقبلة، وهو ما اعتبره أمرًا طبيعيًا يعكس حركة العرض والطلب في السوق. وأوضح أن الحكومة لن تكرر الأخطاء السابقة، التي أدت إلى تعويم الجنيه وفقدانه نحو 40 بالمئة من قيمته في فترات سابقة. وأكد أن التمسك بتثبيت سعر الصرف في الماضي قد تسبب في أزمات اقتصادية دفعت البلاد في النهاية لاتخاذ قرار التعويم. وفي حال تحرك السعر في هذه النسبة، فإنه أقصى ارتفاع قد يسجله الدولار، سيكون في حدود 2 إلى 3 جنيهات، أي سيبلغ الدولار أكثر قليلا من 52 جنيها.

مدبولي شدد على أن حركة سعر الصرف تتأثر بعدد من العوامل العالمية والمحلية، موضحًا أن الزيادات المؤقتة في سعر الدولار، يجب ألا تكون مصدر قلق إذا كانت ضمن نطاق الـ بالمئة. وأشار أيضًا إلى أن ارتفاع الدولار يعود جزئيًا إلى تطورات خارجية مثل الانتخابات الأمريكية، التي عززت من قوة الدولار على مستوى العالم، بما في ذلك أمام الجنيه المصري.

توقعات ارتفاع الدولار بنسبة 40% غير صحيحة

من جانبه، علّق المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، على التوقعات التي تشير إلى ارتفاع الدولار مقابل الجنيه بنسبة تتراوح بين 30 و40 بالمئة، مؤكدًا أن هذه التوقعات لا تستند إلى أسس صحيحة. وأكد أن حركة سعر الجنيه ستظل في حدود 4-5 بالمئة طبقًا لآليات العرض والطلب.

وتتعرض الدولة لعدة تحديات اقتصادية في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية والمحلية. على الرغم من جهود الحكومة لتقوية الاقتصاد، لا تزال بعض العوامل تؤثر على الاستقرار النقدي. من أبرز هذه العوامل هو تراجع إيرادات قناة السويس، التي شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة تصل إلى 70 بالمئة بسبب التوترات السياسية في منطقة البحر الأحمر. إضافة إلى ذلك، تأثرت تحويلات المصريين العاملين في الخارج في بداية العام قبل أن تعود للارتفاع بعد قرار تعويم الجنيه في مارس 2024.

ويشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن التصريحات المتعلقة بتحركات الجنيه يجب أن تصدر عن البنك المركزي المصري باعتباره المسؤول الأول عن السياسة النقدية في البلاد. في هذا السياق، أوضح الدكتور مدحت نافع، عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد في جامعة القاهرة، أن تصريحات رئيس الوزراء يجب أن تؤخذ بحذر، لأنها لا تمثل السياسة النقدية الرسمية للبلاد. وأضاف أن حركة سعر الصرف تتحدد من خلال أدوات البنك المركزي والتحليل الاقتصادي العميق، وهو الجهة الوحيدة التي يمكنها تحديد النطاق السعري لحركة الجنيه بشكل دقيق.

كما أكد نافع أن التحرك في نطاق مرن لسعر الصرف يعد من الخيارات المقبولة دوليًا، خاصة إذا كان هذا التحرك محدودًا ضمن إطار ضيق. وشدد على أن الاقتصاد المصري بحاجة إلى تقليل اعتماده على الدولار الأمريكي من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتقوية الصناعة الوطنية، مما يساهم في تقليل الطلب على العملة الأجنبية.

وأشار إلى أنّ من أهم الأسباب التي تؤدي إلى زيادة ضغط الطلب على الدولار في السوق المحلية هو الاعتماد الكبير على الاستيراد، إلى جانب الدين الخارجي الكبير الذي يتطلب دفع فوائد وأقساط كبيرة. هذه العوامل تؤدي إلى زيادة الطلب على العملة الأجنبية، ما ينعكس سلبًا على قيمة الجنيه المصري.

كان البنك المركزي المصري، زاد تقديراته لقيمة الفوائد والأقساط المستحقة على مصر في 2025 إلى 22.4 مليار دولار، ما يعكس الضغوط المستمرة على الموارد المالية للدولة.

من جانب آخر، أشاد صندوق النقد الدولي بالإصلاحات التي نفذتها مصر في إطار برنامجها الاقتصادي، الذي يتضمن توحيد سعر الصرف. وأكد الصندوق أن مصر ملتزمة بنظام صرف مرن، ما يعزز استقرار الاقتصاد الكلي للبلاد. ويشمل برنامج قرض صندوق النقد الدولي، الذي تمت الموافقة عليه في 2022، حصول مصر على تمويل جديد بقيمة 1.3 مليار دولار، بهدف مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، بما في ذلك ارتفاع التضخم ونقص العملة الأجنبية.

ومع هذه التحديات، يرى الخبراء أن نظام الصرف المرن الذي تطبقه الحكومة يساهم في تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد المصري، ويسهم في الحد من الضغوط على الأصول الأجنبية. وتؤكد الحكومة أن هذا النظام لا يعني تعويمًا كاملاً، بل هو تحرك ضمن نطاق سعري مرن يتم تحديده وفقًا للظروف الاقتصادية العالمية والمحلية.

ورغم أن هذه التحركات قد تكون مؤلمة في البداية، يرى العديد من الاقتصاديين أنها ضرورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل. فإذا تمكنت الحكومة من تقليل الاعتماد على العملة الأجنبية وزيادة الإنتاج المحلي، فإن ذلك سيساهم في تقليل الضغط على الجنيه ويسهم في تحقيق التوازن في السوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *