سوق المال

الاقتصاد المصري يستعيد توازنه: نمو مطرد واستثمارات أجنبية قياسية

سجلت مصر نموًا اقتصاديًا بنسبة 3.5% خلال الربع الأول من العام المالي 2024/2025، مقارنة بـ 2.7% في الفترة نفسها من العام السابق، في تحول لافت يؤكد قدرة الاقتصاد المصري على التعافي، وسط تدفق استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 46.1 مليار دولار خلال عام واحد، بحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية والتجارة النيوزيلندية في مايو 2025 تحت عنوان “تحديث الاقتصاد المصري 2025”.

وأوضح التقرير أن قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه في مارس 2024 أدى إلى استقرار سوق الصرف، مع ثبات نسبي للجنيه عند مستوى 50 جنيهًا للدولار، وإغلاق السوق الموازية.

بدأت الحكومة المصرية تنفيذ حزمة إصلاحات مالية ونقدية تستهدف تحفيز الاستثمار، تشمل تبسيط الإجراءات الضريبية، وتسريع الإفراج الجمركي، وخفض تكاليف التشغيل، ويسعى صانعو السياسات إلى تحويل مصر إلى اقتصاد يقوده التصدير، مستفيدين من الموقع الاستراتيجي للدولة بين أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.

وفي هذا السياق، رحب صندوق النقد الدولي خلال مراجعته الرابعة لبرنامج القرض البالغ 8 مليارات دولار، بالإصلاحات الأخيرة، مؤكدًا ضرورة تسريع جهود الخصخصة وتقليص هيمنة الدولة على الاقتصاد لإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص ليقود النمو.

أشار التقرير إلى انخفاض معدل التضخم السنوي من 23% في يناير إلى 12.5% في فبراير 2025، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2022، نتيجة لتشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة بواقع 6%. وقد انعكس هذا التحسن على التصنيف الائتماني لمصر، حيث ثبتت “ستاندرد آند بورز” تصنيفها عند B-/B مع نظرة إيجابية، فيما رفعت “فيتش” تصنيفها إلى B.

كما أبرز التقرير النيوزيلندي فرصًا استثمارية واعدة في عدة قطاعات داخل مصر وهي: قطاع الإنشاءات ومواد البناء، حيث بلغ حجم واردات الحديد والصلب في 2023 نحو 4 مليارات دولار، وتشكل مواد البناء 18.2% من إجمالي الواردات في النصف الأول من 2024، وقطاع التكنولوجيا الزراعية، فمع مساهمة الزراعة بـ11% من الناتج المحلي وتوفيرها لما يقارب 28% من الوظائف، تسعى مصر إلى تبني حلول ذكية لمواجهة تحديات ملوحة التربة ونقص المياه، وقطاع التعليم، فهناك طلب متزايد على أنظمة تعليمية حديثة تدمج الذكاء الاصطناعي وتركز على قياس الأداء والتعلم الشامل.

تحديات قائمة وآمال مستقبلية

 

في حين تتوقع مجموعة البنك الدولي نمو الاقتصاد بنسبة 4.2% في العام المالي 2025/2026، يبقى العجز الجاري تحديًا رئيسيًا في ظل ارتفاع فاتورة واردات الطاقة، كما تسعى الحكومة إلى خفض الدين الخارجي إلى أقل من 80% من الناتج المحلي بحلول 2027.

إلا أن استمرار الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر أدى إلى تراجع عائدات قناة السويس بمقدار 800 مليون دولار شهريًا، مما يزيد من الضغوط على الموازنة العامة. ويحذر التقرير من مخاطر التباطؤ في الإصلاحات الهيكلية، والتحديات الأمنية الإقليمية، وتقلبات أسعار السلع العالمية.

وتستهدف مصر مضاعفة إيرادات السياحة إلى 30 مليار دولار سنويًا بحلول نهاية العام المالي الحالي، إضافة إلى خطط للتحول إلى مصدر صافٍ للغاز الطبيعي المسال بحلول 2027، بدعم من استثمارات خليجية متزايدة في البنية التحتية والطاقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *