
شهد سعر صرف الجنيه مقابل الدولار تقلبات دراماتيكية خلال أسبوع في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية بالمنطقة على أثر الحرب الإسرائيلية الإيرانية وانعكاساتها السلبية على المنطقة والعالم.
ارتفع سعر الدولار 2% مقابل الجنيه في بداية أول عمل بالأسبوع الأحد الماضي ليقترب سعر صرف الدولار عند 51 جنيها لكل دولار من 49.82 جنيه يوم الأربعاء قبل الماضي بسبب اتجاه بعض من المستثمرين الأجانب لصافي خروج من الأسواق الناشئة ومنها مصر من أذون وسندات الخزانة لصالح الملاذات الآمنة الذهب والدولار، وفق ما قاله مصرفيون لـ”البورصجية”.
لكن عاد الدولار للتراجع مجددا من مستوياته المرتفعة بعد توقف الخروج الجزئي للمستثمرين الأجانب ودخول استثمارات جديدة، في ظل استقرار الأوضاع بمصر، وفق ما قاله مصرفيون.
الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين يعد من أحد موارد النقد الأجنبي غير المباشرة لكن تتسم بالمخاطر المتزايدة بسبب سهولة خروجها وتبعاتها السلبية على سعر الصرف.
وبسبب زيادة الضغوط الواقعة من خروج جزئي أو جماعي للاستثمار الأجنبي غير المباشر على أسعار الصرف يطلق عليه الأموال الساخنة وتتباين تداعياته من دولة إلى أخرى حسب فجوة النقد الأجنبي التي تعاني منها.
جذبت مصر أموال ساخنة بنحو 25 مليار دولار ليصل إجمالي حجم المحفظة إلى أكثر من 38 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، وفق بيانات البنك المركزي.
وقال محمد بدرة الخبير المصرفي، إن تحرك سعر الصرف صعودا وهبوطا يعد مؤشر ثقة أمام المستثمرين في التزام البنك المركزي بسعر صرف مرن للجنيه يتحكم فيه العرض والطلب من النقد الأجنبي.
وأوضح أن ضغط خروج الأجانب يوم الأحد تحت مخاوف تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران أدى إلى ارتفاع الدولار مقابل الجنيه وبعد هدوء الخروج عاد للانخفاض مجددا.
وسياسة سعر الصرف المرن التي يتبعها البنك المركزي تعني أن العامل الوحيد في تحديد قيمة الجنيه مقابل الدولار وباقي العملات الأجنبية الأخرى تقوم على العرض والطلب دون تدخل من المركزي فعند زيادة الطلب على العملة أكثر من العرض يؤدي إلى ضعف الجنيه أو العكس.
ضغط الدولار في الإنتربنك
تزايدت حدة الطلب على الدولار في إلانتر بنك- سوق بيع وشراء الدولار بين البنوك يشرف عليها البنك المركزي المصري- بسبب تمويل خروج جزئي للأجانب وهو ما أدي إلى زيادة سعر صرف الجنيه.
حصيلة تعاملات “الإنتربنك” في مصر سجلت خلال أول 4 أيام عمل للبنوك الأسبوع الماضي نحو 2.2 مليار دولار ووصلت للذروة الأحد عند 800 مليون دولار قبل أن تبدأ في التراجع مجددا.
حجم تعاملات الإنتربنك في الأيام الاعتيادية يتراوحبين 150 و 250 مليون دولار .
انتعاش تدفقات النقد الأجنبي
انتعشت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، ثاني أكبر مورد للنقد الأجنبي بعد الصادرات على مصر، خلال آخر 15 شهرا بعد توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء لتجارة العملة في مارس 2024.
وقفزت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى مستوى تاريخي غير مسبوق 82.7% خلال أول 9 أشهر من العام المالي الحالي “يوليو إلى مارس” إلى نحو 26.4 مليار دولار مقابل نحو 14.4 مليار دولار بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي.
تراجع ضغوط الدين الخارجي
تري سهر الدماطي الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر سابقا، إن تراجع عبء خدمة الدين الخارجي خلال 2025 سيكون عاملا مساعدا في تخفيف الضغط على الدولار وتحسن أداء الجنيه بجانب انتعاش تدفقات النقد الأجنبي.
وترجح الدماطي أن يتراوح سعر صرف الجنيه مقابل الدولار عند 49.5 جنيه و50 جنيها لكل دولار خلال العام الجاري.
تراجع عبء الدين
تراجع عبء خدمة الدين الخارجي على مصر من نحو 40 مليار دولار خلال 2024 إلى نحو 22 مليار دولار خلال 2025، وفق آخر بيانات للبنك المركزي.
ويعني تراجع عبء خدمة الدين تخفيف الضغوط على طلب العملة لسداد مستحقات على مصر حان وقت سدادها.
تدفقات مرتقبة
وتوقعت الدماطي أن يساهم استلام مصر الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي في تخفيف الضغوط على الجنيه.
كان أحمد كجوك وزير المالية قال في وقت سابق إن مصر ستتسلم الشريحة الخامسة 1.2 مليار دولار من قرض صندوق النقد الدولي في يوليو المقبل بعد اعتماد المراجعة الخامسة من الرؤساء التنفيذيين لصندوق النقد.
كما تترقب مصر استلام الشريحة الثانية بقيمة 4 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم الاقتصاد الكلي لمصر وعجز الموازنة خلال العام الحالي.