سلايدرغير مصنفملفات وحوارات

الثانية في عامين.. هل تدفع “قضية الفساد” الجديدة وزير التموين نحو الاستقالة؟

أصبح وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، في موقفٍ لا يحسد عليه، بعدما أُلقِيَ القبضُ على مستشاره للرقابة والتوزيع مع 8 آخرين في قضية فساد كبرى، لتكون الواقعة الثانية التي تشهدها الوزارة في عهده، بعد الواقعة الأولى في عام 2018.

كانت مواجهة ساخنة جرت بين وزير التموين وعدد من أعضاء مجلس النواب في جلسة عامة، في يناير من عام 2021، بعد إلقائه بيانا أمام المجلس بشأن موقف الوزارة من تنفيذ برنامج الحكومة، حيث تطرق النواب في حديثهم عن ضرورة مواجهة الفساد ووقائع إهدار المال العام، وأوضحوا حينها أن هناك شبهة فساد في هيئة السلع التموينية بشأن علاقتها مع الموردين والتعاقدات التي تتم، وطالبوا وزير التموين بالتحقيق في الأمر.

لائحة اتهامات

وأجرت نيابة أمن الدولة العليا، الثلاثاء، تحقيقا مع مستشار وزير التموين لقطاع الرقابة والتوزيع و8 آخرين في قضية فساد بالوزارة، في 6 اتهامات هي: الفساد والرشوة واستغلال النفوذ وإهدار المال العام وحجب سلع واحتكار أخرى، وقررت حبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات.

المتهم الرئيسي، في هذه القضية هو “أ.م”، مستشار وزير التموين للرقابة والتوزيع، وبرفقته اثنان آخران، خرجوا من مبنى الوزارة مقيّدين بـ”الكلابشات”، بعد إثبات تورطهم بالصوت والصورة مع متهمين آخرين من محافظتي الجيزة والمنيا، في سرقة أموال الدولة والتلاعب بالأسعار.

وأفادت النيابة في بيانها، أن جهود أجهزة الدولة في التصدي لجرائم بيع السلع الاستراتيجية في السوق السوداء، أسفرت عن ضبط أطنانٍ من تلك السلع؛ ممثلة فى 590 طنًا من السكر، و54 طنًا من الزيت، 30 منها للزيت المصفى، و18 طنًا من الأرز، محجوبة عن المواطنين، لبيعها في تلك السوق بأسعار تفوق السعر الرسمي.

وفيما كشفت التحريات عن تطورات تستدعي توجيه اتهامات إلى آخرين في مديريات التموين بالمحافظات، شهدت التحقيقات اعتراف 4 متهمين -وسيط الرشوة- بتقديم مبالغ مالية إلى موظفين في الوزارة، كما أُجبر أحد المسؤولين على تقديم استقالته بسبب تحقيقات وتحريات تجريها النيابة في قضية أخرى متهم فيها 15 آخرون.

كما تُجرى التحقيقات مع عدد من مسؤولي الشركات الخاصة لارتكابهم جرائم تموينية بقصد الاستيلاء على المال العام، بعدما توفرت المعلومات والتحريات إلى وجود جرائم تتعلق بحجب سلعٍ واحتكار أخرى، بالإضافة إلى التلاعب في الأسعار.

وبحسب التحقيقات، كوّن المتهمون التسعة تشكيلًا عصابيًا لحجب السلع واحتكارها ورفع الأسعار، فضلًا عن الاستيلاء على المال العام، وذلك بالتزامن مع إفادة النيابة العامة، فى بيان لها، بتسليم نحو 590 طنًا من السكر لـوزارة التموين لبيعه بالسعر الرسمي، فى إطار مواجهة ظاهرة الاحتكار.

أزمة السكر

وتواجه البلاد حاليا ارتفاعا قياسيا في نسب التضخم مدفوعا بزيادة كبيرة في أسعار الغذاء، التي بلغت 71.4 بالمئة على أساس سنوي، كما تعاني أزمة في السكر الذي سجلت أسعاره ارتفاعا غير مسبوق، إذ تجاوز سعر الكيلو خمسين جنيها. على الرغم من أن إنتاج الدولة منه يكفي على الأقل 90 في المائة من الاستخدام، ومن ثم لا مبرر للأزمة التي تصاعدت على مدار الشهر الماضي بحسب تصريحات لرئيس شعبة السكر في غرفة الصناعات الغذائية في اتحاد الصناعات، حسن الفندي.

وفي أحدث محاولة لخفض الأسعار، أعلن مجلس الوزراء، في أكتوبر، عن اتفاق مع منتجي القطاع الخاص وتجار تجزئة على خفض أسعار المواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك السكر، بنسبة من 15 إلى 25 بالمئة بعد ارتفاع التضخم إلى مستوى قياسي، لكن الجهود لم تسجل نجاحا يذكر.

ويشدد الفندي على ضرورة وجود “رقابة صارمة على الأسواق، وهو ما نتوقعه خلال الفترة المقبلة خاصة مع ضبط قضية (الفساد) في (التموين)”.

ويقدر الإنتاج المحلي من السكر في مصر بنحو 2.8 مليون طن سنويا، فيما تسجل معدلات الاستهلاك 3.2 مليون طن، بفجوة 400 ألف طن سنويا، تعتمد فيها الدولة على الاستيراد بالتعاون مع القطاع الخاص، حسب بيانات رسمية.

واتخذت الحكومة المصرية قراراً في مارس الماضي بمنع تصدير السكر للخارج لمدة ثلاثة أشهر. وحسب إفادة رسمية، آنذاك “جاء ذلك لسد الحاجة المحلية أولاً”، كما وضعت الحكومة ضوابط للتصدير أهمها أن تكون الكميات التي يتم تصديرها فائضة عن الاحتياج المحلي وبموافقة وزارتي التموين والتجارة والصناعة.

واقعة سابقة

وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان، واقعة كبرى أخرى في شهر نوفمبر عام 2018 عندما أحال النائب العام، المستشار نبيل صادق، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق وآخرين إلى محكمة الجنايات لاتهامهم بطلب وتقاضي رشوة مقابل أداء وظيفتهم، وذلك بعد تحقيق نيابة أمن الدولة العليا.

وتعود أحدث القضية إلى شهر مايو 2018، عندما أوقفت ‏هيئة الرقابة الإدارية رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية ومدير مكتبه، ومستشار وزير التموين للإعلام والمتحدث الرسمي للوزارة، ومستشار الوزير للاتصال السياسي بمجلس النواب، لتقاضيهم رشى مالية تجاوزت مليوني جنيه من كبرى شركات توريد السلع الغذائية، مقابل إسناد أوامر توريد السلع إليها، وكذا تسهيل صرف مستحقاتها، وهي القضية التي أضيف للمتهمين فيها 4 رجال أعمال لاحقًا.

وبعد 17 شهرا من نظر الواقعة صدر الحكم بالسجن 10 سنوات على علاء الدين فهمي رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق، وآخرين.

الاستقالة الشهيرة

كما تعيد إلى الأذهان، بيان الاستقالة الذي لا يُنسى لوزير التموين السابق خالد حنفي، الذي كان أكبر مسؤول يخسر منصبه بعد فتح تحقيق في وقائع فساد تتعلق بتوريد القمح المحلي، في أغسطس من عام 2016، وذلك بعدما قال برلمانيون شكلوا لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في وقائع الفساد إن ما يزيد على مليوني طن أو 40 بالمئة من المحصول المحلي مفقودة.

وكان التحقيق حينها يدور حول استخدام ملايين الدولارات المخصصة لدعم المزارعين لشراء كميات وهمية من القمح، ليستقيل الوزير في بيان تلاه على شاشة التلفزيون الرسمي قائلا “أعلن عن تركي موقعي لكي تختار الدولة من يتحمل ويكمل مسيرة العطاء والإصلاح”.

جدير بالذكر أن هذه التطورات تأتي بعد إقالة أيمن حسام الدين رئيس جهاز حماية المستهلك، في ظل أحاديث عن إقالته بسبب قصور أداء الجهاز فيما يتعلق بممارسة الرقابة على التجار وضبط الأسعار، وهي إقالة أشاد بها النائب محمد عبد الرحمن راضي، أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومي، بمجلس النواب، معتبرا أنّ القرار “وإن كان متأخرا، فقد جاء في توقيت مناسب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *