عالم

الاقتصاد منخفض الكربون.. توجه عالمي يواجه تحديات التحول والتكلفة

 

في طريقها لتنفيذ إصلاحات كلية وهيكلية باقتصادها، دعمت مصر الأطر السياسية والتشريعية أنشطة الاقتصاد الدائري بأشكال مختلفة، إذ عملت على تعزيز ممارساته، باعتباره توجهًا عالميًّا نحو تحقيق أهداف اقتصاديات مستدامة في الموارد، وخفض انبعاثات الكربون، الأمر الذي عززته بخطة العمل الوطنية للاستهلاك والإنتاج المستدامين، واستراتيجية النمو المستدام والأخضر “كجزء من استراتيجية التنافسية المستدامة في مصر”، والبرنامج الوطني لإدارة النفايات الصلبة، والمبادرات الوطنية والوعي بأهمية وقيمة المفهوم الشامل للاقتصاد الدائري.

 

توجه عالمي

 

ويعتبر انتقال الطاقة إلى عالم منخفض الكربون، أمرًا ضروريًا لتحقيق المستهدف بالوصول إلى انبعاثات صافية صفرية بحلول عام 2050، وهو ما يُفسر التوجه نحو الحد من غازات الاحتباس الحراري.

 

ويرتكز الاقتصاد منخفض الكربون إلى على مصادر الطاقة التي تنتج مستويات منخفضة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وانبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري، والتي تمثل الأسباب الرئيسية لتغير المناخ الملحوظ منذ منتصف القرن العشرين.

 

ويتوقع الخبراء والمعنيون أن يؤدي الانبعاث المستمر لغازات الاحتباس الحراري إلى تغيرات طويلة الأمد حول العالم، مما يزيد من احتمالية حدوث تأثيرات شديدة وواسعة الانتشار على سكان كوكب الأرض والنظم البيئية، الأمر الذي يستدعي التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون على نطاق عالمي، ما يضمن جلب فوائد كبيرة لكل من البلدان المتقدمة والنامية على حدٍ سواء.

 

تحديات الموارد الطبيعية

 

وقالت كارول نخلة، الرئيسة التنفيذية لشركة “كريستول إنرجي”، خلال مقالها على موقع “GIS Reports” الاقتصادي العالمي، إن هذا الانتقال من شأنه تحفيز الطلب بشكل غير مسبوق على بعض المواد الأكثر أهمية المستخدمة في توليد الطاقة المتجددة وتخزينها، بما في ذلك الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وتخزين البطاريات والمركبات الكهربائية وكابلات الكهرباء والتقنيات والبنية التحتية الخضراء، مشيرة إلى أن تلك التقنيات والأدوات تعتمد جميعها بشكل كبير على مجموعات مختلفة من المعادن.

 

وأضافت: “للإبقاء على الاحتباس الحراري أقل من درجتين مئويتين، سنحتاج إلى إنتاج الجرافيت والليثيوم والكوبالت بحلول عام 2050، بزيادة أكثر من 450% عن مستويات 2018، مؤكدة أن هذه الزيادة ستساهم فقط في تلبية الطلب من تقنيات تخزين الطاقة.

 

ولفتت “نخلة” إلى أنه بحلول عام 2030، سيتعين تشغيل ما لا يقل عن 300 منجم جديد لمواد مثل الكوبالت والنحاس والجرافيت والليثيوم والنيكل والعناصر الأرضية النادرة والفاناديوم وغيرها، مؤكدة أن هذه المهمة ليست سهلة، خاصة بالنظر إلى الفاصل الزمني بين تخصيص رأس المال وتطوير المنجم وبدء الإنتاج، وهو ما قد يستغرق 10 سنوات أو أكثر.

 

الهيدروجين منخفض الكربون

 

وحسب ما جاء في تقرير لمجموعة ARC للاستشارات التقنية، فإن الهيدروجين يعد أحد أنواع الوقود كثيف الطاقة النظيفة، ويمكنه أن يعمل على تشغيل نفس أنواع الآلات التي تعمل بالوقود الأحفوري، بما في ذلك المحركات والتوربينات الغازية، بالإضافة إلى خلايا الوقود المولدة للطاقة الكهربائية، والمراجل لتوليد البخار، أو أجهزة تدفئة المباني وغيرها.

 

وأشارت إلى أنه يمكن للهيدروجين منخفض الكربون أن يحل محل الهيدروجين الرمادي، ومن ثم الاستفادة من الانخفاضات المصاحبة لذلك على مستوى الغازات الدفيئة، وأوضحت أنه يتم إنتاج معظم الهيدروجين الذي نصنعه اليوم من خلال عملية إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار.

خيارات الهيدروجين

 

وتتضمن خيارات الهيدروجين التي تستهدف تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة ما يسمى بالهيدروجين الأزرق، والذي يأتي نتاج إعادة تشكيل الغاز بالبخار، مع احتجاز الكربون وتخزينه، فضلًا عن خيار الهيدروجين الأخضر، المصنوع من التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة النظيفة.

 

ورأت المجموعة الاستشارية أن كلا الخيارين لهما تحديات تتعلق بالتكلفة والتعقيد، كما أن تكلفة المحركات الجديدة وخلايا الوقود والغلايات وتغييرات العملية الصناعية للتحول إلى الهيدروجين لا تزال تواجه صعوبات مختلفة، وهو ما يعني أن إجراء الانتقال سيكون مكلفًا.

 

وقالت: لن يكون من السهل على المصافي أو مصانع الأمونيا (المستهلكون الرئيسيون للهيدروجين اليوم) التحول إلى الهيدروجين الأزرق أو الأخضر، لذلك من المتوقع أن تكون التحديات شاقة.

 

ويتميز الهيدروجين الأزرق بانخفاض انبعاثاته مقارنة بالهيدروجين الرمادي، وذلك إذا تم أخذ انبعاثات الميثان في الاعتبار، حيث تخرج الهيدروجين الأزرق 486 جرم من ثاني أكسيد الكربون / كيلو وات ساعة، مقابل 550 جرام من ثاني أكسيد الكربون / كيلو وات ساعة.

 

وإجمالًا، بدا من الواضح خلال السنوات القليلة الماضي، النمو السريع لسوق الهيدروجين منخفض الكربون، إلا أنه ثمّ بعض التحديات في التحول إلى هذا النمط الاقتصادي النظيف، تتمثل في آلية تطوير الإنتاج الجديد والتوزيع والأجهزة والعمليات الجديدة التي ستستخدم الهيدروجين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *