يتزايد اليوم السبت القلق حيال وضع المرضى المُحاصرين في مستشفى ناصر بخان يونس في غزّة والذي اقتحمه جيش الاحتلال الإسرائيلي وزعم أنّه عثر فيه على أسلحة و “إرهابيّين”، فيما ندّدت حركة حماس باستشهاد عدد كبير من المرضى.
وقالت وزارة الصحّة في غزّة، إنّ التيّار الكهربائي انقطع وتوقّفت المولّدات بعد مداهمة مستشفى ناصر في مدينة خان يونس بجنوب القطاع، ما أدّى إلى وفاة خمسة مرضى.
قتال عنيف قرب المستشفى
في الأيّام الأخيرة، اندلع قتال عنيف قرب المستشفى، أحد المرافق الطبّية الرئيسية التي لا تزال في الخدمة في القطاع.
وأضافت الوزارة أنّها تخشى على حياة سبعة مرضى آخرين، محمّلةً قوّات الاحتلال “مسؤوليّة” الوفيات.
ووفقًا لها، لا تزال هناك خمسة فرق طبّية مسؤولة عن 120 مريضًا موجودة في مبنى بالمستشفى، بلا كهرباء أو مياه أو طعام أو أكسجين. وأشارت الوزارة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يمنع إجلاء المرضى من ذوي الحالات الحرجة.
مزاعم إسرائيلية
ومساء الجمعة، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي على تليجرام أنّه عثر على قذائف هاون وقنابل وأسلحة أخرى تابعة لحماس، وإنّه اعتقل “عشرات” المشتبه فيهم داخل المستشفى، بينهم “أكثر من 20 إرهابيًّا شاركوا في مجزرة 7 أكتوبر”.
تعتقد إسرائيل أنّ نحو 130 شخصاً ما زالوا محتجزين في غزّة بعد الهجوم الذي شنّته حماس في 7 أكتوبر وأسفر عن مقتل نحو 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة “فرانس برس” تستند إلى أرقام إسرائيليّة رسميّة.
وأُفرج عن عشرات الرهائن الذين احتُجزوا خلال الهجوم وقُدِّر عددهم بنحو 250 محتجزا، في مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيّين خلال هدنة استمرّت أسبوعًا في نوفمبر. وتُرجّح إسرائيل مقتل 30 من الرهائن الذين ما زالوا في غزّة.
من ناحية أخرى، استشهد ما لا يقلّ عن 28775 شخصًا، معظمهم نساء وأطفال، في الهجوم الإسرائيلي على غزّة، وفق وزارة الصحّة الفلسطينية.
اتهامات إسرائيلية متكررة
واتّهمت إسرائيل مرارًا حماس باستخدام المستشفيات لأغراض عسكريّة، وهو ما تنفيه الحركة.
وضع لا يمكن تحمّله
وزعم جيش الاحتلال، الجمعة، أنّ قوّاته عثرت على أدوية كُتِبت عليها أسماء محتجزين في مستشفى ناصر.
وشدّد جيش الاحتلال على أنّه بذل كلّ الجهود للحفاظ على تغذية المستشفى بالكهرباء، وقال في بيان إنّ قوّاته “عملت على إصلاح المولّد، في حين أحضرت قوّات خاصّة مولّدًا بديلًا إلى المستشفى”.
وذكر أيضًا أنّ كلّ الأنظمة الحيويّة في المنشأة استمرّت في العمل.
لكنّ أطبّاء وصفوا وضعًا لا يمكن تحمّله في هذا المستشفى الواقع في مدينة استحالت ساحة خراب تُحيط بها المعارك.
ووفقًا لمنظّمة الصحّة العالميّة، فإنّ مستشفى ناصر، وهو واحد من 11 مستشفى لا تزال مفتوحة من أصل 36 مستشفى في قطاع غزّة قبل الحرب، بات “بالكاد يعمل”.
وقال المتحدّث باسم المنظّمة طارق يساريفيتش خلال مؤتمر صحفي الجمعة في جنيف، إنّ “مزيدًا من الأضرار بالمستشفى يعني فقدان مزيد من الأرواح”، مطالبًا بأن يُتاح للمنظّمة الوصول إلى المجمّع الطبّي في شكل عاجل.
وأضاف “المرضى والعاملون الصحّيون والمدنيّون الباحثون عن ملاذ لهم في المستشفيات يستحقّون الأمان وليس الدَّفن في هذه الأماكن المخصّصة للعلاج”.
ويُكثّف المجتمع الدولي دعواته لثني إسرائيل عن شنّ هجوم في مدينة رفح جنوب القطاع المكتظّة، حيث يحتشد نحو مليون ونصف مليون مدني عند الحدود المغلقة مع مصر.
وعبّر الاتّحاد الأوروبّي الجمعة عن “قلقه الشديد” في هذا السياق، حاضًّا إسرائيل على “عدم شنّ عمل عسكري في رفح من شأنه أن يُفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلًا”.
ودعا بايدن إلى “وقف موقّت لإطلاق النار” في قطاع غزّة، قائلًا “آمل في ألا يُقدم الإسرائيليّون على غزو برّي واسع النطاق”.
عواقب كارثية لاجتياح رفح
وأعرب القادة الفلسطينيّون والأمم المتحدة وعدد كبير من الدول عن القلق إزاء العواقب الكارثيّة لهجوم كهذا على السكّان، مبدين خشية من أن يؤدّي ذلك إلى جيل جديد من اللاجئين لن يكون لهم أيّ أمل لهم بالعودة.
لكنّ وزير الخارجيّة الإسرائيلي أكّد مجدّدًا عزم بلاده على تعقّب عناصر حماس. وشدّد على أنّه “إذا اعتقد زعيم حماس في غزّة يحيى السنوار وقتلة حماس أنّه يمكنهم إيجاد ملاذ لهم في رفح، فهذا لن يحدث”، قائلًا “سنوفّر للمدنيّين مناطق آمنة إلى حيث يمكنهم الذهاب وسنتعامل مع حماس.