
الحزمة التشريعية تُعرض على مجلس النواب في دور الانعقاد المقبل.. وخبراء: القرار أكثر ملاءمة للسوق المصري رغم عدالة “الأرباح الرأسمالية”.
في خطوة تستهدف تعزيز استقرار حصيلة الإيرادات من سوق المال وتحفيز بيئة الاستثمار، وافق مجلس الوزراء على استبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات الأوراق المالية المقيدة في البورصات المصرية بضريبة الدمغة، في ضوء ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماع ترأسه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين.
وأوضح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن ضريبة الدمغة ستطبق على جميع المتعاملين — سواء من المقيمين أو غير المقيمين — بما يضمن تبسيط آلية التحصيل وتعزيز يقين المستثمرين تجاه النظام الضريبي.
كما شهد الاجتماع مناقشة تعديلات مقترحة على ضرائب صناديق الاستثمار، بما في ذلك صناديق الاستثمار المباشر والصناديق العقارية وصناديق الذهب، بهدف جذب شرائح جديدة من المستثمرين وتنشيط بيئة الاستثمار في السوق المصرية. كذلك، ناقش الحضور تعديلات على قانون سوق رأس المال تهدف إلى تبسيط إجراءات عمل صناديق الاستثمار، وتوفير نماذج جديدة لهيكلتها، وتحفيز الشركات على القيد في البورصات المصرية.
ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن الحزمة التشريعية الكاملة، بما يشمل تعديلات قانوني الضرائب وسوق رأس المال، خلال شهر يوليو المقبل. وستُدرج ضريبة الدمغة على تعاملات الأوراق المالية على جدول أعمال مجلس النواب في دور الانعقاد المقبل، عقب الانتهاء من المشاورات الفنية بين وزارات المالية والاستثمار وإدارة البورصة بشأن الصيغة النهائية للقانون وتحديد النسبة المقترحة للتطبيق.
فخري الفقي: ضريبة الدمغة أكثر ملاءمة لسوق ناشئة مثل مصر
من جانبه، اعتبر الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن ضريبة الأرباح الرأسمالية تُعد من الناحية النظرية أكثر عدالة من ضريبة الدمغة، خصوصًا في الأسواق المتقدمة ذات البورصات الناضجة والمؤسسية، حيث تمثل تعاملات المؤسسات النسبة الأكبر من التداولات.
لكن الفقي لفت إلى أن الوضع في الاقتصادات الناشئة مثل مصر يختلف كليًا، إذ تظل أحجام التداول في البورصات محدودة للغاية مقارنة بالأسواق العالمية الكبرى. وأوضح: “حجم تعاملات يوم واحد في بورصة مثل نيويورك يعادل تعاملات البورصة المصرية خلال سنوات .
ورأى الفقي أن ما يناسب طبيعة السوق المصرية حاليًا هو تطبيق ضريبة الدمغة، رغم كونها أقل عدالة من ضريبة الأرباح الرأسمالية، نظرًا لما توفره من حصيلة مستقرة وعوائد أعلى لخزانة الدولة.
خبير ضرائب: يجب تحديد الهدف من العودة إلى ضريبة الدمغة
في السياق ذاته، شدد أحد خبراء الضرائب — فضل عدم ذكر اسمه — على أهمية تحديد هدف واضح من إعادة فرض ضريبة الدمغة، مع الحسم بشأن ما إذا كان هذا النظام الضريبي سيُطبَّق لفترة مؤقتة أم دائمة.
وأكد الخبير أن فرض الضرائب على البورصة — أو إلغاءها — ليس العامل الوحيد المؤثر في نشاط السوق، بل هو أحد العوامل بين عدة عناصر أكثر أهمية، يأتي في مقدمتها استقرار سعر الصرف، ومستوى معدلات التضخم، إلى جانب التوترات الجيوسياسية والأوضاع الاقتصادية العامة.
وأشار إلى أن معظم الدول الكبرى تطبّق ضريبة الأرباح الرأسمالية باعتبارها الأداة الضريبية الأكثر عدالة، مضيفًا: “ليس من المنطقي إخضاع الأنشطة الصناعية والتجارية للضرائب مع إعفاء تعاملات البورصة”.
كما ذكّر بأنه عند تطبيق ضريبة الدمغة لأول مرة في السوق المصري تم توقيع بروتوكول تعاون بين مصلحة الضرائب وهيئة سوق المال، بهدف تدريب وتأهيل الكوادر المختصة واكتسابها الخبرات اللازمة تمهيدًا لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية مستقبلًا.
واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أن سوق المال المصري “سوق عريق وله تاريخ كبير”، مشددًا على أنه من غير الملائم إعفاء تعاملاته من الضرائب تحت ذريعة تنشيط السوق.
جمعية الضرائب: 4 فوائد رئيسية لـ”الضريبة العمياء”
من جانبها، أكدت جمعية خبراء الضرائب المصرية أن مجتمع الأعمال — خصوصًا مستثمري البورصة — يترقب الإعلان عن الحزمة الجديدة من التعديلات الضريبية التي تشمل ضرائب صناديق الاستثمار المختلفة.
وقال المحاسب أشرف عبد الغني، مؤسس الجمعية، إن إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية واستبدالها بضريبة الدمغة (التي يطلق عليها المستثمرون “الضريبة العمياء”، لأنها تُحصَّل في حالتي المكسب والخسارة) يمثل نقطة تحول مهمة في السياسة المالية تجاه سوق المال.
وأشار إلى أن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية تم تأجيله 5 مرات على مدار 11 عامًا بسبب صعوبات تطبيقه وآثاره السلبية على السيولة، وهو ما دفع المستثمرين الأفراد إلى التخارج من السوق واللجوء إلى بدائل مثل الذهب والعملات.
ورصد عبد الغني 4 فوائد رئيسية لاستبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية بضريبة الدمغة:
1. زيادة السيولة في السوق: نظرًا لكون ضريبة الدمغة أبسط وأقل عبئًا، مما يعزز الطلب ويرفع حجم التداول.
2. دعم ثقة المستثمرين المحليين والأجانب: بما يُشجع على زيادة الاستثمارات في الأسهم، لا سيما مع تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وتراجع معدلات التضخم.
3. تهيئة السوق لبرنامج الطروحات الحكومية: إذ تستعد الحكومة لطرح 10 شركات في البورصة، بينها 4 شركات تابعة للقوات المسلحة.
4. مضاعفة حصيلة الدولة: حيث حققت ضريبة الدمغة في 2013 نحو 350 مليون جنيه عندما كان حجم التداول اليومي 500 مليون جنيه. ومن المتوقع أن ترتفع الحصيلة إلى 4.5 مليار جنيه سنويًا في ظل ارتفاع حجم التداول اليومي إلى 8 مليارات جنيه حاليًا.
ومن جانبه قال الدكتور جون سعد الخبير الضربيى ، إن الأساس فى أى معاملة ضريبية أن تكون بسيطة وسهلة وواضحة، ومع إعلان الحكومة فى السنوات الماضية اقرار ضريبة أرباح رأسمالية على المتعاملين فى البورصة المصرية، ظهرت عدة تساؤلات جادة حول كيفية تحصيل تلك الضريبة واحتساب الوعاء الضريبي.
وأضاف في تصريح خاص لـ البورصجية ،أن ملف فرض ضرائب على تعاملات البورصة استغرق على عدة سنوات لتحديد الخيار الأمثل، فضريبة الدمغة تتمير بسهولة التحصيل اليومي ولكنها تفرض على كافة العمليات سواء الخاسرة أو الرابحة، كما أنها قد تؤدى لتقليل حجم التعاملات اليومية فى السوق.
وأشار جون سعد إلى أن ضريبة الأرباح الرأسمالية تحقق العدالة فى فرض الضريبة على المستثمر الذى يحقق أرباحاً عن تعاملاته فى الأوراق المالية بنهاية كل عام، ولكن هناك صعوبة لافتة فى تحصيلها وتقييمها.
وأكد جون سعد أن الأهم فى المرحلة المقبلة هو استمرار النقاش الجاد بين الحكومة وممثلى سوق المال لتحديد النسبة الأمثل لضريبة الدمغة وضمان عدم تغولها لمستويات تهدد استقرار حجم التداول اليومي فى البورصة.
وأوضح أن الحل يمكن في تحديد نسبة ربع إلى نصف في الألف من حجم العملية لتكون قيمة ضريبة الدمغة، مع إعفاء تعاملات الشراء والبيع في ذات الجلسة.
وتوقع جون سعد أن تحقق الحكومة حصيلة سنوية من تطبيق ضريبة الدمغة بالبورصة تدور قرب 500 مليون جنيه في أول عام مالى للتطبيق.